'أعادت المرأة الأرمنية إحياء زيها التراثي في ثورة روج آفا'

قالت عضوة المجلس الاجتماعي الأرمني لوسناك كافوريان إن "ملابس المرأة الأرمنية ذات الأربع قطع المصنوعة من حرير دودة القز تم إحيائها مع ثورة روج آفا".

سوركول شيخو

الحسكة ـ في ثورة المرأة التي انطلقت في إقليم شمال وشرق سوريا، أخذت النساء دوراً قيادياً في حماية ثقافتهن وتقاليدهن بقدر ما أخذن زمام المبادرة في جميع مجالات الحياة. وتقوم جميع المكونات والهياكل في المنطقة التي تنضوي تحت مظلة الإدارة الذاتية بحماية ثقافتها ومن يتولى زمام المبادرة هن النساء أنفسهن.

استطاع الأرمن إحياء زيهم وملابسهم الشعبية في ثورة المرأة والدفاع عن ثقافتهم ضد الاضطهاد الذي فرضته الحداثة الرأسمالية، هذا ما أكدت عليه لوسناك كافوريان، من المكون الأرمني بمدينة الحسكة في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا.

 

أربعة عناصر لملابس المرأة الأرمنية: الأرض والماء والنار والهواء

قالت لوسناك كافوريان إن ملابس المرأة الأرمنية تعكس ثراء ثقافتها "المرأة الأرمنية تجدد نفسها مثل الرمان، لأنه في الحضارة والثقافة الأرمنية القديمة، يعتبر الرمان رمزاً لثراء المرأة، والنساء الأرمنيات تصنعن ملابسهن بأيديهن من الحرير وتثرين تراث شعبهن، فقد قال الفيلسوف جريجور جوهان مندل عن العناصر الأربعة لملابس المرأة الأرمنية إنها التراب والماء والنار والهواء، التراب هي أرض أجدادنا، والماء هو النقاء والسلام، والنار هي اصفرار النار والألوان الرمادية والهواء هو الهدوء، والمرأة تُظهر اختلافها وتميزها من خلال هذه العناصر".

وأضافت "يعبر اللون الأبيض لثيابها عن طهارة ونقاء روحها، والأحمر لون الشجاعة والتضحية بالنفس عندما تزين ثوبها بخطوط ذهبية، واللون الأزرق يمثل العدالة السماوية، وكل هذه الألوان تجتمع في امرأة واحدة وبالتالي تظهر صورة المرأة التي عادت من الحياة مرة أخرى بعد المذبحة".

 

إنهم يقومون بإحياء الثقافة التي تعرضت للإبادة

أفادت لوسناك كافوريان أن المرأة الأرمنية لم تسمح لشرايين الأرمن وتاريخهم وثقافتهم بالجفاف ونشرتها في العالم "آثار سياسات الإبادة الجماعية ضد الأرمن في فرمان العثمانيين من عام 1909 إلى عام 2023 على الثقافة والتاريخ وهويتنا الأرمنية واضح، وسياسات الإبادة مستمرة من قبل أحفاد العثمانيين، لكن هجمات الإبادة الجماعية هذه لا تُضعفنا، بل على العكس من ذلك، فهي تجعلنا أقوى وأكثر ثقة بقضيتنا، المرأة الأرمنية التي تعيش في إقليم شمال وشرق سوريا تعيد إحياء هذه الثقافة مرة أخرى، وهذا حقنا وحق جميع الأمم، وهو حق مضمون هنا".

حول الأجزاء والمواد التي تصنع منها ملابس المرأة الأرمنية قالت إنها مليئة بالقصص والتجارب "القبعة تصنع من اللون الأحمر أو الأزرق، وتزين بقطع من المعدن أو الليرات الذهبية التي ترمز إلى أن المرأة صافية كالذهب وثمينة، القبعة ذات اللون الأزرق تزين بالليرات الفضية أما ذات اللون الأحمر تزين بالليرات الذهبية".

وأوضحت أنه "لكل قطعة زينة وليرة قصة نسجتها المرأة بيديها، خاصة بعد المجزرة التي تعرضت لها استطاعت المرأة الأرمنية مرة أخرى أن توصل صوتها إلى العالم وأن تصبح المدافعة والحامية لثقافة أجدادها، لأن كل أمة لها زيها وثقافتها الخاصة، فإن ثقافة المرأة الكردية والسريانية لا تؤثر على المرأة الأرمنية، بل على العكس من ذلك، فإنهن جميعاً تظهرن شموخاً وفخراً بتاريخهن، الزي الأرمني فريد من نوعه ولا يمكن رؤيته في أي مكان في العالم، لأنه مصنوع من حرير دودة القز، ومن النقوش الذهبية والفضية المصنوعة يدوياً".

 

"المرأة الأرمنية اكتسبت هويتها الحقيقية في ثورة روج آفا"

ولفتت إلى أن ثورة روج آفا كانت بوابة عودة للمرأة الأرمنية إلى ثقافتها وهويتها، "بعد الإبادة الجماعية عام 1915، واجهت المرأة التهجير والشتات الذي جعلها تنأى بنفسها عن كل ما يتعلق بتاريخها وحضارتها، لكنها استعادت ثقافتها وزيها في ثورة روج آفا، بل وعُرفت كامرأة أرمنية أصيلة بإقليم شمال وشرق سوريا، لأن الزي الأرمني هوية وجزء من العراقة والأصالة، لذلك نحن اليوم كمجتمع ونساء أرمن نحمي ثقافتنا في هذه الثورة، ونعتني بالثقافات المختلفة الموجودة في هذه الجغرافيا".

 

حماية الزي والملابس الثقافية

كما لفتت لوسناك كافوريان الانتباه إلى الموضة التي روجت لها الرأسمالية ودعت الفتيات والنساء للرجوع إلى أصالتهن وتذكرهن بأجدادهن/ات الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل هذه الثقافة، مضيفةً "اليوم نحن في خضم الحرب والثورة، ويجب ألا تؤثر مخططات الرأسمالية علينا، لأن هدفها إشغال الشباب بالموضة الجديدة والتأثير على أفكارهم وآرائهم الحرة".

وتابعت "نحن نقول للشابات وعموم الشباب خذوا حذركم واعتنوا بزيكم التقليدي واحموه، ولتدرك كل امرأة أننا لسنا بحاجة للغزاة والرأسمالية، يمكننا أن نطور أنفسنا بأنفسنا ونعطي أفكاراً جديدة للمرأة ومجتمعنا ونقودهم إلى الفكر ونخلق أجيالاً تحب الأصالة والتراث".

 

"19 تموز هو ثورة الحياة المشتركة للأمم"

وهنأت لوسناك كافوريان في ختام حديثها النساء وشعوب إقليم شمال وشرق سوريا بثورة 19 تموز، وقالت "نحن نساء هذه المنطقة، لذا فإن حمايته واجب وجداني وأخلاقي، ومن يحميها هي المرأة، وحماية الثقافة تنبع من حماية الثورة، وبالدفاع المشترك سنتمكن من دحر كل الهجمات على منطقتنا، ونبارك ذكرى ثورة الديمقراطية والحرية على شعوب شمال وشرق سوريا وعامة الشعب السوري، 19 تموز ثورة الحياة المشتركة للأمم، تحيا ثورتنا وحريتنا".