اعتماد وشح مخرجة فلسطينية تجسد واقع النساء عبر أفلامها

لم يكن الإخراج مهنة يمكن للفتاة أن تعمل بها قبل عشر سنوات في قطاع غزة، لتقتصر على الرجال الذين ساهموا بإنتاج عدة أعمال عكست الواقع الفلسطيني

رفيف اسليم
غزة ـ ، لكن نظرة اعتماد وشح لتلك الأعمال والقضايا كانت مختلفة تحديداً فيما يتعلق بقضايا المرأة وواقعها، فلاحقت شغفها في التصوير والإخراج إلى أن استطاعت أن تتلقى أول دورة تمكنها من تحويل ما تراه لأفلام سينمائية.
تقول المخرجة الفلسطينية اعتماد وشح لوكالتنا أن للمرأة دوماً نظرة مختلفة وقدرة على تجسيد الوقائع الخاصة بقضاياها كقضية الاختلاط بين الجنسين التي ناقشتها خلال أحد أفلامها متخذة من طلاب الجامعات نموذجاً والذي كان عبارة عن  باكورة أعمالها، لافتةً أن خلال الدورات التدريبة التي تلقتها للإخراج كان يتم التركيز على كافة مراحل العمل بدء من بلورة السيناريو وحتى التصوير والكادر واللقطات المرادة مروراً بالإضاءة التي تشكل جزء أساسي من عملها.
وأوضحت أنه بعد انتاجها عدداً من الأفلام لمع اسمها وتم ترشيحها في دورة للإخراج بسويسرا لكن الأمر كان أشبه بالمستحيل فكيف لابنة المخيم أن تعمل كمخرجة من البداية ثم تقرر السفر وحدها، تلك الفكرة التي لم يتقبلها المحيط الخاص بها، مشيرةً إلى أنه في ذلك الوقت ذهبت لوالدتها وطلبت منها أن تساندها لتقنع إخوانها كي تتلقى العلم الذي سيمكنها من تطوير مهاراتها وبالفعل أنهت أمها الأمر ومنحتها الإذن.
ترسم اعتماد وشح ابتسامة على خدها وهي تذكر لوكالتنا أن أمر السفر بقطاع غزة في عام 1999، لم يكن بالصعوبة التي عليها اليوم، فما كان عليها سوى أن تلتحق بالطائرة التي ستقلها إلى مطار القاهرة ومنه إلى جنيف بسويسرا لكن ما كان ينتظرها هناك هو ما مثل المفاجئة بالنسبة لها، فالدراسة لم تكن باللغة الإنجليزية بل بالفرنسية التي لا تجيدها مما شكل عائق كبير أمامها كان سيضطرها للرجوع إلى القطاع.
وتستذكر عندما ذهبت كي تتحدث مع رئيس الجامعة الذي عرض عليها أن تدرس النحت في الوقت الذي كانت تحاول إقناعه أنها ستتدبر أمرها عن طريق النظر إلى آلية العمل مع الاستعانة ببعض زملائها لترجمة ما يصعب فهمه، مشيرةً أنها كانت مستعدة أن تفعل أي شيء كي لا تعود أدراجها خائبة وتنهي الدبلوم في الإخراج خلال 5 شهور فقط لتفتح لها بوابة على العالم.
اعتماد وشح صاحبة العزيمة والإرادة قررت بعد أن أنهت الدبلوم بجدارة أن يكون فيلمها عن المرأة فناقشت خلال فلمها السينمائي نظرة المجتمعات الأوروبية للمرأة من جوانب، الحجاب عذريتها وحقوقها وموضوعات أخرى قد تعرفت عليها بمساعدة عدة نساء مغتربات من دول مختلفة سوريا العراق الأردن ومصر، لافتةً أنها استفادت كونها بالخارج وتنقلت للتدريب في عدة مراكز كمقر الأمم المتحدة ووكالتي رويترز وbbc.
وبالعودة للحديث عن عمل اعتماد وشح الأساسي تشير إلى أن عملها كان في قسم العلاقات العامة بمستشفى العودة في قطاع غزة لكنها تركته بشكل كلي عندما عرض عليها تسلم برنامج الفيديو كاملاً في مركز شؤون المرأة لتلتقي الوظيفة مع الشغف، لافتةً إلى أنها قد دربت الكثير من الفتيات على صناعة الأفلام كما ساهمت بتمكين عدد من المخرجات الفلسطينيات ذات الأسماء المرموقة اليوم.
تلك التدريبات نتج عنها عدد كبير من الأفلام بحسب اعتماد وشح التي جمعتها لتطلق أول مهرجان أفلام سينمائي خاص بالمرأة أطلقت عليه "بعيون النساء" بالإضافة للتواصل مع مخرجات من عدة دول عربية لعرض أفلامهن العاكسة للواقع السياسي والاجتماعي الذي تعايشه النساء في تلك الدول، مشيرةً أن مدينة غزة المحاصرة كان وما زال الانقسام السياسي وما أفرزه من ترهلات اقتصادية واجتماعية من أبرز القضايا التي تعاني منها المرأة الفلسطينية.
من المهرجان تنتقل اعتماد وشح لتحدثنا عن الكرنفال السينمائي الذي قامت بتنظيمه والذي ضم غالبية الدول العربية وبعض الدول الأجنبية كفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، مشيرة أن من أبرز تلك الأفلام "ساري الوردي" الذي يناقش قضية تعنيف النساء في الهند ويتحدث عن بطلة حولت حالة الضعف لقوة في قريتها من خلال تأسيس جمعية للنساء ومحاسبة أي رجل يعنف المرأة وبمساعدة القانون.
وأوضحت أنه بالرغم من تلك الجهود المبذولة إلا أن قطاع غزة ما زال عاجز في مجال السينما والدراما فعدا عن التكلفة المادية المطلوبة لإنتاج العمل هناك حاجة ملحة لتدريب الطواقم من ممثلين ومخرجين كي يتحول النص لعمل درامي بالجودة المطلوبة، "هناك الكثير من الآلات والمعدات يرفض الاحتلال الإسرائيلي ادخالها للقطاع مما يضطرنا للجوء إلى بدائل أخرى".
أما عن المعيقات الداخلية فتوضح أن صعوبة إصدار التصاريح للتصوير في بعض المناطق بالقطاع إضافة لساعات العمل المتأخرة في المشاهد الليلية هي مشكلة يختلقها المجتمع، لافتة إلى أنها بالرغم من ذلك أنتجت الكثير من الأفلام الوثائقية التي ناقشت واقع النساء والظلم الواقع عليهن خاصةً في قضايا الميراث والزواج المبكر وحرمان الفتاة من التعليم وكيفية تمكين المرأة الفلسطينية.
وترى اعتماد وشح أن المجتمع ما زال يميز في النظرة ما بين الفتاة والشاب وهذا ما ناقشته خلال أحد أفلامها كما تطرقت لواقع الإعلاميات الفلسطينيات، مشيرةً أن تنوع موضوعاتها والقضايا التي تناقشها ساهم في ترشيح أفلامها للعرض بمهرجانات دولية كمهرجان العراق للأفلام كما ترجمت لعدة لغات وحصلت على عدد من الجوائز العالمية التي لم تتمكن من تسلمها بسبب معيقات السفر في قطاع غزة.