الدراما اليمنية لهذا العام... حضور نسوي بارز وتسليط الضوء على قضايا النساء

شهدت الدراما اليمنية حضوراً نسوياً متميزاً هذا العام مع زيادة التنافس بين الفضائيات اليمنية لإنتاج المسلسلات وعرضها بمناسبة حلول شهر رمضان

نور سريب
اليمن - ، فعلى الرغم من استمرار الحرب وتجدد المعارك في بعض المدن اليمنية إلا أن أوضاع البلد لم تحول أمام الإبداع الفني.    
قالت الممثلة عبير عبد الكريم وهي إحدى بطلات مسلسل (حبة بالكرتون) لوكالتنا "هذا العام كان مميز جداً من حيث الظهور النسوي في الدراما، كل الأعمال تمت بمشاركة النساء بشكل ملحوظ وهذا يعكس تمكن النساء من العمل في المجال الفني بشكل جيد"، مشيرةً "هذا عكس ما كان في السابق حيث كان الحصول على ممثلات ليس بالأمر السهل مما يقوض الفكرة على الكتاب والمخرجين وبالتالي يكون الظهور النسوي شحيح".
وأكدت أن "ما أظهرته دراما رمضان هذا العام بمختلف الأعمال أكد على أنه من الممكن إعطاء البطولة للنساء إلى جانب الرجال، كذلك لم يقتصر الأمر على مشاركة النساء في التمثيل، اليوم تشاركنا نساء أبدعنَّ بالعمل بمجال المكياج والإخراج والتأليف وفي غناء الشارات المخصصة للمسلسلات وهذا يعتبر شيء إيجابي وجميل، واتمنى يستمر وأن نشاهد النساء في كل المجالات الفنية".
كما ناقشت المسلسلات الرمضانية قضايا مجتمعية يمنية وعرضت الانتهاكات التي تتعرض لها النساء ومشاكلهنَّ، ففي مسلسل "رحلة ذهابONE WAY" الذي عرض قضية العالقين خارج اليمن بسبب الحرب ظهرت الممثلة سالي حمادة والممثلة ذكرى أحمد في دور البطولة.
وفي مسلسل "مخلف صعيب" ظهرت غيداء جمال وسارة الأسدي ومناهل القحطاني ورويدا ربيح ببطولة المسلسل الذي تدور أحداثه بشكل درامي حول اختطاف حافلة طمعاً بالأموال، ويتطرق المسلسل لعرض ظاهرة زواج القاصرات التي يعاني منها اليمن.
ومسلسل "ليالي الجحملية" عرض جانب من العنف الأسري ونتائجه التي تؤدي إلى تدمير الأسرة وسيطرة بعض رجال الدين على المجتمع وتفردهم بالقرار. ولعبت دور البطولة فيه كلاً من سالي حمادة ونجيبة عبد الله وذكرى أحمد وغيداء جمال وسارة الهاجري وغزال الخياط ورويدا ربيح وسارة الاغا، وشاركت في تأليف المسلسل بلقيس العودي وفي غناء الملالا (نوع من الأغاني التراثية) الفنانة دنيا محمد. 
وشاركت كلاً من مروى خالد وفداء أبو حماد في بطولة مسلسل "كابيتشينو" وأتاح فرصة ظهور الممثلة ملاك المحرسي لأول مرة، وتميز بقالب قصصي متنوع، ومن بين تلك القضايا التي طرحها زواج البدل (الشغار) وهو من المشاكل المتكررة في مناطق واسعة في الريف اليمني، حيث يتم بتزويج الرجل أخته لرجل آخر مقابل أن يتزوج هو بشقيقة هذا الرجل، ويكون المهر مقابل المهر ولا يحق للفتيات رفض هذا الزواج الظالم، وتعتبر هذه الظاهرة من الكوارث التي تفترس المجتمع اليمني، حيث تتعرض العوائل للتدمير فبمجرد أن يحدث أي خلاف في إحدى الزيجات تدمر الزيجة الثانية، مما يجعل مأساة الفتيات كبيرة ويعرضهنَّ للطلاق الإجباري وحرمانهنَّ من أطفالهنَّ.
 
"خلف الشمس" والابتزاز
مسلسل "خلف الشمس" والذي ضم كوكبة من الممثلات اليمنيات ولعبت دور البطولة فيه كلاً من منى الأصبحي ومنى علي وسماح العمراني وشيماء محمد وكاترينا السيد، ناقش عمق اليأس والإحباط الذي تمكن من اليمنيين بسبب الحرب مما جعلهم يبحثون عن سبل أخرى للهروب من اليمن تجاه أوروبا بحثاً عن اللجوء والحياة الكريمة، كما وعرض قضية نسوية في غاية الأهمية وهي الابتزاز الذي يطال الفتيات بسبب عدم تعاون الأسر في مساعدة اللاتي يقعنَّ ضحية المبتزين، حيث يتم التعامل مع الفتيات كمجرمات مما يمكن المبتزين من استغلالهنَّ وايذائهنَّ نفسياً وقد يصل الأمر للاعتداء الجسدي.
وقال مؤلف المسلسل وليد العلفي لوكالتنا عن الدوافع التي جعلته يركز على قضية الابتزاز "مسلسل خلف الشمس بفكرته ورسائله وقضاياه انعكاس لواقع معاش ومعاصر، فأثناء كتابة المسلسل أنا وفريق الكتابة خليل العامري ومختار القدسي كان لدينا توجه وهو التطرق لأهم القضايا والمشاكل التي نعايشها، وتلامس شريحة كبيرة من المجتمع وتؤثر على النسيج الاجتماعي، وكانت قضية ضحايا الابتزاز من قبل عديمي الضمائر أحد أهم القضايا التي تم إقرارها ضمن أحداث مسلسل خلف الشمس، ففي الآونة الأخيرة برزت إلى السطح قضية مقتل الشاب عبد الله الأغبري على يد عصابة منظمة لابتزاز الفتيات، وتحول مقتله إلى قضية رأي عام".
وأضاف "من الشخصيات الرئيسية في المسلسل الفتاة رضاء والتي مثلت دورها الفنانة كاترينا، تعرضت للابتزاز من قبل شاب حصل على صورها من هاتفها الذي ضاع في المطعم، هذا الشاب وجد هاتفها وأعاده إليها بعد أن نسخ صورها. في البداية ابتزها مادياً ثم وصل سقف مطالبه لأن تسلمه عفتها وهددها بنشر صورها إذا لم تخضع لمطالبه لكنها لم ترضخ".
واستعرض المسلسل خذلان الأهل وخوفهم من الوقوف مع أبنتهم التي وقعت ضحية للابتزاز، فالضحية حاولت إخبار أخاها بما حدث لها وكأنه حدث لصديقتها ليساعدها لتختبر ردة فعله لكن أخاها طلب منها أن تقطع علاقتها بصديقتها، وأخبرها بأن الفتيات يرسلنَّ صورهنَّ للشباب بدافع الحب وتستحق ما حدث لها. 
وبحسب القانون اليمني يعد الابتزاز جريمة يعاقب مرتكبها بالحبس خمس سنوات أو الغرامة، وللقاضي السلطة التقديرية في أي من العقوبتين، يأخذ حسب حال الجريمة وأوضاعها والظروف المصاحبة لها، كما بين القانون اليمني في المادة 254 بأن التهديد جريمة معاقب عليها بالسجن سنة أو الغرامة، وللقاضي أيضاً ذات السلطة التقديرية السابقة.
وأشار مؤلف العمل وليد العلفي إلى أن مجريات الأحداث الدرامية تضمنت رسالة وهي أهمية معاقبة المبتزين "في عملنا لم يكن أمام رضاء إلا أن تدافع عن شرفها وتطلق النار على الشاب في رسالة منا بأنه العقاب المستحق للمبتز ومن هم على شاكلته في ظل غياب دور الأهل والمجتمع، والذين يعتبرون مثل هذه القضايا عار كبير تدفع ثمنه بناتهم أما بالضرب والاحتجاز أو نفيهنَّ والتبري منهنَّ أو قتلهنَّ سواء كنَّ مذنبات وتم استغلالهنَّ بدافع الحب أو ضحايا لا ذنب لهنَّ كرضاء".
واختتم العلفي بالقول "كانت رسالتنا غير مباشره للفتيات ألا يقعنَّ في شراك الشباب الذين يخدعونهنَّ باسم الحب وألا يستسلمنَّ لأي شخص استطاع الوصول إلى معلوماتهنَّ الشخصية وصورهنَّ الخاصة حيث ستكون النتيجة هي الابتزاز".
وأجمع 7 من أصل 10 مشاهدين ممن شاركوا في استطلاع الرأي الذي أجريته حول مجريات تناول قضية الابتزاز بالمسلسل أن الدراما استطاعت عرض المشكلة رغم حساسيتها وعكست حقيقة المجتمع وتعامله مع ضحايا الابتزاز وهذا يعد بادرة توعوية جيدة ولكن لم يتم الإشارة إلى أي حلول قد تساعد المتضررات من الابتزاز مثل اظهار الجهات التي قد تساند الضحية وتوضح لها كيفية التصرف وإلى أين تتجه للحصول على الدعم النفسي والقانوني لحمايتها من تبعات تلك الجريمة.