'قضية المرأة قضية عالمية لكن حدتها وضعفها في الغرب لا تقارن بالشرق الأوسط'

تقول الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان روزا ثابت "يجب على جميع النساء في الشرق الأوسط الوقوف ضد المجتمع الأبوي وكسر إرادة الحكومات الشمولية والاستبدادية التي تحاول السيطرة على الناس من خلال سجن النساء".

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ تزامناً مع اقتراب الذكرى السنوية للانتفاضة، اشتد القمع ضد الأهالي وخاصة النساء والفتيات في إيران وشرق كردستان، من خلال اعتقال وقتل وإصدار أحكام الإعدام بحقهم.                                                                         

أشارت الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان روزا ثابت إلى أن الشرارة الأولى للانتفاضة بدأت بمقتل جينا أميني على يد الحكومة، لافتةً إلى أن "التاريخ لن ينسى الخطابات التي ألقتها الأمهات والآباء على قبور أبنائهم وكانوا القوة الأساسية لهذه الثورة. كانت هذه الثورة ثورة تقدمية بدأت بشعار "Jin jiyan azadî" وسرعان ما انتشرت ليس فقط في شرق كردستان بل وصلت إلى الحدود السياسية والجغرافية لإيران، ثم انعكست على العالم أجمع، وأعلنت جميع نساء العالم تضامنهن مع هذه الثورة بشتى الطرق وعبرن عن رفضهن القمع الممارس في إيران".

 

"مجموعتان حاولتا تهميش الثورة"

ولفتت إلى أن هذه الثورة لا تزال مستمرة واستهدفت أسس ومبادئ النظام "مجموعتان حاولتا تهميش هذه الثورة ونجحتا إلى حد ما. وكانت إحدى هاتين المجموعتين هي المُلكيين الذين حاولوا، بأشكال مختلفة مثل الشمولية والمركزية والقومية وغيرها، أن يخرجوا بشعارات مثل "الرجل الوطني"، في محاولة منهم إلغاء الشعار الأساسي "Jin jiyan azadî" كونه يعتمد على تحرير المرأة التي جمعت الأهالي حول هذا الشعار".

وتحدثت روزا ثابت عن الإصلاحيين وهم المجموعة الثانية التي حاولت تهميش الثورة، قائلة "هذه المجموعة أيضاً بدأت نشاطها واقترحت اختزال قضية الثورة في مسألة الحجاب الإجباري من خلال معارضتهم لشرطة الأخلاق وهذا لا يعني أنه سيكون هناك تغيير جذري فقط بل الخروج من الوضع الحرج. تعتبر مسألة الحجاب من أهم القضايا في البلاد، وقد تمكنت الحكومة من إخضاع المرأة بخطة الحجاب، لكن هذه ليست القضية الوحيدة، ولا بد من رؤية عواقب خطة الحجاب الإلزامي والأهداف التي تسعى لها الحكومة من خلال تقليص أنشطة شرطة الأخلاق".

وأضافت "هاتان المجموعتان، وخاصة المُلكيين، نجحتا إلى حد ما في تثبيط عزيمة الشعب، لكن المقاومة لم تتوقف على الإطلاق واستمرت في أماكن مختلفة من إيران، ولكن في بلوشستان لم تنطفئ ثورتهم بالرغم من أن البلوش لا يتلقون الدعم، لكن يخرجون كل يوم جمعة ويحتجون، وحاولت الحكومة قمع هذه الثورة إلى حد ما من خلال إطلاق النار على المتظاهرين واعتقال آخرين وإصدار أحكام الإعدام".

 

"الغرب يعمل من أجل مصالحه الشخصية فقط"

وشددت روزا ثابت على أن الغرب يسترضي الحكومات دائماً ولا يعتمد إلا على مصالحه الخاصة "من الخطأ الاعتقاد بأن الغرب، بمبادراته في مجال حقوق الإنسان، سيعاملنا نحن الشرق أوسطيين بنفس أفكار حقوق الإنسان، لأنهم يهتمون بمصالحهم فقط فعندما يتعلق الأمر بنا فهو بالتأكيد يأخذ في عين الاعتبار مصالحه الخاصة لأنها تعتبر الحكومة الإيرانية تؤمن له مصالحه وتوفر الاستقرار الذي يحتاجه الغرب لموارده، فلماذا يخاطر ويهتم بثورة الشعب؟. وفي الواقع، هناك تفاعلات وراء الكواليس بين المُلكيين والجمهورية الإسلامية، وكذلك مع الغرب، ومن الواضح أن مصالح الغرب تتطلب بقاء الجمهورية الإسلامية في السلطة".

وأشارت إلى سعي النظام لزيادة تكاليف النهضة الجديدة "القمع كان موجوداً دائماً ولكن زادت شدته بسبب اقتراب ذكرى الثورة، وقد بدأت الحكومة بذلك بداية العام عندما قامت بتسميم الطالبات اللواتي عارضن الحكومة، فضلاً عن  الاعتقالات، وقتل المتظاهرين خلال الانتفاضة، وترهيب الأهالي"، مضيفةً "كانت الثورة هي التحدي الأكبر الذي واجهه النظام".

وبينت أن الضغوط اشتدت أيضاً على أهالي ضحايا الانتفاضة، والمشاهير كالكتاب والفنانين، ووضع كفالات باهظة للغاية، والاعتقالات والوفيات الصامتة التي أثيرت بعد إطلاق سراح السجناء على شكل انتحار، وإغلاق المحال التجارية والأماكن التي كانت تقدم فيها النساء خدمات بدون حجاب.

 

تبادل تجارب النساء

وبينت روزا ثابت أن النساء اللواتي لديهن تجربة حياة مشتركة تجدن بعضهن البعض. على سبيل المثال، في الدول الغربية والإمبريالية، حتى مع الرخاء النسبي، تعاني النساء من آلام مشتركة. إن قضية المرأة قضية عالمية، لكن حدتها وضعفها في الغرب لا يمكن مقارنتهما بالشرق الأوسط "نرى أن تجربتنا البيولوجية في الشرق الأوسط متشابهة إلى حد كبير بحيث تجمعنا في نقطة مشتركة. يساعد عقد المؤتمرات بين النساء على خلق التقارب والمواءمة بين النساء، حيث يمكن لهن مشاركة تجاربهن الحياتية مع التركيز الثقافي والاجتماعي الخاص بهن. أي أنه لا داعي لأن نضع تجاربنا جانباً لنصل إلى نقطة مشتركة، ربما هناك اختلافات ثقافية بسيطة، لكن نوعها وجنسها واحد وهذا ما يجعلنا نصل إلى نقطة مشتركة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون قيادة المرأة الكردية والتنظيم الموجود فيها تجارب قيمة لنساء الدول الأخرى اللواتي تفتقرن إلى هذه المرونة وتحتجن إلى اكتساب الخبرة، ويمكن أن يكون تبادل هذه التجارب فعالاً".

وأوضحت أن "تجاربنا الحياتية المشتركة ترجع في معظمها إلى الأيديولوجية الأبوية المستخدمة لإخضاع المرأة، وهذه الأيديولوجية شائعة في الشرق الأوسط. إن النظام الإيراني أو طالبان أو داعش يتبع ويعزز أيديولوجية أبوية مفادها أن النساء تتقاسمن نفس الألم، ويجب على جميع النساء في الشرق الأوسط أن تنتفضن ضد المجتمع الأبوي وهذه الحكومات الشمولية والاستبدادية التي تقيدهن، وتحاولن كسر هذه الهيمنة بالوحدة".