دينا عبد العزيز: نظام "القائمة" تسكين للمرأة وليس تمكيناً

في لحظة سياسية تتقاطع فيها تطلعات المواطنين مع ثقل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، يزداد حضور الأصوات الساعية لإعادة تعريف دور البرلمان وأدوات الرقابة والتشريع.

أسماء فتحي

القاهرة ـ مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية الحالية في مصر، تبدو الحاجة ملّحة للعودة إلى الميدان، والاستماع إلى من يحملون على عاتقهم معركة التمثيل الحقيقي وقضايا الناس اليومية.

مع بدء التصويت فعلياً تظل رهانات أهالي حلوان معلّقة على من يستطيع حمل صوتهم بجدية، والدفاع عن مصالحهم داخل برلمان يحتاج إلى مزيد من الشفافية، والقرب من الواقع، والقدرة على اتخاذ قرارات تُحدث فارقاً في حياة المواطنين.

إذ تعد دائرة حلوان واحدة من أكثر الدوائر تعقيداً وتنوعاً، وفيها تتقدم الدكتورة دينا عبد العزيز بخبرة برلمانية سابقة ورؤية تعِد بإعادة ترتيب الأولويات، استناداً إلى سنوات من العمل الميداني، والاقتراب من ملفات الخدمات، ومطالب الأهالي، والتحديات المزمنة التي تواجه مناطق جنوب القاهرة.

واستندت في ترشحها إلى قناعتها بأن تمثيل الدائرة لا يقتصر على الوجود تحت قبة البرلمان، بل يمتد إلى متابعة الملفات المعلقة، وإعادة فتح ملفات العدالة الاجتماعية، وتحسين البنية الأساسية، وتمكين الشباب والنساء داخل المجتمع المحلي، وهي رؤية تحاول من خلالها، كما تقول، تحويل الخبرة التراكمية إلى مسار واضح للتغيير.

وفي هذا الحوار مع مرشحة مجلس النواب 2025 عن دائرة حلوان والمعصرة دينا عبد العزيز نتوقف معها عند دوافع الترشح من جديد، وأهم ملامح برنامجها الانتخابي، وكيف ترى موقع المرأة في المشهد السياسي المصري، وما الذي يمكن أن تقدمه لأهالي دائرة حلوان خلال الدورة البرلمانية المقبلة، فضلاً عن رؤيتها لعيوب نظام القوائم، وتأثير تقسيم الدوائر الجديد على سير العملية الانتخابية، وكيف تدخلت القيادة السياسية لضبط المشهد الانتخابي، كما تستعرض أجندتها التشريعية الجريئة التي تمس التهرب من النفقة بعد الطلاق وكذلك واقع أجور العمال، وحق الفتيات في التعليم، وغيرها من الملفات.

 

الترشح "فردي مستقل" للمرة الثانية تحدٍ كبير.. فلماذا هذا الإصرار في ظل وجود القوائم؟

أنا متمسكة بالترشح على المقعد الفردي المستقل لأنني أؤمن بأنه "التمكين الفعلي" للمرأة المصرية، ونظام القوائم في رأيي هو نوع من "التسكين" وليس التمكين؛ فالمرأة التي تنجح في الفردي تنتزع ثقة المجتمع والشارع بكفاءتها، وهذا هو المعيار الحقيقي للقوة السياسية.

والتحدي هذه المرة أصعب لأن تقسيم الدوائر الجديد منح القوائم 50% من المقاعد، مما قلص المقاعد الفردية وجعل المنافسة "شرسة جداً"، خاصة مع الرجال الذين شعروا بتقلص فرصهم.

وقد تمكنت من تحقيق النجاح في الدورة السابقة عبر حملات "طرق الأبواب" وهو الأمر الذي أصبح نموذجاً شجع نساء كثيرات على خوض التجربة دون خوف أو تردد هذا العام.

 

تواجه المرأة في العمل العام حرباً منها الصوم وإطلاق الشائعات، إذاً كيف تتعاملين مع هذا الأمر؟

الشائعات هي ضريبة النجاح، وغالباً ما تكون نابعة من قلق المنافسين الرجال وتعد تعبير عن ضعف الموقف في مقابل قوة الطرف الآخر، ورغم قسوتها أحياناً، إلا أنها لا تؤثر عليّ شخصياً، بل اتخذ منها دافعاً، ومشكلتي تكمن في تأثيرها على بعض الناخبين البسطاء الذين قد يصدقون الأكاذيب المثيرة.

وفلسفتي تتمثل في عدم النظر لنصف الكوب الفارغ، والمراهنة على وعي الناس القادرين على الفرز، وأقول لأي امرأة لو تأثرتِ بأي كلمة تقال، فالأفضل ألا تنزلي للمعترك، يجب أن تكوني قوية النفسية لتكملي الطريق.

 

بصفتك ممثلة لدائرة يغلب عليها الطابع العمالي، ما هي رؤيتك لملف المصانع المتعثرة وأجور العمال؟

ملف الصناعة هو عصب حلوان، وأرفض تماماً تصفية المصانع الخاسرة أو بيعها، والبديل الذي أطرحه هو "الشراكة مع القطاع الخاص" في الإدارة والتشغيل لتحديث الماكينات والمنظومة، مع احتفاظ الدولة بملكيتها والحفاظ على حقوق العمال.

أما بالنسبة للأجور، فهناك الكثيرون لا يحصلون على الحد الأدنى منه وكامل مدخولهم لا يكفي لحياة كريمة في ظل موجة الغلاء الراهنة، ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وإشعار العامل بالتقدير المادي والمعنوي، لأن العامل هو أساس أي مؤسسة ناجحة.

 

في حال فوزك بالانتخابات الحالية، ما هي خطة عملكِ على تشريعات جديدة للأسرة والمرأة؟

لدي أجندة تشريعية واضحة ومحددة في هذا الملف، أهمها عقوبة التهرب من النفقة فسأتقدم بتعديل تشريعي يجعل التهرب من دفع نفقة الأطفال "جريمة مخلة بالشرف"، فلا يعقل أن يترك الأب أطفاله دون عائل ويضطر الأم لمد يدها.

كما أني أعمل على حق "الكد والسعاية" وسأتبنى مقترحاً يضمن للمطلقة بعد فترة زواج طويلة الحصول على جزء من ثروة الزوج (أقترح نصف نصيبها الشرعي في الميراث) تعويضاً لها عن سنوات الشراكة، ولضمان حياة كريمة تمنعها من العوز.

ولدي العديد من الأفكار والخطط التي سأستكمل العمل عليها بعد النجاح في الانتخابات الحالية لأتمكن من تقديم خدمات حقيقية ومستدامة لأهالي دائرتي.

 

كان لديكِ دور خدمي ملحوظ خلال الدورة البرلمانية السابقة... فما هي خطتك الخدمية في المرحلة المقبلة؟

رصدت في مناطق مثل (التبين، المعصرة، وعرب الوالدة) فتيات متفوقات في الثانوية العامة يمنعهن أهلهن من دخول الجامعة والاكتفاء بمؤهل متوسط، وهذا وأد لطموح وعقول متميزة، وسأعمل في الدورة القادمة على تشريع أو إجراء قانوني يجعل التعليم الجامعي إلزامياً للمتفوقين، ولا يملك ولي الأمر سلطة منعه، لأن هذه العقول ثروة قومية لا يجب إهدارها.

لقد عملنا في الدورة الماضية على ملفات عديدة مثل تطوير "كابريتاج حلوان" ورصف الشوارع بالإنترلوك، وفتحنا ملفات رقابية في الصحة (مستشفى حلوان العام) والأوقاف والبيئة وحققنا فيها الكثير وهو أمر سيتم استكماله أيضا.

كما سنكمل في الفترة القادمة بناء المستشفيات، وحل أزمة الكثافة في المدارس، ولدي مطلب بسيط ولكنه إنساني جداً لكبار السن وهو تحويل سلالم كباري المشاة في الدائرة إلى "سلالم كهربائية" لرحمة أهالينا من مشقة الصعود وغيرها من الأمور الخدمية التي سأسعى نحو تحقيقها.