سياسيات: المعارضة تسببت باستمرار الأزمة السورية

قالت سياسيات في شمال وشرق سوريا أن الدولة التركية استخدمت المعارضة السورية لبسط نفوذها في المنطقة، مما أطال أمد الحرب

سيلفا الإبراهيم
منبج ـ ، مؤكدات أن الطريق لإنهاء الأزمة يكون عبر اختيار حل وطني يحترم جميع السوريين.
 
"المعارضة تسببت في تفتيت البنية المجتمعية"
قالت لوكالتنا رئيسة مكتب المرأة في حزب التحالف الوطني الديمقراطي منى الخلف إن "المعارضة انحرفت عن مسارها". وبينت أن الثورة بدأت بمطالب محقة "الاحتجاجات بدأت كثورة وطنية، الغاية منها تحقيق مطالب الشعب في الوحدة والحرية والديمقراطية وتحقيق المساواة والعدالة، ولكن خلال فترة قليلة انحرفت المعارضة عن مسارها وأصبحت مرتهنة للقوى الإقليمية والدولية وذراعاً لها في سوريا والمنطقة".  
وأشارت لاستخدام تركيا المرتزقة في معاركها بعدد من الدول "حارب المرتزقة السوريين في معارك تركيا كما في ليبيا وكراباغ في أذربيجان"، معتبرةً أن هذا الارتهان أفرغ الثورة من محتواها وأصبحت ذريعةً يبحث الكل فيها عن منافعهم الشخصية والمادية.
وخلال أعوام 2019-2020 استخدمت الدولة التركية مرتزقة ما يسمى بالجيش الحر بالحرب الليبية مع حكومة الوفاق ضد خليفة حفتر، وفي أواخر العام 2020 استخدمتهم في الحرب ضد الأرمن في كراباغ في أذربيجان، مقابل رواتب مغرية.
وتؤكد منى الخلف أن هذه الممارسات كشفت ما يسمى الجيش السوري على حقيقته "يقول الثوري نيسلون مانديلا إذا قبضت المال ثمناً لنضالي، سوف أتحول من مناضل إلى مرتزق، وهذا حال ما يسمى بالجيش الوطني الحر". 
ومن خلال الجيش الوطني الحر استطاعت تركيا احتلال عدد من المناطق على الشريط الحدودي "شرعنت تركيا لوجودها من خلال التذرع بالتحرير عبر المرتزقة الذي يحملون الجنسية السورية".
وانتقدت قبول المرتزقة الذين يدعون الوطنية بممارسات تركيا في المناطق المحتلة "المرتزقة ليسوا إلا شرطي حماية وأداة لتنفيذ الأجندة التركية في المنطقة، وبدأوا بتطبيق سياسة التتريك على أبناء بلدهم من خلال فرض اللغة ورفع العلم التركي وكذلك التعامل بالليرة التركية وتهجير السكان الأصليين مقابل إسكان عائلاتهم".
وتطرقت للمعاناة التي يعيشها أهالي المناطق المحتلة الذين لم يخرجوا من منازلهم للحفاظ عليها "يعيشون في مناطق غير آمنة لكنهم مجبرون لكيلا يخسروا منازلهم وممتلكاتهم، كما يعانون من وضع اقتصادي متدهور ويجبرون على التعلم بلغة ليست لغتهم".
وفي 24 آب/أغسطس 2016 دخلت الدولة التركية مدينة جرابلس التي كانت تحت سيطرة داعش بدون معارك الأمر الذي أوضح حقيقة العلاقة بين الجيش الحر وداعش والدولة التركية الراعية لهم، كما تؤكد منى الخلف "بعد السيطرة على مدينة جرابلس بدأت الدولة التركية بالانتشار في أغلب المناطق الحدودية كالباب وإعزاز وإدلب عن طريق الجيش الحر". 
لم تتوقف أطماع تركيا عند هذا الحد بل إنها سعت لاحتلال مناطق أكثر ففي 18 آذار/مارس 2018 احتلت مع مرتزقة الجيش الحر الذي أطلق على نفسه اسم درع الفرات مدينة عفرين بعد 58 من المعارك والمقاومة الشعبية، لتهاجم سري كانيه، وكري سبي بعد ذلك بعام.
وعن تأثير تشرذم المعارضة على القضية السورية تجيب منى الخلف عن هذا السؤال بالقول إن أبرز الأضرار التي تسببت بها المعارضة الخاضعة لتركيا هي "تفتيت البنية المجتمعية" وتبين "غذت المعارضة الطائفية والعشائرية ما أدى لنشوب العديد من الحروب الأهلية في المناطق التي تتميز بتنوعها الطائفي والإثني".
كما كانت المرأة من أبرز المتضررين من ارتهان المعارضة للخارج "فقدت المرأة الكثير خلال سنوات الحرب السورية بدءاً من عائلتها وصولاً لمهنتها وتعليمها، عدا عن التهجير القسري، والاستغلال السياسي والاقتصادي والجنسي ومختلف أشكال العنف".
 
"المعارضة مهدت للتدخل الخارجي"
رئيسة مجلس حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج زليخة الإبراهيم تحدثت عن دور المعارضة في تهيئ الأرضية لتدخل الدول الخارجية وقالت "فتح انحراف مسار المعارضة وتحول المظاهرات من السلمية إلى المسلحة المجال للدول لتضع قدمها في سوريا، وكان للدولة التركية النصيب الأكبر من ذلك".
وأضافت "المعارضة الخاضعة لتركيا غدت تمارس أبشع الجرائم والانتهاكات بحق أهالي شمال وشرق سوريا، وبشكل خاص بحق المرأة فاستهدفتها بشكل مباشر عندما اغتالت عدداً من الشخصيات النسائية كـ هفرين خلف، إضافة للجرائم المرتكبة بشكل يومي بحق المرأة في المناطق المحتلة من قتل واختطاف واعتداءات، دون السماح للإعلام الحر بدخول تلك المناطق لنقل الصورة الحقيقية عما يحدث".
واغتيلت الأمين العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2019 على طريق الـ M4 بالتزامن مع الهجوم التركي مع ما يسمى بالجيش الوطني السوري.
 
مطالب محقة
على مدى نصف قرن عانى الشعب السوري من الأنظمة المستبدة، ولم تكن الاحتجاجات الشعبية إلا تعبيراً عن حالة الغليان في المجتمع رفعت شعارات الحرية "الشعب السوري عانى الكثير خلال 50 عاماً من الأنظمة والقوانين المستبدة، وخلال العشر سنوات الأخيرة عانى من المعارضة أيضاً".
الارتهان للخارج أطال عمر الأزمة السورية وأغلق الأبواب أمام أي حلول لإنهاء الحرب "انكشفت المعارضة على حقيقتها بوقت قصير لأنها لم تتقدم بأي حل لإنهاء الأزمة في سوريا بل كانت سبباً في تعقيدها ومجرد أداة لتنفيذ المخططات التركية"، مضيفةً "العمليات العسكرية ضد أبناء شمال وشرق سوريا حطمت الصورة المزيفة لما يسمى بالمعارضة".
 
"المعارضة تسعى لإبقاء سوريا ممزقة ومقسمة"
وعن السياسات التي تنتهجها المعارضة حالياً، ونتائجها على سوريا بينت زليخة الإبراهيم أن "ما تسعى له المعارضة السورية الموالية لتركيا هو إبقاء البلاد ممزقة ومقسمة"، وأكدت "ليس لهم أي مساعي لأن يكونوا طرفاً في حل الأزمة السورية لأن هدفهم إطالة أمد الأزمة السورية كونهم يتقاتلون على دماء الشعب السوري".
وانتقدت عدم الجدية في طرح الحلول وغلبة المصالح الشخصية على القضية "من المعيب أن تتعامل المعارضة مع القضية السورية باستهزاء. كان عليها أن تكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها اتجاه شعبها، وأن تخفف من أوجاع السوريين وتنقل معاناتهم إلى المحافل الدولية. لنرسم معاً مستقبل البلاد ونعيش في وطن يسوده الأمن والعدالة".
وعن الخطوات الواجب اتخاذها لحل الأزمة السورية أكدت أنها تكون بالحوار السوري ـ السوري "حل الأزمة السورية لا يكون إلا بالحوار السياسي. لا غالب ولا مغلوب ضمن الحلول الوطنية، وعلى جميع الأطراف المتنازعة في سوريا تقديم تنازلات لنوقف نزيف الدماء، ولا بد من اختيار حل وطني يحترم جميع السوريين على اختلاف طوائفهم وثقافاتهم وأديانهم"، ووصفت هذا الحل بأنه "يعمل على إفشال أي مسار يتجه نحو التميز والاحتكار لجهة معينة".
وفي ختام حديثها أكدت رئيسة مجلس حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج زليخة الإبراهيم أن "أي دولة قوية تأخذ قوتها من الشعب فلا بد لنا في شمال وشرق سوريا أن نلتف حول بعضنا لنكون قوة لها كلمة واحدة في التصدي لكل الهجمات الاعتداءات الخارجية والإقليمية والدولية على بلدنا"، مضيفةً "بدورنا كنساء ندين ونستنكر الهجمات التركية اتجاه شعوب شمال وشرق سوريا واتجاه المرأة بشكل خاص، ونطالب أحرار العالم ليكونوا طرفاً لحل الأزمة في سوريا".