'علينا نحن النساء أن نعرف قوتنا والقوة في وحدتنا'

قسمت سوزان رخش دول المنطقة إلى نوعين "دول إسلامية ودول ذات حكومات دكتاتورية وعلمانية تم أسلمتها بقوة من الأسفل ونمت السلطة الأبوية وكراهية النساء فيها".

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ طرقت عالمة الاجتماع والكاتبة والناشطة النسوية الإيرانية سوزان رخش بكل جرأة أبواباً مغلقة تتمثل في تعرية العديد من الممارسات ضد المرأة وحريتها وكرامتها والتي شرعتها الأديان.

سوزان رخش، عالمة اجتماع وكاتبة وناشطة في الحركة النسوية، أكدت أن المرأة ستكون دائماً من بين ضحايا الحروب والصراعات، "المرأة كانت ولا تزال ضحية الحروب والصراعات، وهذا ما حدث في التاريخ الطويل جداً، منذ العصور القديمة وحتى اليوم، وحتى في الإسلام، فإن أخذ المرأة غنيمة حرب أمر مشروع تماماً".

وأكدت أن هذه الممارسة لم تتوقف على دين محدد "أخذ المرأة كغنيمة لم تكن في الإسلام فقط بل قبل ذلك، لكن الإسلام شرع ذلك وقدسه، في اليهودية، عندما كانوا في حالة حرب، حدثت هذه الأمور وفي المسيحية، وحتى في الحروب الصليبية، النساء هن الضحايا لهذه الحروب".

ولفتت إلى ان المرأة تميل للسلام لكن الرجال دائماً هم البادئون بالحروب والذين يحددون وقت انتهائها، "النساء هن ضحايا الحروب والذاكرة التي تحفظ مجازرها، إما كأمهات أو زوجات تفقدن أطفالهن أو أزواجهن وتحفظن المعاناة التي تعرضن لها. لقد رأينا الكثير في العصر الحديث؛ على سبيل المثال، في الحرب في يوغوسلافيا، التي حدثت في التسعينيات وكانت مكونة من أعراق مختلفة كانت تقاتل بعضها البعض، اغتصب الرجال النساء من أعراق أخرى لحملهن وبالتالي تدمير نقاء تلك العرقية. لقد أضروا بكبرياء رجال تلك المجموعة. لقد حدث هذا مرات عديدة وكان من أبرزها في القرن الماضي. وحتى الآن نرى أن النساء هن أكبر ضحايا الحروب، ضحايا ليس لهن حق الاختيار إنهن لا تخترن بدء حرب ولا توقيت إنهاءها. الحرب ليست بين بلدين فقط، فالحرب الأهلية أشد، وفي الحرب بين إيران والعراق، ما زلنا نرى آثارها في الجيل القادم من النساء اللاتي تأثرن بها".

وشددت على ضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة 1325 "لقد أقرت الأمم المتحدة ميثاقاً يعرف بميثاق 1325 في عام 2000. في هذا الميثاق، الذي وقعت عليه العديد من دول العالم، تم التأكيد على وجوب مشاركة المرأة بشكل مباشر في صنع السلام وإنهاء الحروب، كما يجب أن تشارك بشكل مباشر في سياسة بلدانها. وبعد مرور 24 عاماً على اعتماده، نرى أنه لم يتغير شيء بعد، وما زالت النساء ضحايا الحرب، واليوم تعد الحرب في غزة من أكثر الحروب دموية، ونرى كيف النساء والأطفال يذبحون ويقتلون ويسحقون تحت الأنقاض، ويتمزقون إربا، والعالم يراقب بصمت هذه الجريمة الكبرى".

وترى أن "إيران وحماس وإسرائيل متحدون مع بعضهم البعض ولا يوجد صراع بينهم"، معتبرةً الحرب بين إيران وإسرائيل وسيلة لإنقاذ إسرائيل واستمرار الجريمة ضد الشعبين الإيراني والفلسطيني، مؤكدةً أن الأفعال هي من تحدد وأن ممارسات السلطات الإيرانية رداً على الهجمات الإسرائيلية "سخيفة"، وأن فرض الحجاب على جميع نساء البلاد ما هو إلا لجذب الاهتمام الدولي.

وقالت "لأنني أعتقد أن حماس والدولة الإيرانية كلاهما في خدمة إسرائيل، فلا يوجد صراع بينهما وهذا مسرح تم إنشاؤه وتم التضحية فيه بالعديد من القادة والقنصلية كانت خطوة سخيفة لإنقاذ إسرائيل ونتنياهو من الضغوط التي كان المجتمع الدولي يمارسها على نتنياهو لإعلان وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب وقتل الشعب الفلسطيني، وعملياً أنقذت السلطات الإيرانية نتنياهو من هذا الضغط. وتركز كل الاهتمام على إيران وتم نسيان فلسطين. لقد حدث هذا عدة مرات خلال الثلاثين عاماً الماضية، كان لدي مشروع في فلسطين لسنوات عديدة، منذ عهد أحمدي نجاد وبعد ذلك، كانت الدولة الإيرانية تفعل ذلك دائماً وفي كل مرة ترتكب إسرائيل جريمة ضد الشعب الفلسطيني، تقوم الدولة الإيرانية بالقول إنه يجب إزالة إسرائيل من صفحة الجغرافيا ويقال إن إسرائيل تتعرض للتهديد فيُنسى الاتجاه وقضية الفلسطينيين. وهي مسرحية وكاتبتها إسرائيل".

وأضافت "الدولة الإيرانية تهاجم النساء لتكسب تأييد المسلمين حول العالم إنه استخدام مدروس لاستعراض القوة في تطبيق الحجاب وتم تضخيم هذه القضية لتصبح المرأة هي ضحية هذا الصراع".

 

"الدولة الإيرانية فشلت في الحرب مع النساء"

وشددت عالمة الاجتماع على أن "هذا الجيل ليس جيل الستينات والسبعينات"، مشيرةً إلى أن "جيلنا والجيل الذي بعدنا عندما تعرضن للاغتصاب والاعتداء في السجون اخترن الصمت، فلم تجرؤ النساء على الحديث عن ذلك، اليوم تم كسر هذه المحرمات تماماً لدى الإيرانيات، ورغم السجن والتعذيب تعبرن عن سخطهن ورأيهن. سبيده قليان تؤلف كتاباً عن تاريخ النساء في السجن".

وحول القضايا المتعلقة بالمرأة "يمكن تقسيم المنطقة إلى قسمين فيما يتعلق بمشاكل المرأة. جزء من الدولة الإيرانية التي تضغط على المرأة بشكل مباشر من أعلى المستويات والجزء الآخر يتمثل فيما تتم ممارسته في بعض البلدان، فهناك حكومات دكتاتورية وعلمانية، مما يعني أن الحجاب ليس إلزامياً، والعديد من القضايا الأخرى الإلزامية في إيران وأفغانستان لا وجود لها في هذه البلدان، ولكن تم أسلمتها بقوة من الأسفل، وظهرت السلطة الأبوية وكراهية النساء ونمت، وفي كلتا الحالتين، المرأة تتعرض لضغوط كبيرة".

وشددت سوزان رخش على أن "الفصل العنصري بين الجنسين استخدم لأول مرة ضد الأفغانيات والآن يستخدم ضد الإيرانيات، وحتى بعد الربيع العربي عام 2011، فعلى الرغم من الضغوط التي تمارسها الحكومات فإن نساء تلك الدول لسن مثل النساء من قبل، في كردستان وشمال إيران وحتى في سيستان وبلوشستان، بدأنا نسمع أصوات النساء".

 

إنشاء شبكة من النساء في غرب آسيا وشمال أفريقيا

وأوضحت أن المجتمع يؤكد على وحدة المرأة "أعتقد أن النظام لا يمكن أن يستمر بهذه الضغوط كما كان الحال في الماضي، ولكن المهم هو أننا نحن النساء يجب أن نعترف بقوتنا وهذه القوة تكمن في وحدتنا. إن آلامنا المشتركة كثيرة وعلينا أن نتحد لنكون درعاً ضد النظام الأبوي وكراهية النساء".

وأشارت إلى أنهم الآن لا يستخدمون كلمة الشرق الأوسط لأنه "مصطلح استعماري ومعادٍ للنساء، ويستخدمون بدلاً من ذلك كلمة غرب آسيا وشمال أفريقيا"، مضيفةً "نحن نحاول إنشاء شبكة من النساء في غرب آسيا وأفريقيا. دعونا نبني الشمال. لقد تواصلنا مع نساء كردستان وتركيا وأفغانستان وباكستان وسوريا ومصر وغيرها ونحاول زيادة هذا التواصل مع المنظمات النسائية والناشطات في المنطقة وتوسيع شبكة قوية والعمل بشكل متكامل قدر الإمكان، لأنني في مؤتمر الأمم المتحدة في شهر آذار، رأيت مدى التأثير الذي يمكن أن تحدثه فرديتنا، وحتى على مستوى الأمم المتحدة، فإن قوى مثل إيران وتركيا تقاوم بقوة حقوق المرأة، لدرجة أنه تم حذف كلمة الجنس من المواثيق المعدة للنساء، وحتى العديد من الحقوق التي منحتها الأمم المتحدة للمرأة بعد نضالات عديدة، تحاول الحكومات تدميرها. لسوء الحظ، أصبحت الأمم المتحدة اليوم منظمة للدول وهي التي تتخذ القرارات، ولكن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها مقاومة ومحاربة كراهية النساء هي أن نكبر ونتحد".

واعتبرت أن الاتحاد النسائي هو السبيل الوحيد للإنقاذ من النظام الأبوي وقالت "أود أن أدعو الجميع للانضمام إلى هذا الاتحاد، لسوء الحظ، ليس لدى الرجال القوة للاتحاد مع بعضهم البعض. كلما حاولنا أن نتحد، كان الرجال يفرقوننا. علينا نحن النساء أن نتكاتف من أجل حقوقنا. نحن نشكل نصف سكان المجتمع، وإذا حصلنا على حقوقنا، فسنحصل على حقوق أطفالنا وسنغير المجتمع. لذلك أدعو الجميع للانضمام إلى هذا التحالف ومحاولة أن يكون لهم صوت قوي".

 

"لكي نفوز يجب أن نتحد"

وتابعت سوزان رخش حديثها عن "الفصل العنصري بين الجنسين"، وقالت "هذا العام، وبعد نحو 7 سنوات لم نذهب إلى الأمم المتحدة بسبب كورونا، أدركت كم تراجعت حقوق المرأة إلى الوراء. لا يتم ذكرها بشكل مباشر في القضايا العالمية، ونحن نطرح قضية الفصل العنصري بين الجنسين، والحكومات تقاومها بشدة، حتى أنها تحذف كلمة النوع الاجتماعي. وتتحد العديد من الدول الإسلامية مع الفاتيكان وتقاوم هذه القضايا. الطريقة الوحيدة لجعل الأمور أفضل هي من خلال نضالاتنا. ممثل الدولة الإيرانية في الأمم المتحدة، أظهر صورة وردية عن الأوضاع في إيران، وكان الجميع يظن أن إيران جنة للنساء، ولم يكن هناك من يجيبه. ولأن المشاركة في هذه المؤتمرات لها قواعد معينة وكنت وحدي، لم أستطع أن أفعل أي شيء. بينما يمكننا الحصول على استراتيجيات فعالة، والمرأة التركية أيضاً هي التي ناضلت في مؤتمر الأمم المتحدة من أجل العودة إلى اتفاقية إسطنبول، وهذه اتفاقية لجميع نساء العالم. كانت النساء التركيات تقفن لوحدهن وكنا نحن أيضاً نقف لوحدنا. لذلك، لكي ننتصر، يجب أن نتحد".

وأضافت "كثير من الناس يعتقدون أن فلسطين وحماس هما نفس الشيء ويقولون إنهما على حق. العلاقة بين حماس والشعب الفلسطيني هي مثل العلاقة بين السلطة الإيرانية والشعب الإيراني. لذلك، يجب أن نكون على دراية بمشاكل بعضنا البعض ونكافح من أجل القواسم المشتركة. إذا أصبحنا صوتاً قوياً، فسيتعين على العالم أن يتجه إلينا. وإذا كنا متحدين في الأمم المتحدة، فسوف تضطر إلى الاستماع إلينا، فإذا دخلنا المؤتمرات التي تعقدها الحكومات متحدين ودافعنا عن بعضنا سنهزمهم".

واختتمت عالمة الاجتماع والكاتبة والناشطة النسوية الإيرانية سوزان رخش حديثها بالقول "اليوم، داخل بلداننا، تقاتل المرأة بكل ما أوتيت من قوة. نحن نرى نساء إيران، ونرى نضالات الأفغانيات في تلك الظروف الرهيبة، حتى نساء فلسطين تقاتلن ضد الحرب، لكن كل واحد منا يقف بمفرده وهذا ما يضعفنا. يجب علينا القضاء على هذا الضعف، والاستماع إلى أصوات بعضنا البعض، ومنح بعضنا البعض نفس الحقوق التي نمنحها لأنفسنا، والنضال من أجل تلك الحقوق. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها محاربة هذه السلطة الأبوية المتعطشة للدماء والحصول على حقوقنا. علينا أن نهزم الفصل العنصري بين الجنسين معاً، يداً بيد، ولا توجد طريقة أخرى".