مريضتا سرطان يمنعهما الحصار والحرب في غزة من العلاج
سمر وسمية، جسدان منهكان في غزة، يطاردهما السرطان والجوع والنزوح، ويمنعهما الحصار من العلاج.

رفيف اسليم
غزة ـ تعاني مريضات السرطان في قطاع غزة من معاناة مزدوجة، خاصة في ظل نقص الأدوية والتجويع الممارس، سمر الجعل واحدة من تلك المريضات التي كانت مصابة بسرطان الثدي الذي انتقل من الجانب الأيمن للأيسر، ومن ثم إلى الرئتين، ومن المحتمل أن ينتشر قريباً إلى جميع أجزاء جسدها.
مريضة سرطان تواجه الموت بصمت وسط التعنيف والتجويع
سمر الجعل أصيبت بالسرطان في عام 2019، وبعد جلسات طويلة من العلاج الكيماوي شفيت منه، لكن بعد عام واحد فقط عاد السرطان إليها من جديد، وكان من المفترض أن تخضع لعملية استئصال للثدي بالتزامن مع بدء الحرب على غزة، إلا أن الحرب والنزوح إلى رفح أدى إلى فقدانها التواصل مع الطبيب.
تعرضت سمر الجعل، للعديد من الضغوطات خلال النزوح، حيث أعتُقل زوجها من قبل القوات الإسرائيلية، وبقيت هي واطفالها وحدهم يواجهون الظروف الصعبة، لافتة إلى أنها حينها أصبحت تتعرض للإغماء المستمر، مما دفعها لمراجعة مشفى بالمنطقة الوسطى، وهناك أخبرها الطاقم الطبي بأن الورم انتقل إلى الثدي الآخر، فأصبحت لا تعرف كيف ستدبر أمرها ما بين الفقر والنزوح والمرض.
وأضافت "بالكاد تقبلت فكرة مرضي بالثدي الأول لكن انتقاله كان بمثابة كارثة وسقطت على رأسي"، مشيرة إلى أنها حصلت على تحويل نموذج واحد أي لها الأحقية بالسفر للخارج لتلقي العلاج، لكنها حتى الآن لم تتمكن من الخروج بسبب القيود الإسرائيلية، على الرغم من اتصال منظمة الصحة العالمية بها ووجود اسمها على قائمة الكشوفات لديها، إضافة إلى تلقيها اتصالات من مؤسسات أخرى.
تروي سمر الجعل أن الورم انتقل الآن إلى رئتيها ومن المحتمل أن ينتشر بسرعة لأجزاء أخرى في جسدها، لكن خوفها ليس من المرض بحد ذاته، بل من ترك أطفالها وحدهم دون معيل، خاصة بعد خروج والدهم من المعتقل فاقد للأهلية، يعنفها ويعنف أطفالها بطرق تشبه التعذيب الذي تعرض له في المعتقلات الإسرائيلية.
لا تدري ماذا ستحتمل ألم المرض الذي لا يوجد له أي نوع من العلاجات في قطاع غزة، فلكي تجد حبة مسكن واحدة تمشي عشرات الكيلومترات وتسأل الجميع، لكن لا مجيب، أم تحتمل التعنيف الجسدي واللفظي من زوجها، الذي يمنعها هي وأطفالها طوال الوقت من الطعام بحجة أنهم كانوا في الأسر ولم يكن يطعمونه لأيام عدة.
وتشعر سمر الجعل، بتدهور صحتها يوماً بعد يوم، فحالات الإغماء باتت تتكرر بشكل شبه يومي خاصة مع النقص الحاد في الغذاء والمكملات الغذائية، كما أنها قبل عدة أيام سقط سنها بين يديها، متسائلة "هل حان دور أسناني لتسقط واحد تلو الآخر بعد أن سقط شعري وتورم الجزء الأيسر من يدي، وتوقف أظافري عن النمو كما النساء الأخريات".
وتحلم أن تعود وتتناول دوائها في كل يوم كما كانت قبل الحرب، كما أنها تخشى من تضارب روايات الأطباء حول انتشار المرض بجسدها.
ولفتت إلى أنها في حال تحدثت بصوت مرتفع أو لمدة طويلة، تشعر بإنهاك وإعياء شديد ولا تستطيع التقاط نفسها، لذا تحاول غالبية الوقت البقاء صامتة للحافظ على ما تبقى من صحتها، مناشدة كافة المؤسسات الحقوقية لمحاولة إجلائها من قطاع غزة، لعلها تتمكن من تلقي العلاج والنجاة من المرض الذي بات يأكل جسدها يوم بعد يوم.
وصلت للمرحلة الرابعة من المرض
أصيبت سمية الكفارنة، بالمرض منذ عام 2020 لتمر بكافة مراحل العلاج بداية من الكيماوي، وحتى استئصال الورم في الثدي والمنتشر في الإبط، ومن ثم الإشعاعي والهرموني، لافتة إلى أنها ما بعد اندلاع الحرب اكتشفت انتشار المرض بأماكن أخرى من جسدها كالكبد، والعمود الفقري، والحوض فأصبح الألم "لا يحتمل".
تنتاب سمية الكفارنة، موجات ألم شديدة في الظهر والعظم والبطن، وتزداد حدة الوجع مع عدم وجود أي نوع من أنواع المسكنات، وإذا ما توافرت تتوافر بشكل يومي، فتتواصل المؤسسة معها لأخذ حبة دواء خاصة باليوم فقط وهي بدورها تؤخر تناولها حتى المساء لتستطيع النوم خلال ساعات الليل الطويلة، على حد وصفها.
وتنتظر في الوقت الحالي صدور تحويلة العلاج بالخارج لتتخلص من الألم وتمكنها من تلقي العلاج الكيماوي، والبيولوجي، والمناعي، والهرموني، والإشعاعي، ومن ثم الخضوع للعمليات، لتقدر حينها على تحمل الوجع فقط وليس علاج جسدها الهزيل علاج كامل، مبينة أن الوضع الحالي والمجاعة أثرتا على المرض بالسلب وزادا من تدهور الحالة الصحية لها.
وتزداد تخوف سمية الكفارنة مع ازدياد أوامر الإخلاء بمدينة غزة، خاصة أنها مريضة سرطان وزوجها مصاب كذلك خلال الحرب، ولديها خمسة أطفال لا تستطيع القيام تجاههم بأي مسؤولية، فكيف ستنزح وهي لا يتوافر لديها كرسي متحرك، لذلك تناشد كافة الجهات المعنية بإجلائها خارج قطاع غزة بأسرع وقت ممكن خاصة أنها وصلت للمرحلة الرابعة من المرض.