حقوق النساء في الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية... قراءة نقدية
أكدت شروق أبو زيدان أن المادة 21 من الإعلان الدستوري أعادت التركيز على دور المرأة داخل الأسرة والمجتمع، وهو ما قد يساهم في ترسيخ الصور النمطية للنساء.

لميس ناصر
دمشق ـ أثار الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية في سوريا جدلاً واسعاً، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء، حيث حمل نصوصاً فضفاضة دون تحديد آليات واضحة لتنفيذها، المادة 21 من الإعلان تنص على أن الدولة "تحفظ حقوق المرأة وتصون كرامتها ودورها داخل الأسرة والمجتمع"، وتكفل حقها في التعليم والعمل، كما تضمن الفقرة الثانية من المادة نفسها الحقوق السياسية والاقتصادية وتحمي المرأة من جميع أشكال الظلم والقهر والعنف. ولكن هل تضمن هذه المادة المساواة الحقيقية للنساء؟
ترى المحامية والناشطة شروق أبو زيدان أن مفهوم "المكانة الاجتماعية" للمرأة الذي ورد في المادة 21 غير محدد، ويختلف باختلاف المجتمعات والثقافات، مما قد يفتح المجال لتفسيرات تقيد حقوق النساء بدلاً من تعزيزها، كما أن المادة تتحدث عن كفالة الحقوق دون وضع آليات لتنفيذها أو تحديد كيفية صون هذه الحقوق، مما يثير مخاوف حول فعاليتها الفعلية.
تكريس الصور النمطية
وأشارت إلى أن المادة أعادت التركيز على دور المرأة داخل الأسرة والمجتمع، وهو ما قد يساهم في ترسيخ الصور النمطية للنساء، رغم الجهود التي بُذلت خلال السنوات الماضية لمكافحة هذه الصور النمطية والعمل على تحقيق المساواة الكاملة.
من القضايا الجدلية الأخرى في الإعلان الدستوري، مسألة اعتماد الفقه الإسلامي كمصدر للتشريع، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق مساواة تامة بين النساء والرجال، خاصة في ظل وجود مواد قانونية مستمدة من الشريعة قد تعيق تحقيق هذه المساواة كما أوضحت.
وبينت أن ديباجة الإعلان الدستوري أكدت على مبادئ الحرية والكرامة والمواطنة، وتُقر المادة 10 بأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو النسب، لكن رغم هذه النصوص، تبقى الإشكالية في آليات التنفيذ، حيث لم يضع الإعلان أي إجراءات واضحة تضمن تطبيق مبدأ المساواة فعلياً على أرض الواقع.
ماذا عن المعاهدات الدولية؟
المادة 12 (الفقرة الثانية) تنص على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية التي صادقت عليها سوريا، متسائلة "هل ستتمسك الدولة بتحفظاتها على بعض المواد التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، خصوصاً تلك المتعلقة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)؟ وهل سنعود إلى نقطة الصفر بإبقاء هذه التحفظات، مما يحدّ من فاعلية هذه الاتفاقيات في تحسين أوضاع النساء؟".
وقالت إن إحدى الإشكاليات الأساسية في الإعلان الدستوري أنه ينص على استمرار العمل بالقوانين النافذة لحين تعديلها، وهو ما يعني استمرار العمل بقوانين تجسد التمييز ضد النساء، دون وجود ضمانات واضحة لإصلاحها في المستقبل القريب.
ويبدو أن الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية حمل العديد من التناقضات فيما يتعلق بحقوق النساء، فمن جهة أكد على المساواة والمواطنة، ومن جهة أخرى لم يضع آليات واضحة لتحقيق هذه المبادئ، وترك الكثير من الأمور مفتوحة لتفسيرات قد تكون مقيدة للحقوق. يبقى التحدي الأساسي في كيفية ترجمة هذه النصوص إلى سياسات وتشريعات تضمن المساواة الفعلية وتحقق العدالة للنساء في سوريا.