مصر... معوقات تحول دون تمكين النساء من العمل السياسي

تواجد النساء على الساحة السياسية واحد من التحديات الكبرى التي تحتاج لعمل دؤوب لتمكينهن منها، فضلاً عن القدرة على مواجهة ما يوضع في الطريق من عقبات لمجتمع لديه ثقافة تمييزية وانتهاكات أساسها النوع الاجتماعي.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعددت الأزمات التي تعاني منها النساء خلال الفترة الأخيرة من عنف وتحرش وقتل، ومازال هناك قبول مجتمعي للختان وتزويج القاصرات وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جميع جهود المجتمع المدني لوقف الانتهاكات التي تتعرض لها النساء وفي مقدمتها الأحزاب السياسية.

تواجد النساء في العمل السياسي واحد من الأمور التي تحتاج لجهد كبير وتطوير مستمر لقدراتهن من أجل إثبات ذواتهن من جهة ولمواجهة العراقيل التي توضع في طريقهن والمبنية على أساس النوع الاجتماعي على الصعيد الآخر.

وأكبر دليل على تلك المعاناة التي تتحمل النساء تبعاتها يتضح جلياً إذا قررن خوض الانتخابات النيابية، لما يحدث أثناء ذلك من انتهاكات تصل لحد الوصم والتشهير وتشويه السمعة، ولا يقتصر الأمر عند ذلك الحد.

 

أفكار مغلوطة ومخاوف تتعلق بوجود النساء في العمل السياسي

قالت السياسية راندا عبد السلام إن عدد ليس بالقليل من رجال مصر يمنعون النساء من ممارسة العمل السياسي والتواجد في الأحزاب، لافتةً إلى أن هناك عدد من الأفكار المغلوطة حول العمل السياسي بشكل عام ووجود المرأة به على وجه الخصوص، حيث يرى البعض أن هناك خطورة ومخاوف ترتبط عادة بتواجد المرأة ونشاطها الحزبي والسياسي.

واعتبرت أن الكثير من الرجال يمنعون النساء من الممارسات السياسية المختلفة ومنها العضوية الحزبية تحت دعوى الخوف عليهن من تبعات ذلك والحرص على عدم تعرضهن لأخطار العمل العام.

وعن تجربتها الشخصية تقول راندا عبد السلام، أنها في البداية لم تتمكن من ممارسة العمل السياسي بسبب والدها، لافتةً إلى أنه كان لديه بعض الأفكار البالية ومنها أن هناك مخاطر تحف العمل السياسي وتهدد أي امرأة تقترب منه، لذلك لم تستطع أن تخبره بعضويتها في أحد الأحزاب، مؤكدةً على أن هناك عدد كبير من النساء عضوات بالفعل في الأحزاب ولكنهن غير فاعلات بسبب الرجال.

وأشارت إلى أن أحد أهم أدوات محاربة النساء على الساحة السياسية تتمثل في تشويه السمعة باعتبار أن ذلك  أسهل وسائل السيطرة عليهن، لافتةً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت واحدة من وسائل التخويف وأداة سهلة للتخلص من المنافسين خاصةً إن كانوا نساءً وأكثر كفاءة.

وأضافت "كنت أخاف من دخول المعترك السياسي إلى أن تعلمت ما معنى العمل السياسي والديموقراطية والانتخابات وعدد المقاعد الانتخابية وحق النساء لها، فأصبحت أشجعهن على دخول المعترك السياسي وممارسة التجربة على أرض الواقع وعدم الخوف من أية مخاطر حتى وإن تعلقت بحملات التشويه".

 

 

نماذج لا تقهرهن المعوقات وفرضن أنفسهن على الساحة السياسية

هناك جانب آخر مضيء في الممارسات السياسية للنساء حيث أن بعضهن لم تتركن أي عائق يحول دون قدرتهن على المشاركة، تقول السياسية ميار الأمير أنها لا تجد أية معوقات وصعوبات في عملها، لافتةً إلى أن النساء بتن قادرات على فعل كل شيء سواء على الصعيد السياسي أو غيره من مجالات العمل العام.

وعن وضع المرأة في الساحة السياسية تقول "لقد دخلت أحد الأحزاب وأنا صغيرة في السن لمدة عامٍ واحد، وقد خضت الانتخابات الأخيرة وأصبحت أصغر عضوة هيئة مكتب، كنت خائفة جداً لمشاركتي في العمل السياسي لصغر سني، فالأمر كان مرهقاً"، نافيةً صحة فكرة أن المرأة أقل قدرة على العمل السياسي من الرجل.

 

 

دور الأحزاب السياسية في تغيير ثقافة المجتمع المنتهكة لحقوق النساء

الدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية من خلال لجانها المنتشرة قد يكون له كبير الأثر في تمكين النساء إذا ما تم وضع قضاياهن على طاولة اهتمامهم.

أوضحت السياسية المهتمة بملف المرأة والمحليات آمال سيد، تبني قضايا النساء وطرحها على طاولة المسؤولين احتل أولوية عمل أغلب مؤسسات المجتمع المدني في الفترة الأخيرة خاصة بعد سلسلة قضايا العنف التي راح ضحيتها عدد من الفتيات بين قتل وانتحار وإصابات مما جعل العمل على مناهضة تلك الثقافة المنتهكة لحقوق المرأة ضرورة ملحة.

وأشارت إلى أن أحزاب الكتلة المدنية تمكنوا من إعداد ورقة تتناول قضايا النساء المختلفة، موضحةً أن الورقة تنص على مواد هي جزء أصيل من احتياجات النساء خلال الوقت الراهن، وترى أن تلك الورقة أقوى من الطرح الخاص بالمجلس القومي للمرأة الذي حصر مطالبه في قانون عادل للأسرة بينما ورقة الكتلة المدنية احتوت على عدد من الملفات الرئيسية والحيوية ومنها العنف الأسري والتحرش والتمكين الاقتصادي للنساء إضافة لقانون الأحوال الشخصية.

وحول رؤية البعض الأحزاب قد يكون لها دور فاعل في تغيير الثقافة السائدة في المجتمع والتي تنتقص من حقوق المرأة تقول آمال سيد أن الدستور المصري نص على تخصيص نحو 25% من المقاعد النيابية للنساء وهذا في حد ذاته يساعد في إقرار التمييز الإيجابي الذي بدوره سيمكن من إثارة قضايا المرأة داخل المجالس النيابية والمحلية مستقبلاً.

وأشارت إلى أنه بوجود النساء في المجالس النيابية سيساعد على وصول صوت المرأة وطرح قضاياها على الساحة، معتبرة أن "ذلك اتضح في الضغط من أجل مناقشة قانون عادل للأسرة وإقرار قانون شامل وموحد معني بالعنف، مما يؤكد أن النساء تمكن من فرض قضاياهن على المجتمع ومراجعة تلك الأفكار والثقافات التي تلقي قبول نسبي سعياً لتغييرها والحصول على كامل حقوقهن الانسانية".