أصوات من المغرب تتحدث عن المناصفة وتمثيلية المرأة في الانتخابات المقبلة

بينما يستعد المغرب لتنظيم الانتخابات المزمع انطلاقها في الثامن من أيلول/سبتمبر المقبل، عاد الجدل من جديد حول موضوع المساواة والمناصفة في السياسة

حنان حارت
المغرب ـ ، بعدما قبل مجلس النواب عريضة "المناصفة دابا"؛ أي (المناصفة الآن) التي تهدف إلى تفعيل المناصفة الدستورية في أفق 2030، والتي كان قد تقدم بها ائتلاف "المناصفة دابا" في تشرين الأول/أكتوبر 2020، وعملت المؤسسة التشريعية على التفاعل بشكل إيجابي مع العريضة، في أفق إقرار قانون إطار يتعلق بالمناصفة والمساواة.
 
ماذا بعد عريضة المناصفة؟
أكدت عضو ائتلاف "المناصفة دابا" أمينة التوبالي لوكالتنا، أن البرلمان المغربي يمر الآن من مرحلة انتقالية، حيث ينتظر من البرلمان المقبل التنسيق مع فرقه الجديدة لاقتراح آلية تشريعية لتفعيل الفصل 19 من الدستور والذي ينص على تفعيل مبدأ المناصفة والمساواة... وذلك بعد أن استوفت عريضة المناصفة كافة الشروط القانونية وقبولها شكلاً ومضموناً من طرف مجلس النواب.
وأشارت إلى إنه في ظل ذلك يجب على قيادات الأحزاب السياسية جعل القضية النسائية قضية محورية وأولوية ضمن برامجهم السياسية، وأيضاً تفعيل مبدأ مقاربة النوع الاجتماعي، مشيرةً إلى أن التزكيات يجب أن تمنح للمناضلات والمناضلين في جل الدوائر، وأن تساهم الأحزاب في تغيير العقليات من خلال جعل الناخبين يتعودون على صور النساء وكيلات للوائح وكذلك على رأس المجالس الجماعية ومجالس العمالات والجهات.
 
"حضور المرأة محتشم"
وحول تقييمها لحضور المرأة المغربية في المشهد السياسي تقول "إنه ما زال محتشماً، محملةً المسؤولية للأحزاب السياسية، التي عليها تغيير الأرقام والعقليات".
واعتبرت أمينة التوبالي أنه رغم التمثيلية الضعيفة للمرأة في السياسة إلا أن ذلك يعد مكسباً، قائلةً "انتقلنا من صفر امرأة إلى أرقام، حيث أنه رغم هذا الضعف، إلا أن هذا الأمر يبقى نسبياً جاء بعد نضالات متعاقبة للحركة النسائية والتقدمية والمدافعين عن الديمقراطية والمساواة... وجاء أيضاً بفعل الإرادة الملكية لإعطاء المرأة القيمة المنوطة بها داخل المجتمع المغربي"، على حد قولها.
وأوضحت أنه ما زال يتم تسجيل العديد من الممارسات التي تكرس ثقافة التمييز، "نحن نعول على الإصلاحات القانونية إيماناً منا بأن السيادة يجب أن تكون للقانون، كما أن بناء دولة الحقوق والمؤسسات لا يمكن أن تتحقق إلا باحترام النصوص القانونية". 
 
اعتماد مقاربة النوع
ونوهت إلى أن "المغرب مقبل على محطات انتخابية حاسمة، لهذا ينبغي على جميع الأحزاب جعل المرحلة المقبلة محطة إيجابية تقطع مع الحيف والتمييز الذي لحق النساء في المحطات الانتخابية الماضية"، مؤكدةً أن "الأحزاب التي تستعمل القضية النسائية مطية وشعاراً لا يمكن أن تحافظ على مصداقياتها داخل المجتمع".
ودعت أمينة التوبالي الأحزاب السياسية المقبلة على خوض الاستحقاقات الانتخابية، الجماعية والجهوية والتشريعية، إلى اعتماد مقاربة النوع، وعلى ضرورة انخراط الأحزاب السياسية والنقابات لجعل المحطة الانتخابية المقبلة محطة للقطع مع أشكال الحيف ضد النساء، وطرح القضية النسائية ضمن البرامج الانتخابية.
 
خطوة أولى في طريق الإنصاف
ومن جهتها ترى الباحثة في قضايا المرأة والإصلاح زينبة بن حمو، أن الموافقة على العريضة هي الخطوة الأولى فقط في طريق انصاف المرأة، ويبقى الآن تفعيل مضامين العريضة من خلال تنزيلها على شكل قوانين إجرائية قابلة للتفعيل، وهنا يأتي دور البرلمانيات والبرلمانيين الذين ستفرزهم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من خلال تبني وتقديم مقترحات قانونية في هذا الصدد، ومن ثم خلال الترافع داخل اللجان والتصويت.   
وفي جوابها عن سؤال هل قبول عريضة المناصفة في مجلس النواب معناه تحقيق مطالب الحركات النسائية في المغرب، أم أن هناك نضالات أخرى يجب أن تقودها هذه الأصوات؟ تجيب زينبة بن حمو قائلةً "بالطبع نحتاج إلى المزيد من النضال والكفاح، أولاً للحفاظ على المكتسبات، ثم للسعي إلى تحقيق المزيد من الانتصارات، نحن الآن وبعد مضي عشر سنوات على دستور 2011 ما زلنا ننتظر إخراج هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة... لذلك ما زال هم المنظمات النسائية والحقوقية هو تفعيل كل الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب وكل النصوص التي جاء بها الدستور، للعمل على تحقيق مبدأ المناصفة والمساواة، والذي يؤكد على المساواة بين كل المواطنات والمواطنين في الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية".
وعن قراءتها لإدراج اللوائح الجهوية للنساء في النظام الانتخابي، تقول إنها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، أي اتجاه تحقيق المناصفة، وهي أيضاً مبادرة تتماشى مع اختيار المملكة فيما يخص الجهوية المتقدمة، وثالثاً هي فرصة لإفراز تمثيلية حقيقة تعكس الاختلافات الثقافية والعرقية واللغوية للشعب المغربي، بحيث سنجد لأول مرة نساء يمثلن كل الجهات.
 
الأحزاب في ورطة
وحول إن كانت الأحزاب السياسية مستعدة لمواجهة التحدي المتمثل في حجز ما لا يقل عن ثلث المقاعد للنساء في إطار لائحة خاصة، تقول زينبة بن حمو إن الأحزاب لا تملك خياراً آخر، لكون المسألة لم تعد اختياراً داخلياً للأحزاب وتنظيماتها، بل المسألة أصبحت مفروضة بقوة القانون (06.21)، الذي نشرته الجريدة الرسمية في 17أيار/مايو 2021، والذي يؤكد على تخصيص الجزء الثاني من لائحة الترشيحات حصرياً للنساء في إطار تعزيز تمثيليتهن، كما فرض نسبة الثلث بكل المجالس جهوياً وإقليمياً ومحلياً.
وتختم زينبة بن حمو حديثها بالقول "الآن يبدو أن الأحزاب ستجد نفسها في ورطة حقيقة بسبب عدم الاهتمام بتوسيع دائرة استقطاب النساء قبل الآن، وربما أن هناك أزمة حقيقية لدى بعض الأحزاب التي لا تجد النصاب الكافي لملء اللوائح، لذا تلجأ إلى ترشيح نساء من خارج التنظيم".
وكان ائتلاف "المناصفة دابا" قد أعلن عن جمع توقيعات مبادرة "تفعيل المناصفة الدستورية الفعلية في أفق 2030"، قبل 10 أشهر تقريباً، وتم قبولها خلال الأيام الماضية من قبل مجلس النواب.
وتطالب المبادرة، كذلك بإعطاء المناصفة الانتخابية الأولوية في الورش التشريعية المتعلقة باستحقاقات عام 2021 وما يليها، مؤكدة على ضرورة ألا يقل عدد النساء في المؤسسات والهيئات المنتخبة على المستوى المحلي عن 30 في المائة، وألا يقل على المستوى الوطني عن 40 في المائة.