85 لوحة تبوحُ بما لا يقال خلال معرض فني

يشغل الجانب الفني حيزاً كبيراً من الاهتمام في شمال وشرق سوريا، ولهذا تتم الاستعدادات لافتتاح معرض يضم 85 لوحة فنية متنوعة، لتبوح بكلام لا يمكن أن ينطق، بمشاركة 17 فنانة ناشئة

عذراء السعدو
كوباني ـ
عاشت مدينة كوباني في شمال وشرق سوريا العديد من التّوترات جراء الأجندات التي سيطرت عليها، واليوم يكسر فنانوها الناشئة حاجز الصّمت، ويستعدون ليعبروا عن واقعهم عبر لوحاتهم. 
 
 
تقول الإدارية لمركز باقي خدو نجلاء بوزان أنهم افتتحوا قسم المدرسة الفنية في المركز منذ ثلاثة أعوام، لإعطاء دروس فنية كالموسيقا والرَّسم، "كل شهرين يتم افتتاح دورة جديدة، تتضمن قسم للأطفال وعددهم 20 طالب/ة، وقسم آخر للذين تتراوح أعمارهم بين الـ 13 و16 عاماً، يتدربون منذ سنتين وبينهم مبتدئين، كما ويوجد قسم للكبار أيضاً".
وإلى جانب المعارض الفنية، يفتتح مركز باقي خدو للثقافة والفن في مدينة كوباني بشمال وشرق سوريا، والذي يضم عدة أقسام مختصة بالفن، دورات لتعليم العزف والغناء بشكل دوري.
وتبين نجلاء بوزان أن القسم الفني يفتتح معرضاً للمتدربين كل عام منذ افتتاحه، إلا أن ذلك لم يحدث في العام المنصرم نتيجة تفشي وباء كورونا "أقيم أول معرض للفن التّشكيلي في 2019، ويتم التّحضير لافتتاح معرض آخر، هنالك العديد من المتدربين وصولوا لمرحلة الرسم بالألوان الزَّيتية، وآخرون يرسمون بالفحم".
ويتطلب الرسم بالألوان الزيتية التي تتوسط خاماتها الزيت، خبرة واسعة في دمج الألوان ومعرفة واسعة بالدرجات اللونية وكيفية توظيفها على قماش الكنفاس المجهز خصيصاً للرسم بالألوان الزيتية والأكريليك، بينما الفحم خامتها سهلة الاستخدام ولا تتطلب الكثير من الأدوات.
وغالباً ما يفضل الفنان التشكيلي خامة الألوان الزيتية لأنه يعبر بصورة أقرب عن العواطف والمشاعر التي تجتاحه، حيث أن لكل لون معنى مختلف.
وتقول نجلاء بوزان أن المهارة في الإبداع تعتمد على المُتدرب نفسه، مشيرةً إلى أن مشاركة الفنانين الناشئين بـ 85 لوحة، يدعو للفخر لأن عدد كبير من المبتدئين سيجرؤون على إبراز إبداعهم الذي يُجسد أفكارهم ويعبر عما يريدون قوله، وأغلب اللوحات تصور آلام ومعاناة ونضال المرأة لتجاوز الصّعوبات.
وقد ازدادت في الآونة الأخيرة في شمال وشرق سوريا الاهتمام بتطوير الفنانين وخاصة الناشئة منهم، وافتتحت العديد من المعارض، ومعظم اللوحات التي تم عرضها في المعارض تتطرق للواقع والأوضاع التي تعيشها المنطقة.
وعما يبرزه الفنان من خلال الفن تقول نجلاء بوزان "الفن رسالة غير مباشرة، لأن الفنان يعبر بإحساسه عن واقعه عبر الصّور المتناسقة التي يجسدها في لوحاته، العديد من المجتمعات تفرض قيود تمنع ممارسة الفن".
وتدعو نجلاء بوزان إلى تبني المواهب الشّابة وتنميتها عبر توجيههم للمعاهد والمراكز الثَّقافية "نزور العوائل لنخرجهم من إطار العادات والتّقاليد الرّجعية المُتزمتة، ولا سيما فيما يخص المرأة التي تحتاج لتفجير موهبتها في الغناء، والرَّسم وغيرها".
وعن واقع المرأة الفني، توضح "كانت ولا تزال تحافظ عبر الفن على أصالة وثقافة شعبها، على الرغم من جميع الصّعوبات التي أعاقتها، ولكنها تجاوزتها لتُبدع دون حدود، وعلى الرغم من أن إقبال الفتيات كان ضئيلاً عند افتتاح مدرسة فنية، إلا أن لهنّ دور فعال في جميع الأقسام كالمسرح والدَّبكة الشَّعبية، والمُوسيقى وغيرها، وبات الأهالي يتقبلون تردد الشَّابات إلى هذه المراكز".
وقد حضر المركز بطاقات الدّعوات ووزعوها على جميع المؤسسات والمراكز والمعاهد الخاصة والأهالي، تنوه نجلاء بوزان إلى أنه "مع زيادة نسبة الحضور ترتفع معنويات الناشئة من الموهوبين، وبهذا ندفع الأهالي لإرسال أبنائهم لتعلم الفنون، ونحافظ على الثقافة، وندعم الأجيال الصّاعدة ونُبني علاقات قائمة على تبادل الخبرات والتّجارب وبهذا نُنمي المواهب".
وبالرغم من جميع المعوقات تؤكد نجلاء بوزان أنهم أمنوا الكادر التَّعليمي المختص، والمواد اللازمة للعمل، وبهذا يصل النّاشئة لمرحلة يكونون فيها قادرين على تعليم غيرهم.
 
 
أما إيمان شيخي (23) عاماً، والتي تستعد للمشاركة في هذا المعرض بتسع لوحات فنية، تقول "فني يُعبر عني، وهذا المعرض خطوة جيدة لتعريف النّاس بالمرحلة التي وصل إليها الفن التّشكيلي في مناطقنا".
وترى أن لرأي المشاهد أهمية كبيرة "تقييم أعمالنا ونقدها وتأثيرها في النَّاس، يوضح لنا المكانة التي وصلنا إليها، أشارك بلوحات لوجوه العديد من المشاهير كالشاعر نزار قباني، والشّهيدة ساكينة جانسز".
وتتابع "رسمت لوحة الشّهيدة لأنني تأثرت بشخصيتها، ومقاومتها من أجل المرأة الحرة، وأعبر بناء على تأثري بالوضع في مدينتي التي تعاني بشكل متكرر من التَّهديدات والخوف من وباء كورونا الذي أودى بحياة العديد من الأشخاص".
وترسم إيمان شيخي منذُ كانت تبلغ من العمر 15 عاماً، فبدأت بالشَّخصيات الكرتونية ووجوه الأشخاص، وهي معلمة لغة كردية "مهنتي أبعدتني عن موهبتي لقلة وقتي، وفي 2017 انضممت لمركز الثّقافة والفن، وتدربت لمدة عام، وفي 2019 دخلت القسم الفني بإشراف نخبة من مدرسي الفن التّشكيلي كـ نورهان حمو وزهر الدَّين عبدو".
وعن مراحل تعلمها لهذا النّوع من الفن "تدربت على الرَّسم، ونتيجة الأوضاع أُجبرت على قطع تدريباتي، وكنت أتعلم بداية بالرصاص والتأشير، ولكنني لم أكن قد وصلت لمرحلة استخدام الألوان الزَّيتية، إلا أنني جربتها".
وقدم لها القسم الفني أبحاثاً عن فنانين لتعليمها دروساً نظرية، وبعدها بدأت بالتدريبات العملية عام 2020 "أطمح لأكون مُدربة للرسم، وأن أبدع العديد من اللوحات الفنية وأُشارك في العديد من المعارض". 
وسيشارك 19 أو 20 طالب وطالبة بينهم 17 شابة في المعرض المُقرر افتتاحه في السَّادس من حزيران/يونيو الجاري، وتتراوح أعمارهم ما بين الـ 14 و25 عاماً، ومن المقرر أن يستمر لمدة ثلاثة أيام متواصلة.