المرأة في دار الغناء الشعبي تحافظ على ثقافة كوباني

من أجل الحفاظ على ثقافة وفنون مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا وإحيائها وتعزيزها، تم بناء دار الغناء الشعبي الحاوي على أدوات ومعدات تجسد الثقافة الغنية لهذه المدينة.

برجم جودي

كوباني ـ الثقافة بمثابة هوية تعريفية بالإنسان أو المجتمعات، وأدوات الثقافة تلك الأشياء المادية والمعنوية التي خلفها الإنسان لتميز المجتمعات عن بعضها البعض، بما في ذلك المعتقدات، والملابس، واللغة، والطعام والشراب، والتقاليد، وأساليب الحياة، والفنون، والحكمة، وما إلى ذلك.

في إقليم شمال وشرق سوريا، التي تشهد ثورة ثقافية واجتماعية، حملت مراكز الهلال الذهبي، TEV-CHAND وهيئة الثقافة على عاتقها مسؤولية حماية وتطوير الثقافات في المنطقة.

فقد افتتح مركز باقي خدو للثقافة والفنون في مدينة كوباني بمقاطعة الفرات وهيئة الثقافة، في 3 حزيران/يونيو المنصرم، مشروع ثقافي وفني حمل اسم "دار الغناء الشعبي" وبعد 6 أشهر من الاستعدادات، فتح هذا الدار أبوابه أمام كافة أطياف الشعب بمراسم احتفالية، كون مدينة كوباني سكانها من الكرد الأصليين، بتراث غني من الناحية الثقافية والفنية، وينعكس هذا الثراء الثقافي في المعدات والآثار.

بنيت الدار المكونة من 3 غرف من الطين، ووضع السجاد المنسوج بأيدي النساء لتزيين داخله، كما أن هناك العشرات من القطع القديمة مثل التخت والسهام، البساط، الفانوس، البابور، الملعقة، الكوب، الوعاء، صينية، الدف، مكوت، مغرافة، بندقية، الطنبور وغيرها، من خلال هذه الأدوات يرى الزائرون الثقافة الأصلية لكوباني.

 

"لقد رسمنا لوحة لثقافة كوباني الغنية"

قالت الفنانة وعضو مركز باقي خدو للثقافة والفنون محبوبة عطو إن دار الغناء الشعبي فرصة لتحديث ثقافة المنطقة مع المحافظة عليها من الاندثار، "استمر مشروع بناء الدار مدة 6 أشهر، ومن أجل جعلها بوابة ثقافية للنساء والشباب ومحبي الفن، تم تنفيذ هذا المشروع"، مضيفةً "تتمتع دار الغناء الشعبي بخصائص تلفت انتباه الجميع وبذلك تصبح لوحة فنية تصور ثقافة كوباني الغنية، وحتى في بناء المنزل المستخدم للدار لم نستخدم سوى الطين، وهذا ما كانت عليه بيوت كوباني قديماً، فمن المعروف أن أجدادنا وجداتنا حافظوا على هذه الثقافة وطوروها في مثل هذه البيوت، ومن خلال هذا المشروع، لن ندع الغناء الشعبي وثقافتنا تُنسى، وتظل دائماً حيّة في ذاكرتنا".

 

"الجميع يذهب إلى دار الثقافة"

لفتت محبوبة عطو إلى جمع الأشياء المادية في دار الغناء الشعبي "أكثر العقبات التي واجهتنا كانت في جمع الأدوات والآثار، لأنها أشياء قديمة ولا يتخلى عنها الجميع بسهولة، بل على العكس يحتفظون بها ويبقونها لديهم كإرث دائم، لذلك اشترينا قسم من هذه الأدوات كما حصلنا على العديد من القطع من القرويين، فكل ما في هذا الدار من أدوات الطبخ والآثار والبقايا وأثاث المنزل وغيرها قديمة وعمرها يعود إلى مئات السنين، مثل البابور، والهاون، والمغزل، والبنادق، والكراسي والسهام، وحجر الرحى، وأكواب الماء، وغيرها"، مضيفةً "ما زلنا مستمرين في جمع هذه الأشياء وزيادة عددها، لقد أحب أفراد مجتمعنا هذا المشروع أنه يقصدونه كل يوم لرؤية هذه الأدوات عن قرب والتعرف عليها، لذلك أستطيع أن أؤكد أن هذا الدار هو مرآة للتعرف على ثقافة كوباني وتجديدها".

 

"جهود المرأة وإبداعها هو الطاغي"

في نهاية حديثها بينت محبوبة عطو أن طابع الدار ومضمونه يستندان على إبداع الأمهات ومنتجاتهن، "نحن كنساء لعبنا دورنا في بناء هذا الدار وخاصة في جمع أدواته، لذلك عندما يدخل الزائر إلى دار الغناء الشعبي يرى الأجواء الثقافية التي هي من إنتاج وإبداع الأمهات، وحتى اسم الدار أطلق على هذا الأساس، فمن المعروف أن الأمهات استخدمن حناجرهن في كل مناسبة لتطوير الغناء الشعبي، في الأفراح والحداد وأمام مهود الأطفال، تغنين دائماً أنواعاً مختلفة من الغناء والأهازيج، ولهذا السبب فإن افتتاح هذا الدار يعد فرصة عظيمة للأجيال القادمة للتعرف على هذه الثقافة عن قرب والعناية بها، خاصة كنساء، يجب عليهن في الدرجة الأولى التوجه دائماً إلى هذا الدار والحفاظ على الغناء الشعبي للأم".