"التحديات النسائية" أبرز نتائج اليوم الأول من المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

انعقد المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد توقف لنحو ثماني سنوات، إذ عقد المؤتمر الأول في العام 2013، وها هو ينعقد للمرة الثانية في بيروت، على مدار يومين

 كارولين بزي
بيروت ـ .
ناقشت الجلسة الأولى الأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأثرها على النساء. أما الجلسة الثانية فكانت سرداً للتجارب النضالية النسائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتم التطرق إلى تجربة النساء في المجال السياسي ولاسيما تجربة النساء الكرديات في تركيا، وتم تناول التجربة النسائية في المجال الثقافي في لبنان. كما تم تسليط الضوء على واقع المرأة الاقتصادية في الأردن والتطرق إلى نضال المرأة في الشأن الاجتماعي في العراق.
واختتمت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر الذي يمتد على يومين 30 و31 تموز/يوليو، بجلسة بعنوان استراتيجيات العمل، في مستهل الجلسة التي تديرها عضو شبكة المرأة الليبية لدعم السلام الدكتورة رابحة الفارسي تحدثت في بدايتها عن تجربة النساء النضالية في ليبيا، وقالت "اتفقنا كنساء ليبيات بأن تكون قضيتنا المشتركة هي الوطن لم تعد قضية العنف القائمة على النوع الاجتماعي هي الأساس، على الرغم من الاختلافات فيما بيننا ولكننا اتفقنا كنساء على نقاط وأهداف موحدة وهي عودة الوطن". 
وأشارت إلى أن المعاناة التي عاشتها المرأة في ليبيا، عاشتها أيضاً المرأة السورية والفلسطينية والتونسية واليمنية والكردية بل وكل النساء في كل الدول العربية. واعتبرت أن المشرع الليبي أنصف المرأة ولكن المشكلة كانت بالذهنية والموروث الثقافي. 
 
تجربة المرأة التونسية  
من ناحيتها، عادت عضو منظمة التحالف التونسي من أجل المساواة في الميراث الدكتورة سلوى قيقة إلى تاريخ منع تعدد الزوجات في تونس، وذلك خلال حديثها عن تجربة المرأة التونسية في المجال القانوني.
وأكدت أن كل مكتسبات المرأة التونسية تعود إلى نضالات عريقة بدأتها منذ بداية القرن ولم تنته هذه النضالات لغاية اليوم. 
واعتبرت أن الإرادة هي الأساس، وقالت "لنتسلح بالإرادة لنحقق المساواة بين الرجال والنساء"، مشيرةً إلى أن الدستور التونسي الجديد ينص على أن المواطنين والمواطنات سواء أمام القانون، مؤكدة أن كل المكتسبات التي حصلت عليها المرأة هي بفعل النضالات النسائية.
 
تجربة المرأة في شمال وشرق سوريا 
بدورها، تناولت عضو منسقية مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا آسيا عبد الله تجربة حكم الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وتطرقت إلى دور المرأة في محاربة داعش والتنظيمات الإرهابية، وقالت "من حارب داعش هي المرأة، التي قامت بالنضال هي المرأة، المرأة قدمت في نضالها العديد من الشهيدات والجرحى اللواتي ضحين بأنفسهن من أجل كرامة المرأة. على أساس هذا النضال، كل النساء لديهن هدف واحد ويقفن في خندق واحد لبناء نظام ديمقراطي لحرية المرأة".
وأضافت "الإدارة الذاتية الموجودة هي أساس نظام المرأة، وهي تجربة ديمقراطية، هذا النظام الديمقراطي تم إنشاؤه بنضال النساء، 40% من القوى العاملة هن نساء، تشكّل نسبة النساء في المجالين التعليمي والصحي 70% وكل ذلك بفضل نضالات المرأة". 
وتابعت "واحدة من هذه المكتسبات، هي كتابة القانون بيد المرأة وبإرادة المرأة وقد تم العمل بهذا القانون، والآن نعمل على أن يتم تطبيق هذا القانون على كافة الأراضي السورية".
وعددت بعض هذه القوانين وقالت "أولى هذه القوانين منع تعدد الزوجات، منع زواج القاصرات، المساواة داخل الأسرة. كما تم افتتاح عدد من الأكاديميات من أجل تطوير المرأة سياسياً وثقافياً، ومن أجل تطوير شخصية المرأة على كافة الأصعدة. تم بناء سبعين بيتاً للمرأة لحماية النساء اللواتي تعرضن للعنف، بهدف وقوف المرأة إلى جانب المرأة من أي جنسية أو دين كانت. في  فترة كورونا مررنا بأزمة اقتصادية لأننا كنا ضمن حصار وحتى هذه البيوت التي أقيمت من أجل النساء تأثرت بالحالة الاقتصادية، لذلك نعمل على إنشاء نظام اقتصادي خاص بالمرأة، لحل مشاكلهن الاقتصادية، كنظام العمل بالمشاريع الصغيرة، إيجاد حلول وأعمال للمرأة". وأكدت بأن الثورة في شمال وشرق سوريا لم تنته بعد ولا زلنا نواجه بعض المعوقات.
وأشارت إلى أن المرأة ناضلت ضد داعش وضد الذهنية الذكورية، واليوم المرأة هي هدف للمرتزقة الأتراك، وشاركت بعض الإحصاءات فيما يتعلق بعدد النساء اللواتي قتلن وكذلك اللواتي اختطفن من قبل المرتزقة.
 
النضال الفلسطيني 
تحدثت سعاد عبد الرحمن عن دور المرأة الفلسطينية في العمل النضالي النسائي، مستشهدةً مؤخراً بمنى الكرد التي ساهمت بتسليط الضوء على الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون في حي الشيخ جرّاح وأشعلت انتفاضة شعبية شهدها العالم أجمع. كما تطرقت خلال اللقاء إلى تاريخ النضال النسائي الفلسطيني منذ ثلاثينات القرن الماضي، وشبهت الاضطهاد الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بالاضطهاد والقهر الذي يعيشه الشعب الكردي. 
 
مصر
في مداخلتها، سلطت عضو مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة نيفين عبيد الضوء على بعض القضايا التي تخص المرأة، والتي شهدها الشارع المصري مؤخراً، مثل قضية أحمد حسام الذي تحرش واعتدى على عدد من زميلاته في الجامعة، وكيف تحولت هذه القضية إلى قضية رأي عام. 
كما كان لقضية "الفيرمونت" وهي حادثة الاغتصاب الشهيرة التي أقدم عليها ستة شبان باغتصاب فتاة في فندق الفيرمونت في مصر بعد حفل زفاف في العام 2014، وأيضاً تحولت إلى قضية رأي عام وكيف تم الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي.
وتحدثت نيفين عبيد عن قضايا فتيات التيك توك واللواتي كانت تهمتهن في البداية بأنهن يقمن بانتهاك قيم الأسرة المصرية المحافظة، ثم تحولت إلى قضية اتجار بالبشر.
وشددت على أهمية الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي بهدف إحداث تغيير فيما يتعلق بقضايا العنف ضد المرأة، عبر إظهار التأييد ومناصرة قضايا المرأة، واعتبرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تغيير من دون إحداث تغيير من داخل الأسرة. 
 
"الهدف من المؤتمر تحديد قراءة سليمة لأحداث المنطقة" 
 
 
وعن المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقول رئيس رابطة جين بشرى علي لوكالتنا "قبل عامين اجتمعنا جمعيات نسائية كلجنة تحضيرية وناقشنا الأهمية التاريخية للمؤتمر النسائي الأول والقرارات الصادرة ونقاط الخلل التي أدت إلى عدم تفعيل المنسقية في المؤتمر، وما الذي يمكن أن نقوم به لتفعيل المؤتمر نظراً لأهميته، وتوصلنا إلى نتيجة أنه يجب أن نعقد المؤتمر الثاني ونعيد قراءة الأحداث التي مرت بها المنطقة على مدى ثماني سنوات على كافة الأصعدة وخاصة على صعيد المرأة. بالإضافة إلى التغيرات التي طرأت على المنطقة مثل داعش والجماعات الإرهابية والحروب التي فتكت ولا تزال تفتك بالمجتمعات والأطفال والنساء وتشتت العائلات". 
وتضيف "الهدف من المؤتمر الثاني هو أن نحدد قراءة سليمة لهذه الأحداث، وهذا كان محور الجلسة الأولى من المؤتمر، علينا أن نقرأ بطريقة صحيحة لنستطيع رسم خارطة طريق صحيحة وأن يكون لدينا رؤية فكرية سليمة لكي يكون هناك ممارسة عملية سديدة".
 
"المواطنة هي قضية النساء الأساسية"
 
 
وقالت الصحافية السودانية والمهتمة بقضايا النساء مديحة عبدالله أن "قضايا النساء واحدة واعتقد أن القضية الأساسية هي قضية المواطنة بالنسبة للنساء، حتى داخل البلدان ذات الأنظمة العلمانية. هناك مستويان من المواطنة مستوى عام على مستوى القوانين التي تنص على المساواة وتتماشى مع الاتفاقيات الدولية، ولكن على مستوى التطبيق والأحوال الشخصية هناك فرق كبير وهي واحدة من الأزمات الحقيقية لكل النساء في المنطقة العربية"، وتتابع "اعتقد أن ذلك يعود إلى مسألة الثقافة لأن كل الثورات التي قامت لم تعطي البعد الثقافي الحجم المطلوب، وهذا الأمر ينطبق على المرأة السودانية".
ولفتت إلى أن نحو ستين بالمئة من الذين خاضوا الحراك في السودان كانوا نساء، ووقفن بقوة ضد النظام السياسي، مضيفة "نضال النساء لم يبدأ مع الثورة بل هن هزمن نظام الإسلام السياسي منذ بداية الحكم أي منذ تسعينات القرن الماضي، وقد تعرضن للعنف والتشريد نتيجة مقاومتهن".
وتضيف "مقاومة المرأة لم تنعكس على وصول النساء إلى مراكز صنع القرار وذلك بسبب تكوين الأحزاب التي وصلت للسلطة، كما أن الأجندة النسوية لم تكن واضحة".
 
"مكتسبات المرأة الأردنية لم تعكس تواجدها في سوق العمل"
 
 
الأستاذة الجامعية إيمان الحسين تحدثت عن مكتسبات المرأة الأردنية على مختلف الأصعدة والتي تحققت بفعل النضال الطويل للمرأة الأردنية بالإضافة إلى الإرادة السياسية، وتقول "لا نستطيع أن نفصل الحياة السياسية عن الحياة الاقتصادية، حصلنا على كوتا نسائية في البرلمان والبلديات وهناك عمل على زيادة عدد المقاعد النسائية في البرلمان، والمرأة في البلديات تحقق إنجازات كبيرة وتخطت مشاركتها نسبة الكوتا".
وتشير إلى أن "نسبة تعليم المرأة عالية جداً ولا يوجد فجوة جندرية، حتى في بعض الجامعات نسبة النساء أعلى من الذكور. ولكن للأسف ذلك لا ينعكس على الواقع الاقتصادي إذ أن نسبة النساء العاملات المسجلات لا تتجاوز الـ 14%، علماً ان البطالة الأكبر هي للنساء الجامعيات".
وتعليقاً على أهمية المؤتمر وتوقيته، تقول "من الأهمية عندما نلتقي كنساء مع بعضنا البعض أن نتبادل الخبرات، ونتشارك البرامج ونعمل معاً، لأننا نواجه جميعاً التحديات نفسها وليس في العالم العربي فحسب بل في العالم كله"، وتتابع "هناك تحديات لنساء أكثر من غيرهن وفقاً للدول التي ينحدرن منها والأزمات التي تمر بها دولهن"، وتضيف "نحن معاً نتضامن من أجل المرأة أينما كانت، لأن المرأة إذا لم تنهض ولم تأخذ حقوقها لن يكون هناك مجتمع ناهض".
وتشير إلى أن المرأة أكثر دقةً من الرجل وتنتبه لجوانب لا يعيرها الرجل اهتماماً، وتلفت إلى أنه عندما تفكر المرأة بتعديل قانون فهي تعدله لها ولزوجها وابنها.. وعلى الرجل أن يفكر بالطريقة نفسها ويكون شريكاً، ولم تنكر أن هناك رجالاً يتبنون قضايا المرأة، وشددت على أهمية أن يقف الرجل جنباً إلى جنب إلى جانب المرأة لاستعادة كامل حقوقها.