سينثيا يعقوب: بإمكان المرأة تحقيق كل هدف تصبو إليه!

تمكنت سينثيا يعقوب من كسر الصورة النمطية وتحدي العنف المعنوي ضدها، لتسجل بصمة مميزة، وتخط طريقها لتصبح مدربة الرماية الاحترافية الأولى في لبنان، ولتثبت أن المرأة قوية ويمكنها تحقيق طموحها وأي هدف تصبو إليه!

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ حولت مدربة الرماية سينثيا يعقوب الصعوبات والانتقادات التي واجهتها إلى جانب العنف المعنوي ضدها إلى حافز لمواصلة تحقيق حلمها وممارسة هوايتها، وتطمح لتأسيس أكاديمية لتعليم فن ورياضة الرماية بتدريبات واستراتيجيات متقدمة.

عند لقاء سينثيا يعقوب لا يمكنك أن تتخيل أن هذه المرأة قادرة على حمل السلاح والتعامل معه بحرفية، وليس ذلك فحسب، بل القيام بتدريب أشخاص من الجنسين على عمليات المداهمة والرماية السريعة والتعامل مع الأسلحة المختلفة وغيرها، ما يثبت أنه ليس هناك ما يشكل عائقاً أمام طموحات المرأة في ولوج أي مجال.

 

من إدارة الأعمال إلى احتراف الرماية

قالت سينثيا يعقوب لوكالتنا "درست إدارة الأعمال والتسويق وعملت في هذا المجال لسنوات، إلا أن الرماية ظلت تشدني، وبالبداية كهواية لأتمكن بعدها من شق طريقي في هذا المجال، لأحصل على شهادات دولية في مجال التدريب، وأعمل في مركزين أحدهما في بلدة كفر عبيدا في البترون والآخر في بيروت".

وأوضحت "كوني امرأة في هذا العالم وبالتحديد في الشرق الأوسط، وسط عالم يعتبر ملكاً للرجال، سلطت الإضاءة في كل مرة على التحديات التي واجهتني في هذا العمل، لأتمكن من تحفيز النساء، إذ لم أستسلم بل ثابرت وتابعت، واستمريت لتحقيق طموحي، لأتمكن من بعد أن كانت الرماية مجرد هواية، من المتابعة بالتدريبات واكتساب المهارات للحصول على شهادات متقدمة من مراكز عالمية".

وعن مسيرتها في هذا المجال تقول "بدأت هوايتي بالصيد المسؤول مع الأصدقاء والعائلة، لأتابع بعدها تدريبات كثيرة، وفي العام 2016 دخلت الاتحاد اللبناني للرماية، وشاركت بعدة منافسات وبطولات، تمكنت خلالها من إثبات تفوقي بفوزي بحوالي 15 مباراة، نلت إثرها العديد من الجوائز، وحالياً أدرب في مضمار للرماية في مؤسسة "فغالي كونتري كلاب"، وبدأت مسيرتي في مجال التدريب واحترافه في العام 2019 بعد نيلي شهادات من أكبر أكاديمية في أوروبا والثانية عالمياً وبالتحديد في بولندا وهيEuropean Security Academy، وحصلت على شهادات معترف بها بالاتحاد الأوروبي في مجالات متعددة في فن الرماية بالأسلحة المختلفة والمداهمة والحماية الشخصية وقتال الشوارع وغيرها من المهارات، والتي أثابر على تعزيزها بالتدريبات والمتابعة المستمرة".

وأضافت "علمتني هذه الهواية أمور عدة، وعززت بداخلي الثقة بالنفس، فلا يمكنني وصف ما يحصل داخلي  قبل دخولي وبعد خروجي من مضمار الرماية من حيث الشعور بالثقة الكاملة بأني شخصية قوية، كما زادت نسبة تركيزي وعملي والانتباه للتفاصيل في حياتي اليومية مع الأصدقاء، وكان لها أثر كبير على الهدوء الداخلي، كما أعطتني الثبات على الرأي في مجال الاستمرار رغم الكثير من الانتقادات السلبية وهو ما أحاول إثباته يومياً بأن عقلي وجسدي وبنيتي وتفكيري جاهزة جميعها لهذه الهواية، وعززت بداخلي حس المسؤولية وإصراري للوصول لأي هدف أسعى إليه".

وأشارت إلى أن "كل شخص يمكنه ممارسة هذه الهواية بتخصيص وقت وميزانية معينة والاستمرار ولو لمرة واحدة أسبوعياً أو شهرياً، أو ضمن برنامج مرن يناسبه وفقاً لقدرته، ولكن الأهم تذكر الأمور التي تعلمها والبناء عليها، وتحسين مهاراته واكتساب مهارات جديدة".

 

العنف المعنوي

وعن ردود الفعل المجتمعية والعنف المعنوي الذي واجهها تقول "عانيت كثيراً في البداية بسبب الذهنية الرجعية ولكن تمكنت من بناء هذه الصورة المحترفة لهذا المجال الذي اتخذته كمهنة وفرضت نفسي واحترامي عليهم وأصبح العديد منهم يأخذ برأيي، وأقنعت النساء والرجال بقدراتي وأن هذا لا يتعارض مع أنوثتي، وقد أثر بي كم الانتقادات السلبية التي وجهت إلي في بداية ممارستي الهواية ومن بعدها الاحترافية والتدريب، مثل لن تستطيعي، ولن تقدري، ولن تصلي، ولا يليق بك كامرأة، فيما يشبه العنف المعنوي لا بل الاغتيال المعنوي، ولا زلت أتعرض يومياً لمثل هذه الملاحظات، ولكنها لم تعد تؤثر بي كما كانت في البداية، وتمكنت من إثبات نفسي وقدراتي ومهاراتي بالممارسة والاحتراف".

 

معتقدات خاطئة

لفتت سينثيا يعقوب إلى بعض المعتقدات الخاطئة في مجال الرماية ومنها أن بنية النساء ضعيفة، فهذه الهواية لا تتطلب مجهوداً كبيراً، أو بنية قوية وحجماً ووزناً كبيرين أو قدرة جسدية كعضلات وما شابه، أو ما يشاع بأن المرأة لا تستطيع ممارسة الرماية، وأن إطلاق الرصاص من الأسلحة المختلفة قد يتسبب بارتداد الشخص للوراء وفقدانه توازنه والتسبب بأذى لنفسه والآخرين وما شابه، والحقيقة أن هذه معتقدات خاطئة، فعند اتباع التقنيات الصحيحة من حيث حمل السلاح، وطريقة الوقوف والتنفس، لا يمكن أن يقع الشخص أو أن يختل توازنه، وهي الحجة التي يحاول بها البعض ردع النساء عن ممارسة هذه الهواية، والحقيقة أنه بغض النظر عن الحجم والوزن واللياقة البدنية، يمكن الوصول كما وصلت أنا على الرغم أن بنيتي وحجمي ليست بهذه القوة أو الضخامة".

 

طموحات مستقبلية

وعن خطواتها القادمة وطموحها في المستقبل قالت سينثيا يعقوب "على الرغم من الأزمة الاقتصادية وأزمة الجائحة في الفترة القصيرة من وقت احترافي التدريب في العام 2019، إلا أنني استطعت تحقيق الكثير، وأطمح لأن أصل إلى عدد أكبر من المتدربين المخلصين الذين يتابعون التدريب، وأدرب حالياً مجموعة مختلفة من الأشخاص، من جنود وضباط وأشخاص عاديين وكذلك ممثلين وممثلات لتأدية أدوارهم وغيرهم على فن ورياضة الرماية، وهناك مشاريع متعددة كاستشارية في مجال السلاح في أعمال فنية، حيث أدرب الممثلين والممثلات على طريقة حمل السلاح والوقوف وإطلاق النار، فضلاً عن القيام بالتدريب في بلاد أخرى في الشرق الأوسط أو أوروبا، وبالتحديد في بولندا، ومن حيث المشاريع الفنية أطمح للتواجد في إنتاجات كبيرة في هذا المجال وليس على صعيد لبنان بل الشرق الأوسط والعالم".

وأضافت "أطمح أيضاً لتأسيس أكاديمية لتعليم فن ورياضة الرماية وبتدريبات واستراتيجيات متقدمة، وتوازياً مع عمليات التوعية في المدارس والجامعات حول استخدام الأسلحة على المستوى الشخصي وفي المشاريع الفنية".

 

رسالة تحفيزية للنساء

وفي الختام وجهت سينثيا يعقوب رسالة تحفيزية للمرأة قالت فيها "ضعي هدف أمامك واتبعي طريقة معينة للوصول، وإن فشلت جربي طريقة ثانية وثالثة، ولا تستمعي إلى الأصوات التي تحبطك، بل ثابري وتابعي على الرغم من الانتقادات واعتبريها حافزاً لك، وأدعو كل امرأة لديها هواية وطموح ألا تستسلم، وأن تحارب الظروف والمجتمع والماديات للنجاح والتفوق".