كارولين صليبي: أطالب النساء بمقاطعة الانتخابات إذا لم يتم إقرار الكوتا

بعد إسقاط مشروع قانون الكوتا النسائية في المجلس النيابي وإحالته إلى اللجان النيابية لدراسته وذلك بعدما رفضت جلسة اللجان النيابية المشتركة مناقشته سابقاً بناءً على طلب النائبة عناية عز الدين التي واجهت كتلتها وصمت النائبات زميلاتها

كارولين بزي
بيروت ـ ، يبدو أن أغلب القوى السياسية التي تدّعي مناصرتها للمرأة وتأييدها الكامل لمشاركة المرأة في الحياة السياسية تخفي حقيقة أخرى في الكواليس ألا وهي أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية وحقوقها إنما هي عوامل ثانوية أو هامشية في الحياة اللبنانية.
 
"لا توجد إرادة سياسية لإقرار الكوتا النسائية"
وتعلق رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني كارولين سكر صليبي على إسقاط مشروع الكوتا النسائية في المجلس النيابي، وتقول لوكالتنا "يبدو أنه لا توجد إرادة سياسية لإقرار قانون الكوتا النسائية، إذ تم التطرق لموضوع الكوتا أكثر من مرة ولكنهم لم يقرّوه. المحزن في الأمر أن نظامنا في لبنان هو نظام برلماني قائم على الكوتا"، وتساءلت "لماذا يوجد لدى كل القوى السياسية اعتراض على الكوتا النسائية؟".
وأكدت أن "مشروع الكوتا النسائية سقط لعدم وجود إرادة سياسية، والآن سيتم تجميده من قبل القوى السياسية بحجة وجود مشاكل سياسية أخرى ويتم إرجاء الكوتا إلى حين الانتهاء من تلك المشاكل أو حلها، وكأن النساء لسن جزءاً من هذا البلد ولسن عنصراً يستطيع أن يبحث عن حلول. إذ يمر لبنان في الآونة الأخيرة بأزمات متعددة، منها انفجار مرفأ بيروت وتداعياته، الأزمة الصحية بسبب انتشار وباء كورونا، وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية الحادة".
متسائلةً "لماذا لا تكون المرأة جزءاً فاعلاً في وضع السياسات والحلول للخروج من هذه الأزمات؟ فالمرأة في لبنان تشكّل أكثر من نصف المجتمع. ويسألون دائماً لماذا علينا أن نخصص حصة للمرأة؟"، وتجيب "لأن مشاركة المرأة بشكل فاعل في الحياة السياسية لا تتم إلا بالكوتا، وكل العالم فكّر بهذا الإجراء أي اعتماد مبدأ الكوتا النسائية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، لأن الموضوع إذا تُرك لحرية الكتل والشعب من دون إقرار مبدأ الكوتا لن يتغير شيء، والتجربة أكبر برهان".
ولفتت إلى أن "تكاليف الترشح للانتخابات النيابية باهظة جداً، إذاً لا تستطيع أن تترشح إلا المرأة التي تملك المال، وعندما نتحدث عن كوتا نسائية نحن نعني أنه يمكن للمرأة الغنية وكذلك التي لا تملك إمكانيات مادية أن تترشح، كل هذه مشاكل تعرقل مشاركة المرأة في الحياة السياسية".
وأوضحت أنها زارت برفقة وفد نسائي رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد ناقش اللقاء موضوع الكوتا النسائية، "أكد رئيس مجلس النواب أنه يشجع الكوتا النسائية وبأنهم في حركة أمل التي يرأسها اقترحوا قوانين تتعلق بالإصلاحات والتعديلات التي يرغبون بإدخالها إلى النظام السياسي اللبناني ومن ضمنها الكوتا، وكان الاجتماع إيجابياً، ولفت حينها إلى أنه سيشجع مجلس النواب بأن يقرّ هذا القانون مع تجنيب إحالته إلى اللجان لدراسته لأن ذلك سيتطلب وقتاً طويلاً".
 
"الخطة "ب" هي البديل في حال تعذر إقرار الكوتا"
وتعبّر كارولين صليبي عن أسفها من سقوط اقتراح القانون في المجلس وإحالته إلى اللجان النيابية لدراسته، "النساء والمنظمات التي تعمل على موضوع الكوتا ومن بينهم منظمة 50/50 وضعوا خطة "ب" في حال تعذر إقرار الكوتا، وتنص الخطة على ترشيح 128 امرأة للانتخابات النيابية المقبلة، وقد تم تدريبهن على مهارات لكي يكن على قدر التحدي".  
وأوضحت أن هناك نساء في الأحزاب أيضاً لديهن الكفاءة إلى جانب المستقلات يمكنهن الترشح، مشيرةً إلى الدور الفاعل للمرأة اللبنانية في مختلف المحطات ومنها ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر (2019 ـ 2021)، التي اندلعت في البداية بسبب الضرائب المخططة على البنزين والتبغ و‌المكالمات عبر الإنترنت، لكن سرعان ما توسعت لتصبح إدانة على مستوى الدولة للحكم الطائفي والركود الاقتصادي، "كانت المرأة موجودة خلال الثورة بشكل ملفت، لديها خطط للإصلاح في مختلف الملفات المطروحة".
وأكدت على أن الجمعيات النسائية "تعمل على دعم المرأة وتدرب النساء المرشحات للانتخابات على مهارات العمل السياسي ولكن النساء فعلياً يتحلين بثقافة عالية وقدرة على استيعاب كافة الأزمات التي نمر بها بالإضافة إلى قدرتهن على وضع الحلول لمختلف القطاعات".
وعلى الرغم من امتناع بعض الأحزاب في لبنان على ترشيح النساء على المقاعد النيابية، إلا أن هذه الأحزاب لديها هيئات نسائية ونشاطات تنظمها نساء بشكل مثير للاهتمام، كما أن المرأة ناشطة وفاعلة حزبياً، تعلق كارولين صليبي على هذا الأمر "أدعو النساء اللواتي يطمحن للوصول إلى مراكز صنع القرار إلى ترشيح أنفسهن. ولكن النساء في الأحزاب تحديداً لديهن دور كبير يقمن به، عليهن أن يتحدين أحزابهن ويقفن بوجهها... لماذا يصرح حزب ما بأنه لا يريد أن يرشح نساءً أو هو ضد الكوتا النسائية وهو يضم ضمن أفراده نساء فاعلات؟ فعندما تقبل النساء في الأحزاب بهذا الأمر يعني أنهن لا يقمن بأدوارهن وخاصةً أنهن مدربات".
وتتابع "المنظمات النسائية تعمل على موضوع التدريب منذ سنوات وهؤلاء النساء أصبحن جاهزات، وفي حال دخول المرأة بقوة إلى المجلس النيابي ستغير الديناميك السياسي في لبنان لأن المرأة لديها أفكار مختلفة وتعي هموم المواطنين بطريقة مختلفة عن الآخرين". 
 
"فلتتحلى النساء الحزبيات بالشجاعة"
وتعتبر كارولين صليبي أن موضوع الكوتا لم يأتِ من عبث، وتطرقت إلى مؤتمر بجين الذي تناول موضوع الكوتا والذي وضعه كخطة أو إجراء مؤقت حتى يعتاد الناس على وجود النساء في الحياة السياسية، وقد حدد نسبة مشاركة المرأة في المجلس النيابي بـ 33%، لكي تكون الكتلة حرجة ووازنة تستطيع أن تشكّل ضغطاً وتغير القوانين بمجلس النواب.
وهنأت كارولين صليبي، النائبة عناية عز الدين على شجاعتها، وأشادت بكيفية مواجهتها لحزبها وللكتل النيابية الباقية، وتمنت أن تتحلى كل النساء الحزبيات بالشجاعة ويعبّرن عن مواقفهن بهذا الموضوع حتى لا تبقى المرأة مواطنة درجة ثانية.
وتضيف "نحن مواطنون ومواطنات نقوم بأكثر من واجباتنا ولدينا دور مهم في المشاركة في الحياة السياسية في لبنان، وقد أثبت الرجال ومنذ زمن بعيد من خلال قراراتهم والسياسة التي يعتمدونها اعتماد ثقافة العنف، كما على الحكومة اللبنانية في هذا الإطار أن تبدأ بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 1325 لإظهار نوايا حسنة حول مشاركة النساء في صناعة القرار وبناء ثقافة السلام".
وتشير إلى أن البعض يعتقد أن السياسة هي فن الكذب والاحتيال والتجرد من الأخلاق، لكنها ترى بأن السياسة ليست كذباً وليست خرقاً للأخلاق "آن الأوان للسياسيين أن يعملوا وفقاً لما تمليه عليهم ضمائرهم، وأن يدركوا بأن هناك شعباً يتألم وناقم على السياسيين في لبنان لأنه يجد أن السياسيين في وادٍ والشعب في وادٍ آخر"، مطالبةً في ختام حديثها "كامرأة ناشطة ونسوية أطلب من كل نساء لبنان إذا لم يتم إقرار الكوتا أن يقاطعن الانتخابات، إذ أن الكوتا طبقت في أغلب الدول العربية وهناك دول باتت تتحدث عن المناصفة". 
ومن خلال ممارسات الحكومة اللبنانية التي التزمت بتوصيات مؤتمر بجين، تبين أن المصادقة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة وملائمة القوانين الوطنية لنصوصها لم يكن إلا شكلياً، على الرغم من أنها منحت المرأة اللبنانية حق الترشح والانتخاب منذ عام 1953، وذلك بعد نضال ومطالبات متعددة من قبل ناشطات في حقوق المرأة.
ولم يشهد البرلمان اللبناني بشكل عام وجوداً للمرأة وفق قانون انتخابي باستثناء النساء اللواتي وصلن كونهن وريثات أو مورثات في مرحلة لاحقة، وشغلت النساء 6 مقاعد من أصل 128 مقعداً في آخر انتخابات برلمانية أجريت في أيار/مايو 2018 بالاعتماد على النظام النسبي، وما زالت المرأة اللبنانية بعيدة كل البعد عن المساواة الجندرية.