'تفشي الأمراض السرطانية والمنظمات الدولية متقاعسة عن عملها'
يعمل الهلال الأحمر الكردي بإمكانياته البسيطة على تقديم الرعاية الصحية الطارئة لسكان المنطقة والنازحين قسراً في المخيمات، لتخفيف الأعباء عنهم خاصة أولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة والسرطانية.
دلال رمضان
الحسكة ـ أكدت الإدارية بمنظمة الهلال الأحمر الكردي جيهان عامر أن بعض الأمراض السرطانية والجلدية أصبحت كالوباء منتشرة وبشكل متسارع في عموم مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، داعية المنظمات الدولية والإنسانية القيام بدورها بالشكل المطلوب.
تأسست منظمة الهلال الأحمر الكردي بإقليم شمال وشرق سوريا عام 2012، تلبيةً للاحتياجات الصحية، وبإمكانيات بسيطة يوفر خدمات لجرحى الحرب والنازحين والمهجرين، ويعمل بموجب القيم الأساسية من حيث الحيادية والاستقلال، وانتشر في الفترة الأخيرة الكثير من الأمراض الجلدية منها السرطانية في المنطقة.
حيث يلعب الهلال الأحمر الكردي دوراً بارزاً من خلال نقاطه الطبية التي تعمل على تأمين الأدوية المضادة للأمراض المزمنة ونقل المرضى حسب احتياجاتهم إلى مشافي المدينة لمعالجتهم وتقديم الخدمات الصحية لهم، كما افتتح مؤخراً مشفى لأمراض السرطان في مدينة قامشلو بمقاطعة الجزيرة، إلى جانب مركز للأورام الخبيثة في مدينة الرقة وعلى مستوى المنطقة ويستقبل المرضى من كافة المناطق، ويعتبر مرض السرطان من الأمراض التي تهدد المرضى في شمال وشرق سوريا حيث أن أغلب ضحاياه لا ينجون منه خاصة في ظل التكاليف الباهظة للأدوية والمشافي.
حيث قالت الإدارية بمركز الهلال الأحمر الكردي في مدينة الحسكة جيهان عامر "بدء عملنا في منظمة الهلال الأحمر الكردي مع بدء الأزمة السورية في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث تم تقديم الخدمات الصحية للأهالي خاصة أن المنطقة كانت تعاني نقص في الأدوية وتدهور القطاع الصحي، لذا أخذنا على عاتقنا مسؤولية تقديم الرعاية الصحية لهم وإنشاء نقاط طبية في مختلف المناطق تخدم السكان والنازحين في المخيمات".
وأضافت "تعرضت مناطقنا للعديد من الهجمات والحصار من قبل عدد من دول الجوار بالإضافة لحكومة دمشق، ففي مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة يوجد للهلال الأحمر الكردي نقاط عدد منها في المخيمات مثل مخيم واشوكاني ومخيم الهول والعريشة"، مبينةً أنه بالرغم من كل ما تقدمه المنظمة من خدمات صحية ورعاية لأهالي المنطقة والنازحين الذين يعشون ظروفاً صعبة للغاية في المخيمات إلا أن المنظمات الدولية لم تعترف بتلك المخيمات وتتقاعس عن تقديم الخدمات والرعاية لقاطنيها، وتزداد معانتهم يوماً بعد يوم".
وأوضحت بأنه مع قدوم فصل الصيف يزداد انتشار الأمراض في المنطقة منها الجلدية والمعوية "مع ارتفاع درجات الحرارة تزداد نسب الإصابة بالأمراض الجلدية والمعوية في المنطقة خاصة في المخيمات، في البداية كان هناك عدد من المنظمات الإنسانية تقدم خدمات صحية وأدوية، ولكن مع مرور الوقت تقاعس عمل هذه المنظمات وأصبحت شكلية فقط وانسحبت العديد منها خارجاً"، مضيفةً أنه يوجد ثلاث أقسام للعيادات التابعة للهلال "يوجد قسم خاص بالعيادات للداخلية، وقسم الأطفال والنسائية وتعتبر جميعها رعاية أولية وإسعافات فقط، ونحتاج إلى أقسام كبيرة وأخرى مثل قسم العمليات والأمراض المزمنة".
وأشارت إلى أن معظم الأمراض المنتشرة في المنطقة تعود لزيادة تلوث البيئية والمياه "منذ احتلال مدينة سري كانيه تعاني مدينة الحسكة من استمرار قطع المياه، فمنذ عام تقريباً لم تحصل المدينة على مستحقاتها من مياه محطة علوك، نتيجة ذلك يضطر الأهالي لشراء المياه من مصادر غير موثوقة غالباً ما تكون ملوثة وتسبب الكثير من الأمراض والأوبئة منها الجلدية كاللشمانيا والجرب، وتزداد هذه الأمراض مع قدوم الصيف وارتفاع درجات الحرارة بالإضافة لخروج الآفات السامة منها العقارب والأفاعي والحشرات والتي تحتاج إلى مبيدات قوية للقضاء عليها فالأدوية الموجودة والمبيدات الحشرية ليست كافية".
وعن سبب انتشار الأمراض في المنطقة منها السرطانية قالت جيهان عامر "في الفترة الأخيرة انتشرت الأمراض السرطانية بشكل كبير، وهو ما زاد من مخاوف السكان فضلاً عن التكاليف المادية لشراء الجرعات الكيماوية الأمر الذي يفاقم معاناتهم خاصة قاطني المخيمات، أنه لا يوجد أدوية وتحاليل كافية لمثل هذه الأمراض في مناطقنا ولا يوجد لها أقسام علاجية في الهلال الأحمر الكردي، وبالرغم من أننا افتتحنا مؤخراً مشفى خاص بهذه الأمراض إلا أن عدم دعم المنظمات الإنسانية وتقديمها للأدوية والخدمات الصحية يجعل المشفى يعاني نقص حاد في توفير الخدمات".
وحول أسباب هذه الأمراض قالت "منها الضغوط النفسية والإرهاق الجسدي، إلى جانب عوامل أخرى تساعد على انتشارها بشكل كبير ومتسارع منها استمرار الحرب واستخدام الأسلحة التي تسبب التلوث البيئي، بالإضافة لاستخدام حراقات تكرير النفط والدخان الناجم عن مخلفات السيارات والمولدات جميعها تسبب سرطانات غالبيتها رئوية"، مؤكدةً أن هذا المرض أصبح كالوباء منتشر بشكل متسارع في المنطقة خاصة في غياب الحلول الكافية، داعيةً المنظمات الدولية للنظر بعين الإنسانية لحال المرضى وتقديم يد العون لهم "عملنا على فتح مشفى خاص بالأمراض المزمنة والسرطانية في مدينة قامشلو حسب إمكانية الإدارة الذاتية والهلال الأحمر الكردي لمساعدة الأهالي وتخفيف عبء السفر عليهم لتلقي العلاج، ولم يبقى حجج لتلك المنظمات إلا أنها مازالت تأخذ موقف المتفرج".
وأكدت أنهم كأعضاء في منظمة الهلال الأحمر الكردي يعملون بكامل طاقاتهم وبحسب الإمكانيات المتوفرة لتقديم الرعاية والخدمات الصحية لسكان المنطقة "نحمل على عاتقنا المسؤولية الكبرى من أجل تقديم واجب الرعاية الصحية للمرضى، ومع انتشار متسارع للأمراض السرطانية نحاول قدر المستطاع مساعدة المرضى إلا أنه لا يوجد لدينا جرعات كيمائية خاصة بهذا المرض ونطالب منظمات الصحة العالمية تقديمها".
وفي ختام حديثها قالت جيهان عامر "انسحبت معظم المنظمات التي كانت تتواجد في مناطق شمال وشرق سوريا بحجة الحرب الأوكرانية وحرب غزة، وأن المنطقة باتت على قدر كافي من الاستقرار، إلا أنه لا يوجد استقرار في المنطقة والاحتلال التركي ومرتزقتها تهاجم المنطقة بشكل يومي ومستمر وترتكب أفظع الجرائم بحق الأهالي، لذلك نؤكد أن التهديدات ما زالت مستمرة على المنطقة حتى أن طواقم الهلال الأحمر الكردي يتعرضون للاستهداف، وما زالت المنطقة لم تتعافى من الدمار والخراب والسكان بحاجة إلى رعاية صحية واجتماعية، ومن أبسط حقوقنا ومطالبنا هي تقديم الرعاية الصحية للأهالي خاصة المهجرين الذين يعانون من أمراض نفسية وجسدية".