ما لا تعبر عنه كلمات المرأة تبوح به صورها الفوتوغرافية

يخلدن اللحظات الجّميلة بصور تنطق بالمشاعر والذّكريات، هذا هو ما تحاول المصورات الفوتوغرافيات إبرازه عبر الصور التي يلتقطنها

رهف يوسف 
قامشلو ـ
التَّصوير الفوتوغرافي، هو كلمة مشتقة من اليونانية ومعناها الرسم بالضَّوء. بدأ هذا النوع من الفن بالظّهور في القرن الثّامن عشر، أي مع اكتشاف مبدأ اسقاط الصّورة الغامقة بالكاميرا وأن بعض الأشياء تتغير بشكل مرئي من خلال التّعرض للضوء.
ومع تطور التّكنولوجيا في العصور الحديثة اخترعت أنواع عدة من الكاميرات التي تستخدم عدسات دقيقة، إضافة للانتشار الواسع للهواتف النقالة الحديثة التي تحتوي عدسات جيدة، وبهذا نجد أن التّصوير الفوتوغرافي بات منتشراً على مدى واسع، ومع أنه كان من النّادر أن نرى امرأة تعمل بهذا المجال، تغير الوضع اليوم.
 
"الصورة تحكي"
 
 
نالين أوالي (22) عاماً، وهي من أهالي مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا قالت إنها دخلت عالم التّصوير الفوتوغرافي منذ خمس سنوات، لأنها أحبته كثيراً، "عندما ألتقط الصور أشعر أنني في المكان الملائم لي".   
وتبين أنها تهوى تصوير الطَّبيعة وما فيها من جماليات كالأزهار، لأنها تمنحها الهدوء والطّمأنينة، "تصوير مدينتي ونواحيها يهمني، ولا سيما مزارات الشّهداء، لأنني أعتبر أنهم من رسموا لنا طريق الحياة". 
وتعرض نالين أوالي الصّور التي تلتقطها على صفحتها الشّخصية، ولم تُشارك بها في أي معرض "في أغلب الأوقات أجد الصّور التي التقطتها في مواقع التّواصل الاجتماعي أثناء تصفحي لها، لكنني أريد أن أكون مختلفة وأتفرد بصوري". 
وترى أن أهم المميزات التي يجب أن تتوفر بالمصورة الفوتوغرافية هي حب المهنة أولاً، لأن الحب يولد الاتقان "تختلف نسبة الإبداع بين مصور وآخر، ففي الصّور التي ألتقطها جزء من شخصيتي".  
"عالم بلا حدود أو نهاية" هذا ما وصفت به التّصوير الفوتوغرافي، لأنه دائماً هناك شيء جديد يستحق أن نأخذ له لقطة، وأضافت أن المرأة قادرة على أن تثبت نفسها بهذا المجال "لدينا لمسة أنثوية خاصة يمكن أن نضفيها على الصّورة، فلا يمكن للمرأة إلا أن تفرغ عاطفتها في أي مجال تدخله". 
وقالت "ليس كل من يحمل الكاميرا يمكن أن نطلق عليه مسمى "إعلامي" أو مصور فوتوغرافي"، لأن هناك أشخاص لا يعرفون عنها شيء ويتعاملون معها بسطحية، وهنا تكمن أهمية وضع الشخص المناسب بمكانه". 
وأكدت على أنه في بداية كل عمل يدخل فيه الانسان لا بد له من أن يواجه صعوبات جمة، ولا سيما بالبداية "اعتبرت تلك المعوقات مجرد تجارب يجب علي المرور بها، وشجعني ذلك على الاستمرار".
وتابعت "أول مرة حملت الكاميرا شعرت بأنني أحبها، ولكني لا أعرف كيف استعملها بالشكل الأمثل، إلا أن شعوري ظهر في الصّور التي التقطتها، ووصل إلى الأشخاص الذين اطلعوا عليها". وتطمح نالين أوالي لافتتاح استوديو بالمستقبل، واعطاء دورات في مجال التّصوير الفوتوغرافي لمحبات هذه المهنة.
وعملت على العديد من الكاميرات، إلا أنها تحب الفايف دي "تعاملت معها كثيراً، حتى أصبحت جزءاً مني، أعبر من خلال عدستها عن شخصيتي". وتشجع محبي هذا المجال للمبادرة والدّخول فيه.
وقالت نالين أوالي "الصّور تحكي"، للدلالة على أن الصّورة يمكن لها أن تروي وتعبر عن الفرح والحزن وغيرها من المشاعر "يمكن للإنسان أن يكتب رواية أو حكاية عن صورة واحدة، لذا انا لا أخذ الصّور بشكل عشوائي، بل أحاول أن يكون لها معنى وهدف، بحيث يكون النّاظر قادراً على استخلاص السّبب وراء أخذ لقطة معينة". وقالت "عندما أشاهد صورة لي، أتذكر أحداث وتفاصيل حصلت بنفس اليوم".
 
"تخلد الذكريات وتقوي الرّوابط الاجتماعية"
 
 
أما ديانا محمد (22) عاماً، والتي بدأت بالتصوير الفوتوغرافي منذ أربع سنوات، ترى أنَّ جمالية هذا العمل تكمن في مشاقه والحب الذي يربط بين أداة التّصوير ومستخدمها "هو مجموعة من المغامرات التي تخلق لدى المصور ذكريات لا تنسى".
وتتفرد بذوقها في تصوير الأطفال الصَّغار، ولا سيما أبناء الطَّبقة الكادحة، "ملامحهم وشعرهم وتفاصيل وجوههم تخلق في داخلي شعور جميل، يجعلني استمتع بحفظهم داخل لقطات تذكارية".
وتبين ديانا محمد أن هذا العمل جعلها تنظر للحياة من منظور مختلف، وعرفها على الكثير من الأصدقاء، إضافة للذكريات التي خلدتها.
وتشارك صورها عبر حسابها على الانستغرام، إضافة لمشاركتها بمعرض "المصورين الفوتوغرافيين"، وتُحضر للمشاركة بمعرض تابع لمنظمة نيكستب، كما قالت.
وأكدت أن على المصور الفوتوغرافي أن يكون مهني، وسلس واجتماعي محبوب، قادر على خلق أجواء جميلة أينما ذهب "هذا المجال يخلق شخصية قوية بالتزامن مع التّجارب المتعددة فيه، لذا أشجع النّساء على ولوجه، واليوم هناك فئة نسوية تحمل الكاميرا وتتجه لمناطق الخطر لتلتقط صورة تروي الحقائق".
ولم تكن في البداية تمتلك الجرأة لحمل الكاميرا أمام الناس، والحديث لديانا محمد "ساعدني رفاقي وعلموني وشجعوني لأتخطى جميع الصّعوبات وأتعلم استعمال الكاميرا بشكل جيد".
وتتمنى أن تصل صورها للشهرة التي تبتغيها، "أغلى صورة على قلبي صورتي لأمي وهي تخبز على الصّاج وأبي يقف خلفها ويضحكان، إنها تراثية نوعاً ما وتحمل مشاعر سعادة صادقة نابعة من القلب، لأغلى شخصين بالنسبة لي، لذا شاركت فيها بالمعرض".