العراق... مشاركة النساء في مراكز صنع القرار السياسي لا تزال محدودة

أكدت ناشطات عراقيات على أن تردي الأوضاع الأمنية، ونمطية وسائل الإعلام تجاه المرأة وحصر دورها في مجال الأسرة والطفل, من بين الأسباب التي تدفع بالنساء إلى الوراء.

راما شاهين

بغداد ـ في سعيها للحصول على حقوقها والانخراط في كافة المجالات، والمشاركة في العملية السياسية كناخبة ومرشحة، عملت المرأة العراقية لسنوات طوال للقيام بدورها كعنصر فعال في المجتمع.

شهد العراق بعد عام 2003 مشاركة كبيرة للمرأة العراقية في المجال السياسي وتحديداً تحت قبة البرلمان العراقي، حيث تمكنت من الترشح للانتخابات البرلمانية واثبتت قدرتها على خوض التجربة، وعلى الرغم من قلة عدد المقاعد الخاصة بالمرأة في البرلمان لكن ما كان يحدث سمح بتوليها مناصب حكومية عليا، وأثبتت كفاءتها في القيادة والقدرة على إدارة حكم البلاد.

فالدستور العراقي أعطى للمرأة الحق في ممارسة العمل السياسي ودخلت مجلس النواب بنسبة 25% من مجموع الأعضاء حسب ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 49 من الدستور العراقي، إلى أن تعدت تلك النسبة فلبغت العدد المقرر بموجب الكوتا التي تعتبر عاملاً مهماً في تحقيق مشاركة النساء داخل العملية السياسية، ما يدل على نقلة نوعية في مجال العمل السياسي، ورغبتها في المشاركة السياسية في عملية صنع القرار.

تقول الناشطة السياسية انتصار الشمري أن "للمرأة كيانها الخاص، ولها الحق في ممارسة أي عمل في أي مجال كان، ولها إمكانيات وقدرة على أداء أي عمل أو اتخاذ القرارات".

وحول دور المرأة في صنع القرار السياسي بالعراق بعد عام 2003، تقول أن مشاركة النساء في مراكز صنع القرار السياسي لا تزال محدودة ولم يسلط الضوء عليها، فهي تقف خلف الكواليس في اتخاذ القرارات السياسية، بالرغم من أنها ساهمت في كتابة الدستور وإحقاق الكوتا.

وأشارت إلى أن العراق لديه التزامات دولية فيما يتعلق بحقوق النساء وممارسة دورهن في كافة المجالات، وعليه تطبيقها، كالقرار الأممي 1325، الذي يلزم الدول الأعضاء والموقعين والمصدقين عليها بمنح النساء الحق في المشاركة بالأمن والسلم وكذلك في المجالات السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية، وصنع القرار.

وحول تعرض النساء للانتقاد أثناء عملهن بالمجال السياسي، في الوقت الذي يعتبر فيه المجتمع أنهن لا ترتقين للمستوى المطلوب تقول "النساء دائماً ما تتعرضن للانتقاد لعدم تمكينهن بشكل جيد، إن مشاركة المرأة في العمل السياسي ليست قضية سهلة، لا نستطيع أن نقفز على الواقع والبيئة المحيطة، إذا لم تتوفر الإمكانيات فبالتأكيد ستتعرضن للانتقادات، كما أن الحركة النسوية في العراق تعرضت للعديد من الانتقادات، لكن هذا لا يمنع أنه هناك نساءً أصبحن رموزاً وتركن بصمتهن ولا زلن تناضلن من أجل تبوأ المرأة موقعها".

ولفتت إلى أن تهميش المرأة في المجتمع والحياة السياسية يدل على مدى قصور الرؤية العلمية للمرأة ودورها في المجتمع ومدى الجهل والتخلف الذي يعانيه المجتمع الذي لا يزال يعاني من هشاشة الوضع الأمني وضعف الاستقرار السياسي، والتدهور الاقتصادي.

وأضافت "إن الإجراءات مرتبطة بالإرادة السياسية وبالسلطة فلا نستطيع أن نغالط الواقع، المرأة موجودة وتسعى للوصول إلى كل المجالات والحصول على كافة حقوقها، لكن للأسف السلطة الذكورية والنظرة المجتمعية النمطية تحبط من شأنها".

وأوضحت أن "الإعلام لا يسلط الضوء بالشكل الصحيح على الحركة النسوية، وبالرغم من أن الكتل السياسية والقيادات الحزبية التابعة للسلطة تسعى لإقصائها وعدم لعب دورها وإثبات قدرتها وإمكانياتها، فالمرأة اليوم موجودة في كل الميادين السياسية والاجتماعية وباتت تقفز على العقبات والتحديات التي تعترض طريقها".

وحول الإجراءات الواجب اتخاذها لتمكين المرأة في العمل السياسي توضح انتصار الشمري، أنه يجب تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين ونشرها وإدماج قضية مشاركة النساء ضمن أولويات الأطر السياسية المتنوعة لترسيخ قيم المساواة والعدالة والديمقراطية، والحرص على إيجاد آلية وطنية معنية بالنهوض بالمرأة.

 

 

وأكدت الناشطة النسوية خيال الجواهري أن العديد من الأحزاب التي تأسست بعد عام 2003، لها الدور في تمكين المرأة، ولكنها لا تزال بحاجة إلى جهد أكبر بالرغم مما تعانيه، لتواكب المجتمعات المتقدمة وتأخذ دورها.

وفيما يتعلق بانخراط المرأة في المجتمع تقول أن المجتمع دائماً في صراع مع المرأة والتمييز ضدها، لافتةً إلى أن التمثيل النسوي تراجع في ظل الحكومة الحالية، وأرجعت السبب في ذلك إلى قلة الضغط الممارس من قبل النساء وانتقاص الرجال من شأنهن.

ومن أهم أسباب ضعف مشاركة وأداء النساء في العملية السياسية قلة وجود العناصر النسوية الفاعلة ومحدودية الخبرة السياسية لعدد كبير من النساء المشاركات في العملية السياسية وهيمنة القيادات الحزبية والكتل السياسية على النساء بشكل خاص والتشكيك الدائم بقدرات النساء, بالإضافة إلى عدم توفير مستلزمات تطوير وتأهيل العناصر النسوية ودعمها.