المرأة الليبية بين الطموح الدبلوماسي وقيود الواقع السياسي

شددت الناشطة الحقوقية هند الجريبي على ضرورة تفعيل القوانين وإنشاء شبكات سياسية تدعم المرأة في المجال الدبلوماسي فهي قادرة على تعزيز الاستقرار وبناء علاقات متينة بين الدول.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ في ظل الظروف السياسية والاجتماعية التي تمر بها ليبيا، تبقى مشاركة المرأة في السياسة الخارجية ملفاً يثير الكثير من التساؤلات، بين القيود الاجتماعية وضعف الدعم المؤسسي من جهة، وبين الكفاءات التي تمتلكها المرأة وقدرتها على خوض هذا الميدان من جهة أخرى، تبرز الحاجة لتسليط الضوء على التحديات والفرص.

رغم التحديات الجسيمة التي تواجهها، فإن المرأة الليبية تسعى لإثبات جدارتها في عالم السياسة الخارجية، الذي طالما كان حكراً على الرجال، الناشطة الحقوقية هند الجريبي تستعرض في حديثها رؤية عميقة ومباشرة عن واقع المرأة الليبية في هذا المجال.

وأشارت إلى أن "هناك تشريعات تدعم المرأة للمشاركة في السياسة الخارجية والتواجد الدبلوماسي في وزارة الخارجية، ولكن نسبة هذا التواجد ضعيفة جداً على الرغم من المحاولات البسيطة التي تمكنت من خلالها المرأة المشاركة في المحافل الدولية والدبلوماسية مثل مشاركتها في مؤتمر جنيف ومؤتمر الحوار السياسي الذي كان برعاية الأمم المتحدة، وكانت لها مشاركات في عدة محافل دولية ناقشت من خلالها قضايا المرأة وحقوق الإنسان والهجرة".

وترى أن "المرأة متى ما اتيحت لها الفرصة لتمثيل دولتها في السياسة الخارجية سوف تثبت جدارتها وتستطيع أن تنتزع حقوقها، فقد استطاعت من خلال مشاركتها في مؤتمر الحوار السياسي أن تتحصل على نسبة تمثيل لها في الانتخابات وصلت إلى 30% وهذا بالتأكيد مجهود يحسب لها".

ولفتت هند الجريبي إلى أن "الصراعات والانقسامات السياسية التي تعيشها ليبيا دائماً ما كانت تستخدم المرأة كأداة لتنفيذ أجندات لصالح الأطراف المتصارعة بعد ضمان وصولها لمناصب معينة، وهي بذلك تنصاع للطرف الذي قام باختيارها، وهذا ما جعل نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية السابقة كبش فداء، وكرت محروق تم استخدامه من قبل الطرف المتحكم فيها سياسياً، وقد أعطت انعكاساً سلبياً حول المرأة الليبية وأنها مسلوبة الإرادة يمكن التحكم بها، فالمرأة الليبية لازال ينقصها الحنكة والخبرة السياسية".

وعن التحديات التي تواجه المرأة للانخراط في السياسية الخارجية، تقول هند الجريبي إن "المرأة تواجه تحديات تتعلق بالقيود الاجتماعية وأيضاً النظرة النمطية، حيث ينظر لها على أنها غير قادرة على إدارة الملفات الدولية وحلحلت قضايا ومشاكل الدولة الليبية في الخارج، فهي بنظرهم قادرة على تولي مهام معينة تتعلق بالتعليم والطب ومجالات بعينها، فهي تعاني قلة الدعم المؤسسي والحكومي ولا توجد استراتيجيات وطنية تمنح فرص تدريب للمرأة للانخراط في هذا المجال واكتساب الخبرة من خلاله".

وأضافت أن هذا المعترك يتطلب مهارات التفاوض والحوار وهي تملكها بكل جدارة، إلا أنه يبدو أن هناك سياسات تُفرض على مشاركة المرأة كي تجعلها خجولة وضئيلة ولا توجد عدالة في توزيع الأدوار القيادية في وزارة الخارجية فجل المناصب تذهب للرجال، ولا ننسى التحديات التي تواجهها المرأة بسبب الانقسام السياسي مما يجعلها عرضة للاعتداء والتهجم عليها من قبل الأطراف السياسية المعارضة لها، خاصة إذا وجدت أن المرأة المرشحة للمنصب أفكارها تتعارض مع أفكارهم.

وتذكر هند الجريبي أنه "لا يوجد شبكات أو كيانات سياسية قادرة على تعزيز دور المرأة في العمل الدبلوماسي والسياسة الخارجية، على الرغم من أنها قادرة على تعزيز السلام والاستقرار، وذلك لما تتمتع به من مهارات الحوار والتفاوض، وبناء جسور التواصل مع الأطراف المتنازعة، ولديها القدرة على تعزيز العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بين الدول، وتحسن استخدام الدبلوماسية الوقائية من خلال تبني حوار هادف وبناء".

وفي ختام حديثها أكدت هند الجريبي على ضرورة تبني الحكومة الليبية سياسات وطنية تدعم مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل "نحتاج إلى تفعيل القوانين الموجودة وإنشاء شبكات سياسية تدعم المرأة في المجال الدبلوماسي، فالمرأة تمتلك مهارات الحوار والتفاوض التي تجعلها قادرة على تعزيز الاستقرار وبناء علاقات متينة بين الدول".