حياكة الصوف والسجاد... ثقافة تحافظ عليها أمينة مسلم

حافظت أمينة مسلم على ثقافة وتراث المنطقة من خلال عملها بحياكة الصوف والأشغال اليدوية والتطريز

نورشان عبدي  
كوباني ـ .
تعتبر الأعمال اليدوية واحدة من الأنشطة التي يمكن للنساء القيام بها في منازلهن لينتجنَّ مشغولات جميلة تستعيد مهارات وتراث وتقاليد الجدات، وكانت هذه المشغولات ترافق جهاز العروس التي تفاخر بعدد القطع التي اشتغلتها يدوياً هي ووالدتها وبتعدد أشكالها وألوانها.  
تتضمن هذه الأشغال التي كانت ومازالت تعمل بها النساء وخاصة في فصل الشتاء أمام المدفئة، أغطية طاولات وأسرة ونقوش وزخارف على الوسادات بالإضافة إلى العشرات من الأعمال.
عن كيفية تعلم طرق الحياكة والتطريز تقول أمينة مسلم (45) عاماً من قرية شيران شرقي مقاطعة كوباني "كنت في الصف الخامس الابتدائي عندما بدأت بتعلم الأشغال اليدوية والحياكة وكيفية حمل واستخدام الصنارة. كانت النساء في القرية تجلسن أمام منازلهن ويعملن على حياكة الصوف. أحببت ذلك وكان لدي رغبة بتعلمه"، مضيفةً "بدل الصنارة استخدمت العصى ولكن مع مرور الوقت تمكنت من إتقان العمل".
تعلمت أمينة مسلم حياكة الصوف وبعض قطب الصنارة المفردة والمزدوجة، إضافة إلى التطريز على ما يسمى الطارة وهي عبارة عن دائرتين خشبيتين متداخلتين تشدان قطعة القماش المرسوم عليها شكل ما، وردة أو عصفوراً أو أي شكل تريده، ليكون التطريز بالإبرة والخيطان بعدة ألوان مختلفة. 
وقالت أمينة مسلم أنه بالإضافة للعديد من الأعمال والأشغال كحياكة كنزات الصوف، وتفصيل الثياب وحياكتها لأولادها وأخوتها، "نقشت العشرات من قطب التطريز بالألوان المختلفة، وكنت أتحمل مسؤولية أعمال المنزل باعتباري الأخت الكبرى لكنني أصريت على أتقان هذا العمل وتمكنت من ذلك ولكن مع الممارسة، إلى جانب ذهابي إلى المدرسة حتى المرحلة الإعدادية".
وحاولت أمينة مسلم تعليم بناتها شيئاً من هذه المهارات، لكنها فشلت بسبب عدم اهتمامهن بها في حين استطاعت تعليم أخواتها اللواتي يصغرنها سناً، "الصوف والأشغال اليدوية تتميز بالجودة، على عكس ما يوجد في الأسواق، وفي المنزل تستطيع اختيار لون ونوعية خيط الصوف المستخدم والموديلات والنقش الذي ترغب به".
 
احتفظت بقطع أشغالها للمحافظة على تراثها 
وتقول أمينة مسلم "صنعت الكثير من المشغولات اليدوية منها سلة الصوف ويعد صنع هذه السلة صعباً وفريداً من نوعه، حيث تصنع عن طريق وضع سلة أو وعاء فارغ والبدء بالحياكة حوله، وعند إتمام الحياكة تسحب السلة لتصبح سلة الصوف جاهزة، أما حقيبة الصوف فهي مثل كيس عادي، لكنها مصنوعة من الصوف ولا تحتاج جهداً ووقتاً كثيراً، إنما تحتاج إلى أن يحاك الصوف بشكل جيد وبحرفية على شكل حقيبة، ويمكن استخدام العديد من ألوان الصوف واتباع طريقة تقاطع الخيوط الصوفية التي تسمى الغرزة، يعني أن هنالك المئات من الغرز التي يحاك بها الصوف وتعطي جمالية للقطع". 
وعن حياكتها للملابس الصوفية تابعت "هنالك العديد من الأفكار لصناعة الملابس الصوفية المختلفة، إذ تلجأ كبيرات السن إلى حياكة الفساتين الصغيرة للأطفال لتبقى ذكرى لهن من جداتهن، بالإضافة للمعاطف الصوفية وهي من أكثر الأشغال المصنوعة من الصوف، ويتمكن من ارتدائها الأشخاص من مختلف الفئات العمرية في فصل الشتاء، وأنا أنتظر قدوم الشتاء للبدء بحياكة كنزة صوفية لطفلتي الصغيرة"، مضيفةً "نوعاً ما يكون عمل الصوف والتطريز والأشغال اليدوية في الشتاء أكثر ويكون أسهل".
وأضافت "بالإضافة لجميع تلك الأعمال صنعت العديد من القطع اليدوية الأنيقة لطاولات وصواني القهوة والتلفزيون، وأغطية أباريق المياه وأطراف السرير وأسرة الأطفال بالإضافة إلى أغطية فوانيس الكاز وحمالة بشكل زينة تعلق بالمطابخ والغرف توضع فيها مستلزمات المنزل الصغيرة"، مبينةً أنه "بالرغم من صعوبة هذا العمل وما له من آثار سلبية في المستقبل على الصحة ألا أن هذه الأعمال تشعرني بالمتعة، لم أتاجر بهذه القطع؛ لأنني أصنعها لعائلتي، ولكي أتمكن من الحفاظ على التراث، والأعمال التي كانت تقوم بها أمي وجداتي". 
 
تعلمت من والدتها صنع البسط والسجاد
يعتبر صنع السجاد المنزلي من أهم العادات والتقاليد التي تخص زينة البيوت القديمة، ويفرش هذا النوع من السجاد في جميع أنحاء المنزل والغرف، كما كان تتم حياكته يدوياً من قبل النساء على آلة خاصة به تسمى النول ويحتاج ذلك حرفية ويستهلك الكثير من الوقت والجد خلال صناعته.  
تقول أمينة مسلم عن ذلك "بعدما حصلت على الشهادة الإعدادية لم أتمكن من الذهاب لإتمام تعلمي في المدينة. ولذلك ركزت أكثر على تعلم الأشغال اليدوية، وإلى جانب الحياكة بدأت بتعلم طرق حياكة البساط أو السجاد المنزل على النول في المنزل من والدتي، وبعد عام أتقنت ذلك وبدأت بالعمل على النول".  
وعن عدد البسط والسجاد التي صنعتها قالت "صنعت أكثر من 20 بساط وسجادة للمنزل. فهذا العمل يحتاج الدقة وله عدة مراحل الأولى نمرر خيط الصوف على المغزل ليلتف حول بعضه البعض، ومن ثم يتم استخدامه في النول لصناعة البساط"، وأضافت "على كل قطعة نقشت تاريخ صنعها فيوجد لدي هذه صنعتها في عام 1996 في قرية شيران".
وفي نهاية حديثها قالت أمينة مسلم "النساء اللواتي لم تسنح لهنَّ الفرصة لإكمال تعليمهنَّ يجب ألا يفقد الأمل ويتعلمنَّ مهنة ليعملنَّ بها، من أجل ذلك أتمنى من النساء أن نجتمع بشكل كومينالي ونقوم بمشروع اقتصادي صغير نساعد ونعلم بعضنا البعض هذه الأعمال؛ للحفاظ على ثقافتنا وتوفير مورد مالي للنساء؛ لأنه إن لم يتم تحرير المرأة اقتصادياً لن تستطيع تحرير فكرها ضمن المجتمع".