"نوبتك في الشقا"... أيام الكاريكاتير النسائي للدفاع عن حقوق المرأة المغربية

تجسد اللوحات المعروضة ضمن فعاليات معرض أيام الكاريكاتير النسائي الذي نظم في مدينة الدار البيضاء، تحت عنوان "نوبتك في الشقا" أي (دورك في الأعمال المنزلية) صوراً نمطية سائدة عن النساء في المجتمع المغربي، ويدعوا إلى تحقيق المساواة بين الجنسين.

حنان حارت

المغرب ـ أطلقت جمعية "حبر" معرض أيام الكاريكاتير النسائي بمدينة الدار البيضاء في المغرب، في 15 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي يستمر حتى 15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وقدم المعرض 60 لوحة عملت عليها 15 فنانة تتويجاً لبرنامج زمالة في الكاريكاتير النسائي، الذي استفادت منه مجموعة من الشابات المغربيات.

 

المساواة بين الجنسين

تناقش الرسامة المشاركة في المعرض سمراء دكاك أمام طلبة التدريب المهني عدداً من الرسوم الكاريكاتيرية المعروضة في القاعة، وتتبادل النقاش مع باقي الحضور حول المواضيع التي تتناولها الرسومات والتي تصب في مجملها حول المساواة بين الجنسين.

وعن المعرض تقول سمراء دكاك أن "معرض أيام الكاريكاتير النسائي الذي يحمل عنوان "نوبتك في الشقا" أي دورك في الأعمال المنزلية؛ يسلط الضوء على معاناة المغربيات والمطالبة بالمساواة بين الجنسين".

وأضافت "نعلم أن الأسرة هي النواة الأولى التي تنتج وتساهم في تكوين مجتمع صالح وسوي، وحينما تكون التربية مبنية على التمييز وعدم المساواة فإن الكثير من الآثار السلبية تترتب على الأبناء، لهذا جاءت هذه المبادرة، فمن خلال الفن الكاريكاتيري سيتم إيصال الرسائل للشباب بشكل سلس، وجعلهم كذلك ينخرطون بدورهم في مسألة الدفاع عن حقوق النساء".

وبينت سمراء دكاك أنه "نود أن نزرع لدى هؤلاء الشباب قيم التعاون والود بين الجنسين، فهناك من يعتقد أن الدعوة إلى المساواة هي فتح الباب على مصراعيه أمام النساء، وبالتالي التنصل من مسؤوليتها وترك العبء والحمل على الرجل فقط، لكننا نريد مساواة بين الجنسين قائمة على التكامل وحتى تتمكن المرأة من التعبير عن نفسها، ويساهم الرجل إلى جانب المرأة في تربية الأبناء وفي أعمال المنزل".

وأكدت أن "المبادرة هدفها تسليط الضوء على الصعوبات التي تعاني منها النساء سواء كن ربات بيوت أو موظفات أو أخوات، ونعمل على تحضير جيل من الرسامات في فن الكاريكاتير ونسعى إلى مساعدة النساء على رصد واقعهن".

 

 

حلم يتحقق

سمية البيضاوي وهي إحدى المشاركات في المعرض، قبل ولوجها هذا المجال كانت تبحث عن فرصة لخوض غمار التدريب، فقادها البحث إلى إعلان عن زمالة لتدريب النساء في هذا الفن، فبعثت بطلب المشاركة، فتم قبولها لتحقق حلمها في مجال يعرف غياب المرأة.

وأشارت إلى أنها خضعت لتدريب دام ستة أشهر تعرفت خلالها على آليات العمل وهي اليوم تعمل على تدريب الطلبة "فن الكاريكاتير هو رسم ساخر ويحاول الرسام/ة إظهار تحريف للملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، بهدف السخرية أو النقد".

وأوضحت أنه "منذ انطلاق المعرض نحاول الوصول إلى فئات كبيرة من الشباب والطلبة، بهدف إعطائهم فرصة للتعبير عما يخالجهم وكيف ينظرون لمسألة المساواة، وكيف يمكن التعبير عن ذلك من خلال رسومات كاريكاتورية، ندع لهم المجال من أجل التعبير وتجسيد رسومات لبعث رسائلهم للمجتمع".

وحول كيفية إشراك الطلبة في مسألة الدفاع عن حقوق النساء تقول سمية البيضاوي "الحقوق تنتزع ولا تمنح، والتوعية بهذه المسألة خاصةً لدى فئة الشباب يتطلب مجهوداً كبيراً لهذا جاءت فكرة معرض أيام الكاريكاتير النسائي والتركيز على قضية المساواة، بهدف إشراك الشباب لتكسير الصور النمطية التي في أذهان البعض عن المرأة، ونترك لهم الخيار في التعبير عن أفكارهم حتى نفهم كيف ينظرون لقضية المساواة بين الجنسين".

وأشارت إلى أن "هناك من يرى أن المرأة مكانها البيت فقط، لهذا ننظم المعرض تحت عنوان "نوبتك في الشقا" لإيصال رسالة مفادها أن أعمال البيت لا ترتبط بالنساء فقط، وإنما هي مشتركة بين الجنسين، وأن النساء باستطاعتهن اقتحام سوق العمل، وأنه ليست هناك مهنة حكراً على الرجال".

وفي ختام حديثها قالت سمية البيضاوي "من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين يجب أولاً أن نمهد الطريق للمرأة حتى تتمكن من فرض ذاتها في المجتمع وتستطيع كسر جدار الصمت".

 

 

قوالب نمطية

من جهتها قالت مديرة مركز التوجيه الوظيفي نادية عبيدي إن "الشراكة التي قمنا بها مع الجمعية الهدف منها هي تلقين الطلبة كيفية تفعيل المساواة بين الجنسين، والدفع بهم نحو تغيير نظرتهم تجاه المرأة، ومحاربة كل الصور النمطية وكسر التفكير التقليدي الذي يضع المرأة ضمن قوالب نمطية قائمة على التمييز".

وأكدت على أهمية المبادرة في التوعية بحقوق النساء عبر تنظيم ورشات توعوية لفائدة التلاميذ/ات في المؤسسات التعليمية، مشيرةً إلى أن تسخير فن الكاريكاتير لإيصال الرسائل هو فكرة جيدة.

وعن وضعية المرأة المغربية تقول "الوضعية تحسنت مقارنةً مع ما عاشته أمهاتنا وأجدادنا، هناك العديد من الأمور تغيرت، لكن لا تزال هناك أموراً يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين".

وأشارت إلى أنه "ما دامت المرأة المغربية اقتحمت سوق العمل، يجب على الرجل تقاسم أعمال البيت معها، لهذا فدور هذه الورشات هو توعية الشباب بهذه الأمور، وبأن المرأة ليست عاملة داخل البيت بل كلنا مسؤولون عن الأعباء المنزلية".

وأوضحت أنه "يجب أن تتاح للمرأة إمكانيات من أجل أن يكون لديها وقت كافٍ لتطوير الجانب الاجتماعي والعملي لديها، فهناك بعض العوائق التي تمنعها من تحقيق ذاتها في العمل، كالأنشطة التي لا يمكن حضورها لأنها تقام في ساعات متأخرة، والنظرة السلبية للمجتمع التي تلاحقها إذا ما تأخرت في الدخول للبيت، فكل هذه الأمور تجعلها بعيدة عن العديد من الأنشطة المرتبطة بالعمل، لهذا نحن بحاجة إلى تغيير العقليات ثم مراعاة الجوانب الاجتماعية والمسؤوليات الأسرية للمرأة، ووضع استراتيجيات من أجل مساعدتنا كنساء على التواجد والحضور والانخراط بشكل فعلي في سوق العمل".

 

 

مشاركة الأعمال

وبدورها قالت إحدى الطالبات المستفيدات من الورشة صابرين محبوب (20 عاماً) "موضوع المساواة بين الجنسين مهم، ولقد تفاعلت بشكل جيد مع ما قدم لنا من شرح ومعلومات حول فن الكاريكاتير، وحاولت ترجمة ما تعلمته على شكل رسومات كاريكاتورية ساخرة أبين من خلالها مدى استيعابي لموضوع الورشة".

وأشارت إلى أن "حق المرأة لا يزال مهضوماً، فالمجتمع يضغط بشدة عليها سواء في البيت أو في العمل، يجب أن يكون هناك تشارك بين الجنسين بخصوص؛ فكافة أفراد الأسرة مطالبين بمساعدة بعضنا البعض، وتستطيع النساء تحقيق أهدافهن في المجتمع".

ويستمر المعرض في استقبال ضيوفه إلى منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر، عبر إطلاق مجموعة من الأنشطة، التي تهدف إلى تنمية وعي الشباب والشابات بأهمية المساواة بين الجنسين ومساهمتهم المتساوية في النهوض وتنمية المجتمع.

يشار إلى أن هذه الأيام تأتي في إطار النسخة الثانية من زمالة الكاريكاتير النسائي 2022، والمنظم بالشراكة مع مؤسسة "هاينريش بول" في المغرب، و"مركز الفنون الأميركي" بالدار البيضاء، وبدعم من جمعية "حقوق وعدالة" وصحيفة "الأيام"، وخلالها استفادت مجموعة من الشابات المغربيات في تطوير مهاراتهن عبر تزويدهن بالمهارات والآليات اللازمتين لتصبحن فنانات ناشطات تستطعن تعويض النقص الكبير في ولوج النساء لهذا المجال.