المرشحة الرئاسية السابقة نادين موسى تطالب بالحماية الدولية للشعب اللبناني

تحدت نادين موسى الصورة النمطية للمرأة، والهيمنة الذكورية على المشهد السياسي اللبناني بترشحها للمجلس النيابي، وكأول امرأة تترشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية في عام 2014، وها هي تستعد لتحدٍ جديد عبر الدعوة لمؤتمر دولي طارئ لطلب الحماية الدولية للشعب اللبناني.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ عملت الناشطة السياسية نادين موسى على العديد من القضايا المتعلقة بحقوق النساء والدفع بهن للمشاركة السياسية الفعالة، والحصول على حقوقهن المشروعة منها حق الحضانة والإرث.

واجهت المحامية والناشطة السياسية نادين موسى تحديات كبيرة على مدى ثلاثة عقود، بدءاً من مطالبتها بالجنسية اللبنانية لابنتيها، وبعدها برفضها مرسوماً رئاسياً استثنائياً بتجنيسهما دون غيرهم من أبناء النساء المتزوجات من أجانب وبالمساواة مع الرجال، وصولاً إلى ترشحها لرئاسة الجمهورية متحدية الأعراف النمطية لإقصاء النساء عن المشاركة السياسية الفعالة.

 

"للنساء الحق في منح الجنسية لأطفالهن"

أوضحت نادين موسى "كوني متزوجة من أجنبي، حرمت ابنتيّ من الجنسية اللبنانية، كافحت كثيراً ضمن عملي القانوني للمطالبة بحصول النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب أسوة بالرجال على حق منح الجنسية لأطفالها"، مشيرةً إلى أنه "قد عرض عليّ من قبل أحد الرؤساء مرسوم تجنيس استثنائي لأحصل على الجنسية لابنتيّ، ولكني رفضت، وطالبت بقانون عادل يساوي بين الجنسين، والذي لم يتحقق رغم جهود الكثير من الناشطين والناشطات لإقراره، وهو الحال بالنسبة لكثير من القوانين".

 

نشاط سياسي محلي وإقليمي

لم يقتصر نشاط وعمل نادين موسى عضو مؤسس للجنة الوطنية لتمكين المرأة في لبنان منذ 2004، وعضو في معهد القيادات النسائية العربية منذ عام 2010، على المطالبة بحقوق النساء فقط، بل كان لها نشاط سياسي كبير، حيث تعتبر أول امرأة تترشح لرئاسة الجمهورية في تاريخ لبنان وذلك عام 2014.

وحول ترشحها للاستحقاق الرئاسي تقول "كان الهدف من ترشحي إيصال رسالة حول قضية أؤمن بها، وهي تغيير الذهنية الذكورية، وإبراز صورة مختلفة للمرأة اللبنانية بعيدة عن التنميط الممارس ضدها، وقد شكلت هذه الخطوة نقلة نوعية لا سيما في كسر الطابع الذكوري والطائفي والاقطاعي للعبة السياسية في لبنان، وإثبات كفاءة المرأة اللبنانية وقدراتها لا سيما في مجال المشاركة بصنع القرار السياسي والتغيير نحو الأفضل، وبفضل هذه الخطوة ونتيجة مراكمة نضال نسوي من قبل العديدات في لبنان، نجد الآن أن نسبة المشاركة النسائية في السياسة قد ارتفعت نسبياً".

وعن الانتخابات النيابية الأخيرة تجد نادين موسى أنه "بالإضافة للقانون الانتخابي المشوه، فإن الفساد تجلى أيضاً في الانتخابات النيابية الأخيرة، فلم يستطع الشتات اللبناني التصويت بموضوعية، ولم يتمكن العديد من المشاركة بسبب بعد المسافة بين منازلهم وصناديق الاقتراع، كذلك جرى إقصاء الكثير من الأصوات، إن هذا النظام الفاسد أوصل لبنان إلى القعر".

وأشارت إلى أنه "بسبب فشل مؤسسات الدولة اللبنانية خصوصاً وأن القضاء بمعظمه مسيس، فلا مجال للقيام بأي إصلاح وسط التعطيل المتعمد من السياسيين، ومنذ التسعينيات من القرن الماضي ونحن نطالب باستقلالية القضاء ونواجه بالمماطلة والتسويف، وهو بالمناسبة نص مشروع قانون منذ العام 1992 تقدم به رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني ولم يتم إقراره حتى الآن، وهو من بين مطالباتنا الطارئة بالحماية الدولية".

وفي خطوة جديدة غير مسبوقة نالت تفاعلاً كبيراً بين اللبنانيين، دعت نادين موسى مع مجموعة من الناشطين إلى عقد مؤتمر دولي طارئ وعاجل تحت عنوان "إنقاذ لبنان"، لوضع حماية دولية فورية للشعب اللبناني "تركز محور نشاطي في الفترة الأخيرة ضمن لجنة متخصصة من الحقوقيين/ات والناشطين/ات والباحثين/ات من لبنان والدياسبورا (الشتات اللبناني)، 60% من أعضائها نساء، ومؤخراً طالبنا بانعقاد مؤتمر دولي طارئ لـ "إنقاذ لبنان"، وقمنا بإعداد عريضة لتوقيعها من قبل مجلس النواب، ليتم توجيهها لأصدقاء لبنان في الخارج من شعوب وحكومات ومنظمات دولية منها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأضافت "تندرج هذه الخطوة تحت مسمى مسؤولية الحماية والتي التزم بها المجتمع الدولي ضمن القوانين الدولية عام 2005، والتي تعرف اختصاراً بـ R2P، والذي يمكن طلبه عبر عريضة من جهة رسمية في بلد ما للمجتمع الدولي، حيث تعهدت الدول الأعضاء ومنهم لبنان آنذاك، بواجب الحماية للشعوب والمساءلة التي يمكن المطالبة بها في واحدة من الجرائم الأربعة، وهي الحرب، التطهير العرقي، الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية".

وفي لبنان هناك عوامل ومؤشرات تثبت خضوع الشعب اللبناني لجرائم ضد الإنسانية في كافة المجالات الحياتية على حد قول نادين موسى "عندما تنهب أموال الشعب اللبناني ويحرم من أدنى حقوقه بالغذاء والدواء والطبابة، فضلاً عن معدلات الهجرة المرتفعة ومنها غير الشرعية، والفقر المتعدد الأوجه الذي يهدد الشعب بخطر الزوال، والذي تتحمل كافة تبعاته المرأة".

وأوضحت "نطالب بهذا القرار من مدخل إنساني ولعدة مسوغات، واستناداً إلى تقارير دولية علمية بمؤشرات مخيفة حول الوضع اللبناني، ومنها أولاً: من البنك الدولي حول الأزمة الاقتصادية في لبنان والتي اعتبرها تقرير صادر من قبله في العام 2021 من أسوأ ثلاث أزمات عالمية في المئة سنة الأخيرة، وتقرير ثانٍ حول التضخم الذي صنف فيه البنك الدولي لبنان بأنه الأول عالمياً بنسبة تتجاوز 216 بالمئة، ثانياً تقرير الفاو في العام 2021 والذي يحذر من أن لبنان واليمن معرضان لخطر المجاعة الكارثية. ثالثاً تقرير الإسكوا في العام 2021 حول الفقر المتعدد الأبعاد، حيث وجد التقرير أن 82 بالمئة من سكان لبنان عاجزين عن تأمين مقومات الحياة الأساسية".

بالإضافة إلى تقرير اليونيسيف لعام 2022، الذي أوضح أن 84% من الأسر اللبنانية غير قادرة على توفير أساسيات العيش لأطفالها، كما أوضح تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2021، أن السلطات اللبنانية ما زالت تتقاعس عن حماية حق المواطنين في الصحة والاستشفاء والحياة.

وأشارت إلى أن ما سبق هو "غيض من فيض، فالجريمة الكبرى متمثلة بحرمان الشعب من استرداد أموالهم من المصارف وحجزها خلافاً للقوانين اللبنانية والمحلية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو ما يهدد بتفريغ البلد من مواطنيه وما نجده من تبعات متمثلة بالهجرة الشرعية واللاشرعية عبر قوارب الموت ويهدد أسر ومجتمعات بكاملها، ولعل المثل الصارخ والأكثر وضوحاً التقاعس المتعمد، والعجز في التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وهو ثالث أكبر انفجار غير نووي في التاريخ داخل مرفق عام أدى إلى تدمير نصف الأحياء السكنية في بيروت العاصمة".

ولفتت إلى أنه هناك قانون دولي لحماية الشعب وهو جزء لا يتجزأ من النظام العام اللبناني وقد وقعت عليه البلاد، كما أنه موجود ضمن الدستور اللبناني وفي مقدمته، ومن ضمن الالتزام بالقوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان "تتطلب هذه الدعوة الموجهة للمجتمع الدولي توقيعات من جهة رسمية والمتمثلة بمجلس النواب، وقد تمكنا من الحصول على توقيع 12 نائباً، ومن الممكن الوصول إلى توقيع أكثر من 30 نائباً".

وأكدت على أنهم "غير قادرين على حل الأزمات محلياً لذا نلجأ للمجتمع الدولي، فوسط فراغ سياسي متمثل بعدم وجود رئيس حكومة غير فاعلة ومؤسسات فاشلة، لن نترك شعبنا يموت قهراً وذلاً بالمجاعة، وهي الأسباب التي دفعتنا لطلب الحماية الدولية".