منها السلطة الأبوية... عوائق تواجه النساء في الوصول لمراكز صنع القرار

تبذل النساء جهد مضاعف وتناضل من أجل الوصول إلى المناصب أو حتى التمكن من المشاركة السياسية وسط مجتمع يعتمد التنميط الجندري في تعامله معها ولا يعترف بدور لها خارج منزلها

أسماء فتحي

القاهرة ـ تبذل النساء جهد مضاعف وتناضل من أجل الوصول إلى المناصب أو حتى التمكن من المشاركة السياسية وسط مجتمع يعتمد التنميط الجندري في تعامله معها ولا يعترف بدور لها خارج منزلها، لذا وصولها للسلطة التشريعية أو التنفيذية في كثير من الأحيان يتم من خلاله تأصيل تلك الفكرة لينحصر عملها في مجال الصحة أو التعليم أو تلك الأدوار القريبة من الصورة الذهنية المأخوذة عن قدراتها، والتي رسخها المجتمع الذكوري.

رغم وجود الكوتا والتمييز الإيجابي لصالح المرأة إلا أنها مؤقتة، وباتت عدد من المؤسسات النسوية تتبنى العمل على تمكين النساء من أجل المشاركة السياسية الفعالة، وتعزيز قدراتها وتأهيلها كي تستطيع منافسة الرجال وخوض الانتخابات وتحقيق التواجد والمشاركة المرغوبة والمأمولة.

 

"هناك تأصيل مجتمعي للتنميط الجندري للنساء في المجال العام والسياسي"

قالت الباحثة النسوية ياسمين علاء الدين، وهي معيدة علوم سياسية بكلية الاقتصاد، أن النظام الأبوي يعمل بكل قوته على تأصيل التنميط الجندري للنساء في المجال العام، لافتةً إلى أنه من الناحية العددية لا يوجد تمثيل عادل للنساء في المشاركة السياسية في مصر، وهناك تمكين شكلي وليس نسوي معبر عن المرأة في المجال العام.

وأضافت أنه بالرغم من وجود الكوتا والتمييز الإيجابي للنساء، إلا أن المرأة تحتاج لوقت وجهد وعمل على تمكينها الفعلي لأنه بانتهاء الكوتا المحدودة بفترة زمنية لن تكون النساء قادرات على المنافسة في الانتخابات وتحقيق الآمال المعلقة على مشاركتهن السياسية.

وأكدت ياسمين علاء الدين على أن هناك العديد من العوائق تحول دون مشاركة المرأة السياسية أو اعتلاء مناصب صنع القرار منها ما هو سياسي واجتماعي مرتبط بالتنميط الجندري، وكذلك عدم استجابة الانتخابات نفسها للنوع الاجتماعي.

 

"المنظومة الأبوية تتعمد حصر دور المرأة"

من جانبها قالت الصحفية هبة أنيس، إن مشاركة المرأة سياسياً في مراكز صنع القرار ما زالت مسألة جدلية. لم ينتهي الصراع ولا الحراك من أجل تمكين المرأة من الوصول لتلك المراكز، وبالرغم من وصولها لبعضها إلا أنها لم تحقق ما تسعى له وما تتوقعه النسويات حتى الآن، وذلك بسبب المنظومة الأبوية التي تتحكم في كل ما يخص المرأة.

وترى أن معوقات مشاركة المرأة ترجع في الأساس لتلك السيطرة التي ترى المرأة في المنزل، وتصفها بـ"شرف العائلة"، فهي المسؤولة عن داخل المنزل وتربية الأبناء، وما خارجه مهمة الرجل، حتى وإن تمكنت من العمل خارجه تصبح تحت سيطرة الرجل، وهو ما يعيق وصولها لمراكز صنع القرار.

واعتبرت هبة أنيس أن أحد المعوقات أيضاً تتمثل في الافتقار لتنمية المرأة سياسياً، والافتقار لبلورة قوانين تقوم على المساواة الفعلية في الحقوق وليست المساواة الظاهرية، وجميعها نتاج السيطرة الذكورية المرتبطة بالإرث الثقافي والاجتماعي والنظام الأبوي الذي يعمل على إقصاء النساء.

وأشارت إلى أنه ترجع أهمية مشاركة المرأة سياسياً في مراكز صنع القرار، إلى تحقيق السلام في المجتمعات وإطلاق إمكانيات المجتمع الكاملة من خلال المساواة بين الجنسين دون إقصاء، كما أن تلك المشاركة تعمل على القضاء على الصورة والأدوار النمطية التي حددها المجتمع لهن، معتبرةً أن المرأة كالرجل، يحتاج الاثنان لتأهيل مستمر لتولي تلك المراكز، فالرجل أيضاً بحاجة لتعزيز قدراته، وإن كانت تلك الحاجة تزداد عند النساء أكثر بسبب إقصائهن لوقت طويل من المشاركة السياسية.

 

آمال معلقة على زيادة نسبة النائبات

أكدت الباحثة والناشطة النسوية جهاد أشرف، أن هناك العديد من المعوقات التي تحد من حجم المشاركة السياسية للنساء ووصولهن لمراكز صنع القرار، وفي مقدمتها منظومة القوانين والقيم والأفكار التي يخضع لها المجتمع، فالمرأة ينحصر دورها في صورة نمطية لا تجيز لها اتخاذ القرار، لأنها في نظرهم أقل عقلانية من الرجل.

وترى جهاد أشرف أن زيادة عدد النائبات في مجلس الشعب بنسبة 29% من إجمالي عدد المقاعد تعلقت عليه الآمال المرتبطة بتمرير بعض القوانين المناصرة لقضايا النساء في مصر، ولكن يجب دعم النائبات من أجل توسيع دائرة مشاركتهن، معتبرةً أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية من أهم مؤشرات العملية الديمقراطية السليمة، وبناءً عليه فإن مشاركة النساء من عدمها بمثابة مرآة تعكس ما يحدث في تلك البلاد، وطبيعة النظام السياسي والمجتمعي بها أيضاً.

وأضافت أن مشاركة النساء في الحياة السياسية وتوليهن مناصب قيادية سيتيح لهن كماً هائلاً من الموارد التي من الممكن أن تُسخر في دعم قضايا النساء، وزيادة مشاركتهن في المجالس البرلمانية.

وأشارت إلى أن عدد النائبات في البرلمان الحالي 165 نائبة، وفي مجلس الشيوخ حصلت النساء على 20 مقعداً بعد أن كانت 10 مقاعد فقط، أما بالنسبة لرئاسة اللجان سنجد أن المرأة تترأس لجنتين فقط من أصل 25 لجنة.

وأبدت جهاد أشرف أملها في أن يؤدي ذلك التواجد النسائي الكبير بالبرلمان إلى تغيير واضح وكبير في منظومة القوانين الخاصة بالنساء في مختلف التخصصات، مضيفةً أن أي شخص سواء رجل أم امرأة في خضم أن يعين بمنصب قيادي يجب أن يكون لديه من الخبرات ما يؤهله لذلك، ولكن لا يعني ذلك عدم إتاحة الفرصة لتدريبات تأهل لشغل تلك المناصب السياسية، معتبرةً أن تحطيم الصورة النمطية للنساء في المجتمع الأبوي هو الحل الأول لضمان مشاركتهن الفعالة في الحياة السياسية.