منظمات نسائية تأسف لتراجع تمثيل المرأة في الحكومة اللبنانية... "غربة بين الشعارات والتطبيق"

تراجع تمثيل المرأة في الحكومة اللبنانية الجديدة التي يرأسها نجيب ميقاتي والتي نالت الثقة من المجلس النيابي منذ أيام قليلة، إلى وزيرة واحدة بعدما تمثلت المرأة في الحكومة السابقة التي كان يرأسها حسان دياب بست وزيرات

كارولين بزي
بيروت ـ .
لم يقتصر تمثيل المرأة فقط على وزيرة واحدة على الرغم من تشديد رئيس الحكومة خلال تلاوته البيان الوزاري على دور المرأة في المجتمع اللبناني، ولكن أيضاً تم إسناد الوزيرة الوحيدة في الحكومة نجلا رياشي عساكر وزارة التنمية الإدارية التي ربما تعتبر في بلدان أخرى من الوزارات المهمة والفاعلة بينما في لبنان هي حقيبة دولة غير مؤثرة، بعدما أُسندت حقائب سيادية لوزيرات الحكومة السابقة.
 
"من الحكمة والإنصاف رفع مستوى تمثيل المرأة"
 
عن تراجع تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة، تقول مديرة منظمة أبعاد ومؤسستها غيدا عناني لوكالتنا "تراجع التمثيل النسائي في الحياة السياسية قد يكون انعكاساً للانهيار الذي نلمسه والتراجع الذي نعيشه كأشخاص على الأراضي اللبنانية بشكل عام بغض النظر عن الجنس. في الوقت نفسه، هو انعكاس للسقوط في الفجوة المطلقة لموضوع التمييز الجندري بين النساء والرجال والفكر الذكوري الذي أصبح متجذراً، ليس فقط في السياسات والقوانين والذهنيات ولكن أيضاً في الممارسة على أرض الواقع".
وتتابع "ربما ما ننظر إليه اليوم ليس فقط تراجع تمثيل المرأة، بل أيضاً نتطلع أن تكون هذه الحكومة في ظل الأزمة التي نعيشها، الأزمة المركبة والمتشعبة، قادرة على انتشال البلاد من الأزمات. فالمهم اليوم أكثر من أن تشمل هذه الحكومة عدد من النساء ذوات الكفاءة، التفكير بحكومة إنقاذ وطنية حقيقية تعمل كخلية متكاملة على مستوى مجلس الوزراء، وتقوم بإجراءات سريعة وفعالة لإنقاذ البلد".
وتضيف "وقد تكون النساء يتحلين بالكفاءات وتتميز بتعددية المهام في الوقت نفسه، وهو أمر مثبت بتاريخ المرأة وتركيبتها البيولوجية والسياق التاريخي بأن النساء قادرات بأوقات الأزمات على القيام بأكثر من مهام في الوقت نفسه، ولاسيما النساء اللواتي يتمتعن بكفاءات في قطاعات معينة".
وتعتبر غيدا عناني أنه "كان من الحكمة والعدل والإنصاف أن تُظهر القوى السياسية بأنها تؤمن فعلاً بالشراكة الحقيقية بين الجنسين والمساواة والعدالة الجندرية، من خلال تمثيل المرأة بشكل أفضل في الحكومة".
 
"تمثيل المرأة ليس مسألة عدد بل مقاربة استراتيجية في التعاون"
وتعليقاً على البيان الوزاري الذي صدر عن الحكومة الجديدة والذي نال ثقة المجلس النيابي، تقول "البيان الوزاري كان مفصلاً ومبوباً أكثر من كل البيانات الأخرى على مر السنين، ولكن التناقض أو الغربة بالموضوع هو أننا اليوم نحتاج لإنقاذ البلاد وقد جاءت صياغة البيان الوزاري بمثابة ديباجة وفرمان يعالج كل القضايا، بينما من المفترض أن يتم تصويب الهدف أكثر على مواضيع ملّحة اقتصادية، صحية واجتماعية معيشية، قبل أن يكون لدينا امتياز أن نذهب للحديث عن قضايا أخرى"، وتأسف لما تضمنه البيان فيما يتعلق بالمرأة وتقول "جاء البيان الوزاري على ذكر قضايا النساء بسطرين أو ثلاثة وهذه الأسطر القليلة هي ديباجة اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة سيداو". 
وتضيف "الممارسة عكست تناقض فوري بين التشديد على دور المرأة في البيان وغياب تمثيلها في الحكومة، وهي غربة نعيشها دائماً بين الشعارات والتطبيق".
وتشدد على أن الموضوع ليس مسألة عددية بل هو مقاربة استراتيجية لكيفية التعاون مع هذه المرحلة من الناحية السياسية والإجرائية، وتعبّر غيدا عناني عن تشاؤمها في الدفع قدماً في الأجندة الجندرية في هذه المرحلة، وتضيف "أعتقد أن هذه المرحلة تتطلب إدماج لكافة القضايا من ضمنها قضايا النساء إلى جانب القضايا العامة والصحة والأمن والسلامة، إذ لا يمكننا أن نفصل القضايا أو نقسمها لأننا سنخسر مكتسبات على كافة المستويات".
 
"تقدمنا باقتراح قانون لإقرار الكوتا النسائية"
 
من ناحيتها، تعبّر لوكالتنا العضو المؤسس في جمعية "نساء رائدات" ومؤسسة منظمة 50/50 جويل بو فرحات عن أسفها لما تضمنه البيان الوزاري فيما يتعلق بموضوع المرأة، وتقول "من المؤسف جداً أن يتضمن البيان الوزاري جملة خجولة عن المرأة ودعمها في السياسة، ومن الجميل جداً أن نرى رئيس مجلس الوزراء يتحدث عن دور المرأة وبأنها الأم والأخت والداعمة ولكن هذا لا يكفي، نحن نريد أن نلمس ذلك فعلاً، من خلال رؤية حكومة ممثلة فيها المرأة مناصفة مع الرجل، لذلك تقدمنا باقتراح قانون لتطبيق كوتا نسائية في مجلس النواب، وتقسم هذه الكوتا إلى شقين، الشق الأول يخصص 26 مقعداً محجوزاً للنساء في 15 دائرة، وأن يكون الترشيح لنحو 40% لكلا الجنسين على اللوائح الانتخابية".
وتتابع "نتمنى أن تتم ترجمة الكلام المعسول الذي استمعنا إليه مؤخراً بإقرار القانون، وليثبتوا لنا بأنهم يرغبون بتفعيل دور المرأة في الحياة السياسية" مؤكدة على أن "لبنان لا يستطيع أن ينهض إلا بمشاركة المرأة بهذه الخطة، ونحن نعوّل على جميع الحلفاء لإقرار هذا القانون في المجلس النيابي لكي تستطيع المرأة أن تساهم في إعادة بناء الوطن كما نطمح له".