سناء غنيمة: التراجع عن تطبيق القوانين أو إلغائها هو ما يقلق التونسيات (2)

بالرغم من ترسانة القوانين، تنتقد النسويات في تونس ضعف التطبيق وتباطؤ القضاء في تنفيذها لمحاربة التمييز والإقصاء الذي تعانيه النساء.

تونس ـ ترى الناشطة النسوية سناء غنيمة، أنه حان وقت مراجعة العديد من القوانين ومنها تلك التي لا تراعي النوع الاجتماعي، معبرة عن مساندتها للمترشحات في الانتخابات التشريعية ضد العقلية الذكورية التي تسعى لحرمانهن من تقلد مراكز صنع القرار.

أكدت الناشطة النسوية والحقوقية ورئيسة جمعية المرأة والريادة سناء غنيمة، في حوار مع وكالتنا، على ضرورة الإسراع في مراجعة القوانين خاصةً تلك المتعلقة بالنوع الاجتماعي.

 

هل هناك تجاوب من قبل الحكومة التونسية لملف العاملات في الفلاحة اللواتي تتعرضن لجملة من التهديدات والعنف؟

أعدت جمعية المرأة والريادة العام الماضي بعد شكوى تقدمت بها شابات من إحدى المحافظات تحدثن عن تعرضهن للعنف وخاصة الاقتصادي، دراسة خلصت إلى أن جملة من التهديدات تعترض النساء خلال عملهن في الغابات، ولاحظنا أن الفلاحات تعملن في ظروف سيئة كالتنقل في شاحنات الموت وتعرضهن للعنف.

حقيقةً هناك تراخي في تطبيق القانون من قبل حراس الغابات والسلطة التنفيذية التي تعتبر أن الأمر عادياً حين تذهب النساء إلى الغابة للعمل، علماً وأن عملهن مقنن ولديهن تراخيص رسمية من وزارة الفلاحة، ما يتطلب إيجاد حلول لتلك الفئة من النساء اللواتي تعملن على إعالة أسرهن، الإشكال أيضاً أن تلك الفئة تعيش تحت ضغوطات كبيرة مع ارتفاع نسبة الفقر والعنف والمشاكل الصحية المقلقة، لذا يجب توفير الدعم وفرص العمل لهن، وهي المقترحات التي قدمناها للوزارة، ونتمنى أن تتحسن أوضاع هؤلاء النساء.

 

هل تؤيدين التخوف النسوي من ضياع مكتسباتهن؟

أرى أن المجتمع التونسي واعٍ بما فيه الكفاية من ناحية حماية مكتسبات المرأة، ولكن التهديدات قادمة من السياسات العامة غير المطابقة للتشريعات الموجودة، أي يعني أنه كان من المفروض تذليل العقوبات للنساء حتى تتمكن من التقدم في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو مواقع صنع القرار، لكن ذلك غير مفعل.

حين نتأمل ترسانة القوانين التي أقرتها تونس لفائدة النساء نجدها مشرفة، أي أن التونسيات متقدمات من ناحية التشريع، ولكن الخوف من التراجع عن تطبيق القوانين أو إلغائها هو ما يقلق التونسيات، كما أننا نخشى من عدم تشبع الجيل الجديد من الفتيات بالتاريخ والنضال النسوي ومكتسبات المرأة، حيث أن النساء في فترة الأزمات على غرار الأزمة السياسية الراهنة تتعرضن لبعض الممارسات اللامقبولة كالتمييز في فرص العمل وتفضيل الرجال عليهن، وفرض أرباب العمل قبولهن في العمل بأجر أقل من الرجل رغم أن قانون الأجور في تونس يساوي بين الجنسين، أو تجدن التمييز في توزيع الترقيات حيث يتم منحها للرجال على حساب النساء رغم عنصر الكفاءة.

كما هناك قوانين يجب مراجعتها على غرار عطلة الأمومة التي تحتسب كعطلة مرضية برغم أنها عطلة إنجابية، ويجب الإسراع بمراجعة القانون لفائدة الجنسين لاعتبار أن هذا الأمر يهمهم، حيث يجب ملائمة التشريعات مع الممارسات خاصةً وقت الأزمات فقد أصبحت الضغوطات كثيرة على النساء ونفسيتهن ما ترجمته النسب الكبيرة للأمراض النفسية لديهن من جميع المستويات والطبقات، وهو أمر مقلق على مستقبل البلاد ما سيدفع لعزوف النساء على الخروج إلى الفضاء العام والانخراط في الحياة العامة، وبالتالي تراجع التمثيل في مواقع القرار التي نعمل على رفعها لا العكس.

ويجب مراجعة السياسات العامة المراعية للنوع الاجتماعي وتجاوز كل ما يضرب مكتسبات النساء وتبعدهن عن مراكز القرار ويؤثر عليهن وعلى مستقبلهن. ولا بد من دعم الفتيات اللواتي تجاوزت نسبة وجودهن في الجامعات 65% والأخذ بأيديهن إلى بر الأمان عبر إقرار موازنات مالية من مخططات وتنمية والأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي حتى تكن منتجات فاعلات تتقدمن بالبلاد، وتصلن بها إلى التوازن المطلوب وتحققن أهداف التنمية المرجوة.

 

ما رسالتكِ للمترشحات في الانتخابات البرلمانية اللواتي اخترن خوض غمار هذه التجربة والمعركة برغم آلة العنف؟

أولاً نساند المترشحات للانتخابات ونشجعهن لاستكمال الطريق والمسار برغم كل الضغوطات والإشكاليات والعراقيل التي وضعت أمامهن للاستسلام، ونسعى وفق إمكانياتنا لتأطيرهن لمواصلة الحملة بكل ثبات برغم الإقصاء، ولابد أن تتمسكن بحلمهن لأن تمثيلية المرأة مهمة في البرلمان، إنهن تتحلين بالشجاعة لأنهن تقدمن لهذه المعركة وحصلن على التزكيات التي عرقلت ترشح العديد من النساء من العبور، وسنسعى لتصلن إلى اللجان البرلمانية التي من خلالها سيحدث التغيير وتبدأ عملية الضغط لسن تشريعات تمنح النساء حقوقهن لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها بلادنا، النساء هن من تبنين الدول وتحافظن على الأجيال القادمة.