عذاب العبود: المصالح الدولية تقتضي بقاء التدخل والاحتلال التركي في سوريا

في 24 آب/أغسطس عام 2016 دخلت تركيا الأراضي السورية عبر احتلال مدينة جرابلس تحت اسم عملية درع الفرات، ثم شن الاحتلال التركي هجمات على عفرين انتهت باحتلالها عام 2018 وبعد ذلك هاجم مدينتي راس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي عام 2019

سيلفا الإبراهيم
منبج - .
وحول ذلك أجرت وكالتنا حواراً مع رئيسة مجلس حزب سوريا المستقبل في مدينة منبج وريفها عذاب العبود
 
ما أهداف تركيا من التدخل في سوريا؟ 
منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم تحاول الدولة التركية خلق الأزمات في دول المنطقة ثم إدارة هذه الأزمات، واستغلال أي ظروف داخلية أو صراعات ضمن أي دولة حتى تتمكن عبر وكلائها من تحقيق أجندتها.
نرى تدخلاتها المباشرة والغير مباشرة في أرمينيا والعراق وأذربيجان، لكن الدور الأكبر لها والمشروع الأهم هو في سوريا فمن خلال السيطرة عليها ستتمكن من التحكم بالمنطقة. استطاعت تركيا التدخل عن طريق استغلال الأزمة السورية من خلال دعم بعض فصائل المعارضة الذين حولتهم إلى مرتزقة لتستطيع من خلالهم المضي والوصول لهذه المنطقة.
 
بدأت تركيا بشكل مباشر بالتدخل في الأزمة السورية بعد تحرير منبج، كيف لعبت المصالح الدولية دوراً في هذا التدخل؟
تدخلت الدولة التركية بشكل مباشر في سوريا بعد تحرير مدينة منبج وهدفها إفشال المشروع الديمقراطي في مناطق شمال وشرق سوريا، فتركيا تعلم أنه إذا نمت بذور مشروع الأمة الديمقراطية في منبج كونها مدينة تتمتع بأهمية جيوسياسية، واستراتيجية فسيمتد هذا المشروع إلى عموم سوريا، وحتى إلى داخل تركيا، ولكيلا تنتعش المعارضة التركية من جديد، لأنه اذ انتعشت المعارضة التركيا فإن هذا النظام الاستبدادي القوموي الفاشي سوف ينهار. 
لطالما استخدمت تركيا التنظيمات الإرهابية من أجل التدخل في سوريا، ولكن بعد قطع التمديدات عن المرتزقة بعد تحرير منبج التي استخدمت كطرق إمداد، تحاول تركيا إنعاشها من جديد لتبقى متحكمة بالوضع. 
أما بالنسبة للمصالح الدولية فالدول الكبرى جعلت من تركيا شرطي للمنطقة لتستطيع تمرير أجنداتها، لذا جميع الدول شريكة بالجرائم التي تقوم بها الدولة التركية بإعطاء الضوء الأخضر لها، سواء بدعم التنظيمات الإرهابية وتدريبها في معسكراتها، أو تسهيل مرورها. 
وأيضاً دخول تركيا لعفرين ورأس العين وتل أبيض وممارستها لمختلف الانتهاكات المنافية لجميع القوانين الدولية لم تكن محل صدفة بل بغطاء دولي، لذلك لم نرى أي إدانة او استنكار أو أي عملية ضغط على الدولة التركية حتى تتوقف عن ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري. 
 
العديد من التقارير الدولية اثبتت تورط تركيا في دعم تنظيم داعش، لكن لا يوجد أي تحرك دولي ضدها... لماذا لا توجد حتى نية لمحاسبة تركيا؟  
الجميع متسابق على تقاسم مناطق النفوذ في البلاد منذ بداية الأزمة إلى الآن فكافة الأطراف المتحكمة بمسار الأزمة السورية ومختلف الاجتماعات الدولية والمنصات التي تعقد لحل الأزمة السورية دائماً تأتي نتائجها عكس ما يتمناه السوريين، ودائماً ما تكون هذه النتائج لخدمة مصالح الدول الاستعمارية ومشاريعها في المنطقة سواء من الدولة التركية أو الولايات المتحدة الأمريكية وهناك المشروع الإيراني والروسي، لذلك لم نرى أي إدانة لهذه الجرائم كون الجميع مستفيد من إطالة أمد الأزمة السورية وفي حال تم إدانة الدولة التركية وإيقافها عن مجازرها سيؤدي ذلك لتسويات سياسية في المنطقة وحل للأزمة.
الدول العظمى لا تملك إرادة للحل كون الحل لا يخدم مصالحها ودائماً ما تدعم من يرتكب الجرائم وتدعم من يطيل أمد الأزمة السورية.
 
لماذا تستهدف تركيا المرأة بشكل خاص في المناطق المحتلة بشمال وشرق سوريا؟
الدولة التركية لا تستهدف المرأة كجسد فقط إنما تستهدفها كروح وفكر أيضاً، فهذا الفكر له دور كبير في إنجاح المشروع الديمقراطي بطليعة المرأة وقيادتها واتخذ من حرية المرأة أساساً لحرية المجتمع وضمان لكافة الحريات، وإرساء السلام.
فالنساء شاركن في المجال العسكري والسياسي والمدني وقدمن تضحيات كبيرة وهذه التضحيات ساهمت بشكل كبير في إنجاح مشروع الأمة الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا لذلك تركيا دائماً ما تسعى لكسر عزيمة النساء وعزيمة المجتمع في شخصية المرأة، وإضعاف المشروع الديمقراطي بقيادة المرأة، من خلال عدة جرائم تقوم بها وخاصة في المناطق المحتلة أو في مناطقنا المحررة من خلال التهديد المستمر.
 
إلى أي مدى يمكن القول إن تركيا حققت ما سعت إليه في سوريا؟ 
الدولة التركية ثالث أقوى دولة في حلف الناتو حيث تمتلك من العتاد العسكري مالم تمتلكه أي دولة أخرى، لكن هذه القوة لم تستطع تحقيق الطموح التركي في سوريا، فحلم الدولة التركية ليس فقط مناطق شمال وشرق سوريا بل السيطرة على كامل الأراضي السورية.
نعم استطاعت احتلال بعض المناطق كعفرين ورأس العين وتل ابيض وجرابلس والباب واعزاز لكن لم تستطع الوصول لمناطق أخرى من سوريا بفضل مقاومة وصمود أهالي المنطقة وقوات سوريا الديمقراطية، فتركيا حالياً تُريد مدينة منبج وريف مدينة الحسكة، وحلب وكافة المناطق السورية لكن بفضل وعي الأهالي من كافة المكونات المتواجدة في المنطقة لن تصل لمآربها في إعادة الاستعمار وإعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية.
 
كيف يعيق الوجود التركي الحل في سوريا؟  
بعد إطالة الأزمة السورية وانحراف الثورة السورية عن مسارها نتيجة عدة تدخلات إقليمية، ومحلية، وأجندات دولية، ونتيجة تضارب المصالح الدولية أيضاً أصبحت هذه الأرض ساحة لصراعات دولية، ولربما حرب عالمية ثالثة على كافة الأبعاد سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية من خلال العقوبات الاقتصادية التي تمارس على الشعب السوري.
عدة اجتماعات دولية عقدت لحل الأزمة السورية ودائماً هذه الاجتماعات تبوء بالفشل سواء اجتماع لجنة صياغة الدستور الذي أقصي منه ممثلي الشعب الحقيقي في شمال وشرق سوريا، وتم حرمان أكثر من خمسة مليون نسمة من أن يكون لهم ممثل شرعي في المحافل الدولية والمطالبة بحقوقهم، وكذلك الاجتماعات الدولية في جنيف واستانا وسوتشي ودائماً ما تبوء بالفشل نتيجة أن مصالح الدول العظمى أهم من مصلحة الشعب السوري.
لذلك دائماً كان للمصالح الدولية الدور الأكبر في إطالة أمد الأزمة السورية وتدمير البنية التحتية والفكرية وتهجير ملايين السوريين بعد أكثر من عشر سنوات من الأزمة، لذلك نحن كحزب سوريا المستقبل لا نعول دائماً على الخارج بل نعتمد على المسار الثالث ألا وهو مسار المفاوضات والتوازنات الدولية، فالقوة الأساسية لابد أن تكون القاعدة الشعبية والقوى الجماهيرية وذلك عن طريق وحدة كافة مكونات الشعب السوري واعتماد هذه المكونات على مبدأ الحوار السوري – السوري بعيداً عن الأجندات والتدخلات السلطوية.
حل الأزمة السورية لن يكون إلا بتحرير المناطق المحتلة ووحدة السوريين واتفاقهم فيما بينهم عبر المسار السلمي الداخلي بين كافة القوى السياسية وبين كافة المكونات بدون إقصاء وتهميش على طاولة واحدة تحت سقف وطن واحد.