إلهام أحمد: تنفيذ تركيا لمشروع المنطقة الآمنة يعرض المنطقة وليس سوريا فقط لخطر حقيقي

بينت إلهام أحمد أن أي حملة تركية تستهدف مناطق شمال وشرق سوريا ستؤدي إلى خلق الفوضى في المنطقة وعموم سوريا، إضافةً لاحتمالية انتعاش داعش مرة أخرى.

ليلى محمد

قامشلو ـ صرحت الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد بأنه حان الوقت ليتم وضع حد لكل التحركات التركية في المنطقة، مشيرةً إلى أنه بتنفيذها لأي مشروع ستعرض أمن المنطقة لخطر حقيقي، خاصةً أن مناطق شمال وشرق سوريا تحوي سجون ومخيمات تتضمن عناصر داعش وعوائلهم.

للحديث حول آخر المستجدات على الساحة السياسية، فيما يخص مناطق شمال وشرق سوريا، وحل الأزمة السورية وتداعيات التهديدات والهجمات التركية على المنطقة أجرت وكالتنا حواراً خاصاً مع الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد.

 

تمر مناطق شمال وشرق سوريا وسوريا عموماً بفترة حرجة ومفصلية ما تعليقكم على ذلك؟  

الوضع حالياً وكما يظهر للعيان هو وضع حرج، ما يمكنني قوله أو ما يتم تقييمه بشكل عام أن الأزمة التي تعاني منها كافة الأنظمة في الشرق الأوسط هي نتيجة أزمة عالمية أيضاً، فالنظام العالمي ذاته يعاني من أزمة بنيوية واقتصادية، وسياسية وعسكرية، ويعود ذلك نتيجة السياسات التي مارسها فيما يخص كل القضايا، والشرق الأوسط يعتبر المنطقة أو الساحة الرئيسية التي تشهد هذه الأزمة، وبالتالي الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط وخاصة الأنظمة ذات الطابع القومي هي أيضاً تؤدي إلى ظهور هذه الأزمة، لذلك فالنضالات أو المطالب التي تطالب بها مجتمعات الشرق الأوسط بشكل عام هي مطالب محقة وديمقراطية لتغيير الأنظمة والسياسات، بالإضافة إلى تغيير بنية الأنظمة المركزية الكلاسيكية التي باتت لا تؤمن احتياجات ومطالب المجتمعات بشكل عام.

وسوريا أيضاً تعتبر من أهم الساحات حالياً في الشرق الأوسط، والتي تعاني من هذه الأزمة منذ عدة أعوام ولا تزال مستمرة حتى الآن، وبالتالي تنتقل هذه الأزمة من دولة إلى أخرى وتؤدي إلى إضعاف الأنظمة الموجودة، وتسعى لظهور أنظمة جديدة، وهي محقة بالفعل، لذلك يمكنني القول إن الأزمة ما زالت مستمرة وستستمر مع الأسف، باعتبار أن الأنظمة الحاكمة لا تزال متزمتة وغير منفتحة على التغيير والديمقراطية.  

 

بدأ الاحتلال التركي بتنفيذ خطته بتوطين اللاجئين السوريين في المناطق المحتلة، ما هي تداعيات هذه الخطة على مساعي حل الأزمة السورية ومستقبل البلاد؟   

الخطة التركية ليست بجديدة، هي خطة قديمة كانت تعمل عليها بهدوء خاصة في مناطق داخل تركيا، ومنطقة غرب الفرات، فمنذ أعوام والدولة التركية تعمل عليها في سبيل تهجير المكون الكردي الموجود هناك وتوطين الأتراك بدلاً منهم، في سوريا أيضاً تتبع تركيا نفس الخطة وهي تقوم بتهجير السكان الأصليين في مناطق شمال وشرق سوريا وتوطن بدلاً منهم شعوب من مكونات أخرى قد يكونوا تركمان أو عرب، فغالبيتهم أسر الفصائل المتشددة المدعومة من قبل تركيا، ومنهم من تم جلبهم من درعا والغوطة ومناطق أخرى من سوريا، بالإكراه، فالموجودين اليوم في تلك المناطق غير راغبين بالبقاء ويريدون العودة إلى مدنهم الأصلية.

العدد الذي تتحدث عنه تركيا مليون شخص، تقوم بتوطينهم في هذه المستوطنات المدعومة من قبل منظمات عربية مع الأسف، فدول عربية تدعم منظمات تعمل على بناء هذه المستوطنات في المناطق المحتلة، وبالتالي تركيا تتحدث عن عودة أو إخراج مليون سوري من الساحة التركية وإدخالهم وتوطينهم في المستوطنات، التي تعتبر معسكرات تجنيد، فتركيا تقوم بتجنيدهم لتنفيذ مصالحها سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية في دول تستهدفها، سواء كانت العراق أو سوريا أو أي دولة أخرى، وبالتالي هذه المستوطنات هي معسكرات جاهزة في خدمة الدولة التركية متى شاءت، ولدى تركيا مطامع استعمارية فهي تعود لتنفيذ خططها السابقة التي كانت موجودة سابقاً في الألوية الحميدية، وهي حالياً تمارس نفس السياسات بحق السوريين وتجندهم في سبيل تنفيذ مطامعها.

 

تهدد تركيا بتنفيذ خطتها باحتلال أكثر من 30 كم في العمق السوري، وحددت منبج وتل رفعت كأهداف لها، ما مساعيكم الدبلوماسية لإيقاف هذا المخطط؟  

مساحة 30 كيلو متر تعني الشمال السوري بأكمله وهذه المناطق تضم مكونات متعددة، فيها الكرد والعرب والسريان والتركمان والأرمن والشركس وغيرها، وهذه المكونات هي التي تشاركت مع بعضها البعض في بناء نظام الإدارة الذاتية الذي يحقق لكل هذه المكونات مطالبهم الحقيقية بالعيش وبالحياة، وبالتالي تركيا تستهدف هذه المنطقة وتسعى لتهجير المكونات بالكامل وتوطين العرب السنة المتشددين بدلاً منهم، بمعنى أن من تريد تركيا توطينهم في المناطق المحتلة ليسوا من العرب أو المعتدلين، بل تسعى لتوطين أسر وعوائل داعش وجبهة النصرة والفصائل المتشددة التي تخدم مصالح تركيا بشكل مباشر، وبالتالي فهي تمارس سياسة الإبادة بحق الشعب الكردي وباقي المكونات الموجودة في المنطقة.   

من خلال تنفيذ هذا المشروع أو الخطة فهي تعرض أمن المنطقة لخطر حقيقي، خاصةً أن مناطق شمال وشرق سوريا تحوي سجون وعشرات المخيمات التي تحوي بينها أسر داعش، وبالتالي يتضح أنها تهدف لإطلاق سراحهم من المخيمات والسجون لتهدد بهم الأمن الدولي، فهذه الحملة لا تستهدف حياة سكان المنطقة فقط، إنما تستهدف الأمن الدولي بالكامل، وأي حملة بهذا الاتجاه ستؤدي إلى خلق الفوضى في شمال وشرق سوريا وكامل سوريا، إضافة إلى أنها تعزز من إمكانية انتعاش داعش مرة أخرى وظهوره وتنظيم نفسه بشكل مباشر، وبالتالي هي حملة إبادة ضد السكان المحليين للمنطقة، وحملة إنعاش داعش والمجموعات التكفيرية مرة أخرى.

 

برأيكم ما الأسباب التي تدفع المجتمع الدولي للصمت حيال ما يحدث في مناطق شمال وشرق سوريا رغم أن جميع الممارسات التركية تخالف القوانين التي وضعها المجتمع الدولي؟

تركيا لا تخالف القوانين فقط في سوريا، إنما تخالف القوانين الدولية في العديد من الدول، فقد خالفتها في ليبيا وقبرص واليونان والعراق وأذربيجان، وتخالفها الآن في سوريا، فتركيا العضو في حلف الناتو تعتبر الطفل الفوضوي ضمن هذا الحلف وهي تتصرف حسب مصالحها وتسعى لعقد اتفاقيات والحصول على تنازلات من العديد من الأطراف على حساب شعوب المنطقة وخاصة الشعب الكردي، فما تخلقه من فوضى في شمال وشرق سوريا مثير للدهشة، والصمت الدولي الممارس تجاه الدولة التركية وكل الانتهاكات التي ترتكبها بشكل مباشر أو عن طريق فصائل هي تدعمها بشكل دائم مثير للدهشة حقيقة.

أحياناً يؤدي بنا إلى السؤال هل عجز المجتمع الدولي بالكامل على إيقاف هذه العضو الفوضوي ضمن حلف الناتو؟، طرح هكذا سؤال مهم جداً حقيقة فبالتالي نحن نقول بأنه حان الوقت لأن يتم وضع حد لكل التحركات التركية الفوضوية التي تخرق كل القوانين الدولية والتي تسعى إلى ضرب الموازين في سبيل تحقيق مآربها ومصالحها ومشروعها التوسعي في المنطقة بالكامل.

 

قبل أشهر انتفض أهالي السويداء نتيجة الضغوط المعيشية وأعلنت الإدارة الذاتية دعمها لهذا الحراك ما احتمالية وقوع انتفاضات جديدة في سوريا؟  

السويداء إحدى المدن السورية المهمة التي تقع في الجنوب السوري، وهي موطن للمكون الدرزي السوري، الذي تختلف ثقافته عن باقي الثقافات السورية وبالتالي للسويداء خصوصيتها، والانتفاضات والمظاهرات التي اندلعت هناك كانت محقة، حيث طالبت بالعيش الكريم والعدالة وتحسين الاقتصاد، وحقوق مشروعة، وهكذا مطالب بالأساس موجودة على كامل الجغرافية السورية وهي مطالب محقة للشعب السوري بأكمله ولا تخص أهالي السويداء فقط، لكن خصوصية تلك المنطقة شجعتها على القيام بهذه المظاهرات.

نحن نؤيدها ونراها محقة والاستمرارية فيها مهمة جداً، إضافة إلى أن المناطق الأخرى في سوريا هي أيضاً تسعى لنفس الحقوق، لذلك فإن موضوع هذه المطالب لا يتحقق بمجرد القيام بمظاهرة، إنما الاستمرارية في المطالب والنضال والضغط على النظام لينفذ المطالب بشكل مباشر، ولا يمكن تحقيق ذلك أيضاً إلا من خلال عملية سياسية شاملة للجغرافية السورية.

 

استمرار الوضع على ما هو عليه يدفع بالبلاد نحو تدهور اقتصادي ومعيشي سيدخل البلاد في مجاعة بحسب الأمم المتحدة، كيف يمكن درء خطرها، وكيف ترون الوضع في مناطق شمال وشرق سوريا خاصةً؟

الوضع الاقتصادي المعيشي بشكل عام هو سيء، حيث أن الأزمة الاقتصادية لا تخص سوريا فقط إنما هي أزمة دولية، فكان للهجوم على أوكرانيا تداعيات على المستوى الدولي، وسوريا من إحدى الدول التي تأثرت نتيجة الحرب الطويلة التي لا تزال مستمرة، قد لا يكون في سوريا الآن معارك مباشرة لكن استمرارية الحصار المفروض على البلاد بالكامل أدى إلى ظهور هذه الأزمة، إضافة إلى انخفاض قيمة الليرة السورية التي شكلت أزمة عميقة.

حل الأزمة الاقتصادية لا يمكن أن يتم عن طريق فتح معابر حدودية فقط، إنما هي مرتبطة بحل سياسي شامل، ولكن النظام مستمر بسياساته وغير مستعد لتقديم أي تنازل في سبيل حل العملية السياسية وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى استمرار الأزمة الاقتصادية، وفي شمال وشرق سوريا أيضاً الحالة مستمرة، فالأزمات والتأثيرات الاقتصادية موجودة فيها أيضاً حيث أن شح المياه وقلة الأمطار وتغيير المناخ أدى إلى انخفاض الانتاج الزراعي، خاصةً أن المنطقة زراعية، إضافة إلى ضعف أو ردم البنية التحتية في المنطقة أدى إلى ظهور أزمة اقتصادية، وبالتالي فإن المنطقة غير منعزلة عن سوريا.

 

لعبت المرأة في شمال وشرق سوريا الدور الريادي على كافة الأصعدة، كيف ستأخذ المرأة دورها في حل الأزمة؟

دور المرأة كان له تأثير منذ بدايات الانتفاضة السورية وظهور الحراك الشعبي، وفي شمال وشرق سوريا أخذت منحى آخر ودور ريادي في عملية بناء الديمقراطية في هذه المنطقة، ففي العملية السياسية لا بد أن يكون لها دور أساسي، خاصةً أن للمرأة خصوصيتها وتعمقها وسعيها الداعم لتحقيق الحرية والديمقراطية، ومن خلال مطالبها ستتحقق العدالة والمساواة بين الجنسين، وإحداث عملية تغيير في بنية العائلة والدولة وبنية السياسات المفروضة على المجتمع بالكامل، وفي بنية الذهنيات المتحكمة بالمجتمع، وبالتالي تنظيم المرأة ومساهمتها في المشاركة بالعملية السياسية مهم جداً، فمن دون مشاركة المراة في هذه العملية لا يمكن أن نفكر في تحقيق عملية جادة في سوريا، وكل ما سيتحقق سيكون استنساخ للنظام السابق.

لن يكون هناك جديد على الساحة من دون مشاركة المرأة، وحالياً تتواجد تنظيمات وحركات نسوية متعددة، فمئات التنظيمات ظهرت خلال الأعوام الأخيرة، فإن تم التوحيد بين جهود كافة هذه التنظيمات والحركات النسوية، سيكون هناك تراكم وزخم لنشاطات المرأة وفعالياتها، وسيكون لها تأثير على العملية السياسية خاصةً أنه من خلال توحيد هذه الجهود ستكون بالتأكيد مشاركة بشكل مباشر في العملية السياسية، وهذا مهم جداً ضمن إطار توحيد نضالات المرأة بشكل عام.

 

ضمان حقوق جميع السوريين سيكون الحل الأمثل لإنهاء الأزمة، ما السبيل لتحقيق ذلك؟ 

الأزمة لا تزال مستمرة، ونتيجة تعنت النظام وعدم نضوج الظروف الدولية والإقليمية وحتى الداخلية للأطراف المشاركة في الأزمة السورية يؤدي إلى إطالة عمرها، فالجهود الداخلية على المستوى السوري ممكن أن تلعب دوراً أساسياً في حلحلة الوضع والتوجه نحو الحل السياسي، فإذا لم تكن الجهود السورية موحدة بين الشعب السوري ومكوناته، وبين الكتل السياسية السورية لن يكون هناك حل، فهذه ستكون الخطوة الأولى عندما يتم التوحيد والاتفاق والتوافق بين المكونات والكتل السياسية السورية وبالتأكيد سيكون هناك توجه عام لوضع الملامح للحل السياسي في سوريا، بالتالي هذا سيشكل ضغطاً على الطرف الأخر حتى يقبل بالحل.

إضافةً إلى أن الكتل السياسية السورية ستفرض نفسها على الساحة لتثبت للعالم بأكمله أن السوريين قادرين على إنتاج الحل وطرح الحلول السياسية التي تناسبه.

 

ختاماً... ما الكلمة التي توجهونها للسوريين؟

الأزمة السورية طالت كثيراً وكان لها تداعيات سلبية كثيرة على الساحة وعلى الشعب السوري، حيث ظهر نتيجتها ملايين المهجرين ومئات الآلاف من الضحايا نتيجة الحروب التي مورست على هذه الأرض، وانهيار اقتصاد وبنية مؤسسات الدولة إلى ما هنالك من كوارث نتجت عن هذه الحروب، بالتالي فقد حان الوقت لأن يتوافق السوريون على نقاط أساسية تخص مستقبلهم، لذلك نحن نأمل في هذا العام والأعوام المقبلة أن يكون هناك توجه عام نحو طرح الحلول وتوحيد الصف السوري، وتوجيه خطاب موحد للمجتمع الدولي لدعمهم في إيجاد الحل وليس في تعميق الأزمة السورية.