'قضية تحرر النساء واحدة في كل المناطق لذلك لابد من تضامن نسائي عالمي'
أكدت المنسقة الوطنية لمنظمة مساواة دليلة محفوظ أن النساء لازلن في كافة المناطق وبقطع النظر عن بعض الفوارق الجزئية، بعيدات كل البعد عن تحقيق المساواة الفعلية، وبرغم ثورتهن ضد النظام الأبوي العالمي إلا أنهن لا زلن مضطهدات.
زهور المشرقي
تونس ـ تمثل منظمة مساواة الفصيل النسائي الجماهيري لحزب العمال، وتعمل تحت قيادته الفكرية والسياسية وتلتزم بخطه العام وتمثله في ساحات النشاط النسائي كما تمثل التنظيم النسائي الجماهيري لمناضلات الحزب ونصيراته ولعموم النساء، ونظراً لطابعها الجماهيري تتميز بالمرونة في التنظيم والانخراط فيها لتستوعب النساء اللاتي تسعين للتحرر والمساواة واللاتي يتفاوت لديهن الاستعداد للانخراط في النضال من الاستماع إلى المساندة إلى خوض العمل الميداني.
منظمة المساواة رافد من روافد النضال الشعبي ونضال النساء الذي واجه محاولات الالتفاف والتراجع التي ظهرت خلال فترة حكم ما بعد الثورة وعملت على تغيير النمط المجتمعي التونسي والارتداد على مكتسباته للعودة به إلى مجتمع متخلف ومنغلق يحط بمكانة المرأة إلى الدونية والاضطهاد، هذا ما قالته المنسقة الوطنية للمنظمة دليلة محفوظ في بداية حديثها.
وترى أن المرأة في تونس، تعاني كسائر البلدان من استغلال واضطهاد مزدوج على مستوى العمل (التمييز في الانتدابات، ضعف الأجور، صعوبة الارتقاء إلى مواقع القيادة والقرار) أو على مستوى دورها الاجتماعي والأسري الذي ظل رهين العادات والتقاليد والنظرة الدونية التي تكرسها التشريعات (مجلة الأحوال الشخصية، مجلة الشغل) وكل جوانب الواقع المعاش، ذلك جعل المرأة التي تعمل تتحمل أعباء وظيفتها كعاملة وفي نفس الوقت أعباء مسؤولياتها في الأسرة، واستغلت قوى الردة الظلامية هذه الوضعية، وخاصة في ظل الأزمة، لتحمل المرأة مسؤولية البطالة والآفات الاجتماعية الأخرى كالفساد الأخلاقي، وتدعو بالتالي إلى عودة المرأة إلى المنزل.
وأوضحت أن المنظمة النسائية تتوجه ببرنامجها لعموم نساء تونس وخاصة الفئات الشعبية والنساء الكادحات في كل القطاعات وربات البيوت من أجل توحيد نضالهن ضد الاضطهاد المزدوج في الأسرة والمجتمع، كما أنها تؤكد على أهمية النضال من أجل خلق واقع تشريعي تقدّمي يكون سدّاً منيعاً أمام كل محاولات الالتفاف، وتشدد على أهمية تحرّر المرأة وتقدمها وبالتالي فتحرر المجتمع وتقدمه يبقى مشروطاً باعتماد خيارات اقتصادية شعبية تبني مجتمع تنفى فيه كل الفوارق الطبقية والجنسية وكل الأشكال التمييزية لتحقيق المساواة التامة والفعلية.
وأكدت أنه لكل فترة تاريخية ونضالية خصوصياتها، ولكن من المهم تحديد مجال هذه الخصوصيات حتى لا يُهمل الجوهر، معتبرة أن قضية تحرر النساء في تونس وفي المنطقة تحمل نفس السّمات العامة "النساء لا زلن في كافة المناطق، وبقطع النظر عن بعض الفوارق الجزئية، بعيدات كل البعد عن تحقيق المساواة القانونية والشكلية التامة بينهن وبين الرجال فما بالك بالمساواة الفعلية، إن منطقتنا هي من هذه الزاوية المنطقة الأكثر تخلّفاً في العالم (تعدد الزوجات عدا تونس، تبعية المرأة للرجل أباً أو أخاً أو زوجاً أو ابناً، عدم المساواة في الميراث، أعلى النسب في الأمية وأقل النسب في العمل والمشاركة في الحياة العامة). ويعود ذلك إلى أن مناطقنا تعاني من مشاكل كبيرة تعرقل نهوضها، كسيطرة الاستعمار في أشكاله القديمة والجديدة، استحواذ أقليات طبقية رجعية وعميلة على السلطة، وهذه الأقليات هي استبدادية ومحافظة ومعادية لأبسط مبادئ الحرية والمساواة، وإلى جانب الأنظمة تنتشر في الوطن العربي جماعات متطرفة مسلحة أو غير مسلحة وهي في الغالب مجندة من قوى الاستعمار الأمريكي الغربي والصهيوني لزرع الفتنة والانقسام بغطاء ديني طائفي".
وشددت على أن هذه العوامل تقف حاجزاً أمام تحرّر النساء اللواتي يفرض عليهن وعلى القوى التقدمية التي تسندهن مواجهة هذا الوضع بتكثيف النضال من أجل افتكاك حقوقهن والحد من كافة أشكال التمييز القانوني والانخراط في حركة النضال العامة من أجل التخلص من التحالف الاستعماري والرجعي المحلي وتحقيق نقلة نوعية ووطنية وديمقراطية وشعبية تحقق في إطارها النساء طموحاتهن في المساواة التامة والفعلية، مؤكدة أنه من الطبيعي أن يتم في هذا الإطار استغلال كافة الوسائل المتاحة لإيصال أصواتهن، حيث تطورت وسائل الاتصال والإعلام التي تمكّن من تبادل المعلومة كما تمكّن من التنسيق، وهو ما يتطلّب توفّر الوعي والإرادة للوصول إلى هذا الهدف خاصة أنّ درجة تنظيم النساء في المنطقة ضعيفة للغاية نتيجة تراجع تأثير القوى التقدمية، السياسية منها والنقابية والمدنية، علاوة على الطابع النخبوي للحركات النسوية العربية، والدليل على ذلك الضعف في إسناد نساء فلسطين في غزة اللواتي يتعرّضن للإبادة.
وعما تكابده الإيرانيات من قمع إثر ثورتهن من أجل حقوقهن، قالت "نتابع ما تتعرّض له النساء الإيرانيات من قمع من نظام الملالي، وقد تفاعلت الحركة النسوية التونسية ومجمل القوى التقدمية مع انتفاضتهن ضد القهر والتمييز وعبّرت عن مساندتها لهن وتصدّت لكل محاولات تشويه تلك الانتفاضة واتهامها بالخيانة والعمالة للغرب الاستعماري وهي اتهامات اعتدنا عليها من الأنظمة الحاكمة في منطقتنا لتغطية طابعها الرجعي وعجزها عن الاستجابة لمطالب الطبقات والفئات الشعبية ومنها النساء".
وعبّرت عن أسفها من غياب التنسيق للتحرك المشترك بين النساء في شمال أفريقيا والمنطقة، مؤكدة أن تونس ليست بمعزل عما تعيشه النساء في المنطقة من تنكيل وما تعانينهن في الفلسطينيات ونضالات الإيرانيات والكرديات ومختلف الهويات من أجل التحرر ونبذ العنف.
وأوضحت أن "هناك تكتم مقصود من قبل بعض الوسائل الإعلامية على تحركات النساء في أفريقيا والمنطقة والشرق الأوسط حيث تصل المعطيات منقوصة ما يجعل التفاعل معها أحياناً ضعيفاً لكن موجود، مثلا تفاعلنا مع انتفاضة الإيرانيات غير المسبوقة والتي تم قمعها بشكل رهيب"، لافتة إلى جرائم قتل النساء الإيرانيات بسبب آرائهن والزج بهن في المعتقلات والحكم عليهن بالإعدام، الأمر الذي يدعو إلى التضامن النسائي العالمي معهن.
وعما تعيشه النساء الكرديات قالت "ندين ما تعرضت له النساء الكرديات من اضطهاد على يد الجماعات المتطرفة المدعومة من القوى الإمبريالية والصهيونية وأنظمة العمالة في المنطقة، وعبرنا في الإبان عن موقفنا المدين والمستنكر للأعمال المرتكبة من قتل واغتصاب وتنكيل، كما أننا نتابع ما يتعرضن له اليوم على يد الدولة التركية المحتلة، فموقفنا من القضية الكردية بشكل عام معروف منذ عقود إذ أننا نستنكر ما يتعرض له هذا الشعب من تقسيم واضطهاد على يد أنظمة المنطقة والقوى الاستعمارية التي تسندها وهو ما يمنعها من تحقيق حلمها في الاستقلال والوحدة وتحقيق نهضتها، كما يمنع نساءها اللواتي يتعرضن لاضطهاد مزدوج استعماري داخلي/مجتمعي من تحقيق تحررهن، ونحن اليوم كما بالأمس على أتم الاستعداد للتنسيق على قواعد نضالية واضحة وهي الانتصار لقضايا شعوبنا وضمنها قضايا نسائنا في مواجهتها للقوى الاستعمارية والصهيونية والرجعيّة".