رغم الوصم... كرة القدم النسوية رقم صعب لا يمكن تجاوزه

على الرغم من الصعوبات التي تواجه لاعبات كرة القدم النسوية في المغرب إلا أنهن استطعن أن تفرضن أنفسهن بقوة، كما أصبحن اليوم رقماً صعباً لا يمكن تجازوه.

رجاء خيرات

المغرب ـ رغم الوصم الذي يلاحق لاعبات كرة القدم إلا أن العديد من النساء خضن هذه المغامرة واحترفن المستديرة، متشبثات بحقهن في ممارسة الرياضة التي حققن فيها نتائج مبهرة.

أصبحت كرة القدم النسوية المغربية تفرض نفسها بقوة، خاصة بعد مشاركة المنتخب المغربي النسوي بنهائيات كأس العالم للسيدات الذي أقيم بأستراليا ونيوزيلندا صيف 2023، حيث بلغن دور ثمن النهائي، ورغم ذلك إلا أنهن مازلن تعانين كثيراً من عبارات التنمر مثلاً "ارجعي لكوزينتك" (أي عودي إلى مطبخكِ) وغيرها، حيث أنه كلما انهزم فريق نسوي في مباراة شُن هجوم كاسح عليهن.

وعن الشغف بكرة القدم تقول إحدى لاعبات نادي "فينكس" المراكشي خولة لحمود البالغة من العمر 25 عاماً "علاقتي بكرة القدم بدأت في مرحلة مبكرة جداً من حياتي، بحكم عدم وجود فرق نسوية لكرة القدم، كنت أكتفي باللعب مع أبناء الجيران في الحي، بداية ما بين عام 2004 وحتى 2007، إلى أن بدأت كرة القدم النسوية تفرض نفسها وأصبحنا نرى إنشاء فرق نسوية، آنذاك التحقت بأحد الأندية النسوية التي تهتم بكرة القدم، ومن ثم بدأت مسيرتي الكروية التي لا تزال متواصلة".

لاتزال خولة لحمود تتابع دراستها، لكن يبقى حلمها الكبير هو أن تصبح لاعبة دولية تحترف الكرة في أحد الأندية العالمية في كرة القدم، وعن اختيارها للعب وسط الميدان أوضحت أنه بفضل التدريبات المكثفة التي تخوضها استطاعت أن تكتسب لياقة بدنية جيدة، أهلتها للعب وسط الميدان، وتطمح بالالتحاق بنادي ريال مدريد الإسباني خاصة أنها سجلت منذ التحاقها بالقسم الوطني الأول 14 هدفاً في المباريات التي شاركت فيها، لافتة إلى أن ذلك لم يكن ليتحقق لولا تعاون اللاعبات الأخريات بفريقها.

وحول حملة التنمر التي تتعرض لها لاعبة كرة القدم، أكدت أن الحملة تطال جل اللاعبات كيفما كان مستواهن الاحترافي، وبالنسبة لها فهي تواجههم بالتجاهل تارة، وبدعوة المتنمرين لأن يشاهدوا المباريات قبل إصدار أحكام بحق اللاعبات تارة أخرى.

 

 

أما لاعبة خط الدفاع سكينة بوجا التي تبلغ من العمر 21 عاماً فذكرت أن اختيارها للعب كرة القدم لم يأت اعتباطاً، بل إنه ثمرة جهد انخرطت فيه منذ مرحلة مبكرة من عمرها.

وعن الصعوبات التي واجهتها في ممارسة هذه الرياضة، لفتت إلى أنه كان مفروضاً عليها أن توفق بين اللعب وعدم إهمال دراستها، حيث كان هذا شرط أسرتها للموافقة على الالتحاق بنادي لكرة القدم، وتطمح لأن تتابع دراستها لتحصل على "الماستر" في شعبة ريادة وإدارة الأعمال خارج المغرب، وهو ما سيمكنها من الالتحاق بنادي دولي محترف، كما سيفتح أمامها آفاقاً أخرى في الرياضة التي اختارتها وتتطلع لأن تحقق حلمها بأن تصبح لاعبة دولية.

وأما عن حملات التنمر التي تتعرض لها لاعبات كرة القدم، أكدت أن أبطالها هم أشخاص يخافون من نجاح النساء في مجال كان حتى وقت قريب حكراً على الرجال، وأن هذه الحملات لن تنقص من عزيمة اللاعبات وسعيهن لتحقيق المزيد من النجاحات في هذا المجال الذي أصبحن تفرضن من خلاله وجودهن وحققن فيه إنجازات مهمة.

أما عن ظهور بعض اللاعبات حالقات رؤوسهن مما جعلهن عرضة للتنمر وتشبيههن بالرجال، أكدت أن حلق الشعر لا ينقص من أنوثة المرأة في شيء، وأن مفهوم الأنوثة لا يخضع لهذه المعايير التي تعد حرية شخصية، إذ من حق المرأة أن تفعل ما تراه مناسباً لها.

 

 

وتعتبر حارسة المرمى راوية بلفقيه التي تلعب في نفس الفريق "فينكس" لأكاديمية مراكش، أن خوضها غمار هذه الرياضة كان تحدياً كبيراً منذ البداية، فنظراً لانعدام المساواة بين الرجال والنساء، والتي ساهمت إلى حد كبير في إقصاء العنصر النسوي ومنعه من حقه في ممارسة كرة القدم، أصرت على أن تمارس شغفها بكرة القدم وأن تتجاوز التقاليد والأعراف التي ترى أن النساء غير مؤهلات لممارسة هذه الرياضة.

ولفتت إلى أنها استطاعت أن تحقق ما كانت تحلم به، وإن كان لايزال في جعبتها الكثير مما تطمح إليه من إنجازات كروية، مؤكدة أنه على الرغم من أن سنها لا يتجاوز 19 عاماً، إلا أنها تمكنت من اللعب في صفوف المنتخب الوطني النسوي، حيث شاركت في مباريات التأهل لكأس العالم للسيدات الأخير، وأصبحت رقماً مهماً في كرة القدم النسوية بالمغرب.

وأوضحت أنه منذ التحاقها بنادي "فينكس" تمكنت من تعلم الكثير من التقنيات الكروية، مشيدة بأداء اللاعبات في الفريق، حيث استطعن أن تحافظن على مكانتهن في الصف الأول طيلة هذه السنة.

ودعت الفتيات للتشبث بأحلامهن كيفما كانت الظروف والتحديات، لافتة إلى أن البداية بالنسبة لها لم تكن سهلة، لكنها ظلت تخوض التدريبات إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وأن طموحها لا يقف عند هذا الحد، بل إنها تتطلع لمزيد من النجاحات والإنجازات الكروية.

وبشأن الوصم الذي يلاحق لاعبات كرة القدم، بينت أن كرة القدم النسوية أصبحت اليوم رقماً صعباً لا يمكن تجازوه، وأن المنتخب النسوي المغربي استطاع أن يحرز انتصارات عديدة خلال كأس العالم للسيدات الذي أقيم بأستراليا ونيوزيلندا، بل إن المغرب عُرِف بفضل المشاركة المشرفة التي خاضها الفريق النسوي والذي مثل بلده أحسن تمثيل.

ولفتت إلى أن الأنوثة لا ترتبط بالضرورة بالمظهر الذي ألفه الجمهور، وأن ممارسة كرة القدم واحترافها لا ينقص من أنوثة المرأة شيء، بل على العكس إنه يعطي شكلاً آخر للأنوثة التي لم تعد تعني الضعف والغنج، بقدر ما أصبحت تمثل القوة والطموح والقدرة على الدخول في تحديات ليست حكراً على الرجال.

 

 

بدورها قالت اللاعبة إيمان تيركوين وسط الميدان البالغة من العمر 25 عاماً "منذ نعومة أناملي وأنا ألعب كرة القدم مع أطفال الحي الذي أسكن فيه، أذكر أنه عندما كان عمري خمسة أعوام اشترى لي والدي دمية فلم تعجبني ثم سيارة فتركتها وكان كلما أهداني لعبة أبديت عدم رغبتي باللعب بها، إلى أن حصلت على كرة فنمت وهي في حضني".

وعما إذا كانت أسرتها تدعمها في هذا الاختيار، أشارت إلى أن أسرتها لم تبدِ أي اعتراض بشأن ممارستها لكرة القدم، لكن شرط ألا تهمل دراستها، وهو ما تحقق بالفعل، حيث استطاعت أن تكمل دراستها.

وأكدت أن أسرتها كانت دائماً داعمة لها في اختياراتها، حيث أنها تساعدها في اختيار الفرق الكروية التي تنوي الالتحاق بها، كما تتابعها في جميع المباريات التي تخوضها وتشجعها لتكون الصيغة الأفضل من نفسها وتطور من مهاراتها وقدراتها.

وتحلم بأن تصبح لاعبة محترفة في أحد الأندية الأوروبية، كما تطمح بأن تلعب في صفوف المنتخب المغربي للسيدات، لافتة إلى أنها ستظل تجتهد وتخوض التدريبات المكثفة إلى أن تحقق حلمها.

وأشارت إلى أن كرة القدم النسوية استطاعت أن تفرض نفسها اليوم وبقوة، وأنها ستحقق المزيد من الإنجازات وستنافس كرة القدم الرجالية كما هو الشأن في العديد من المجالات التي كانت حكراً على الرجال قبل أن تقتحمها النساء.

وبشأن التنمر الذي تتعرض له النساء محترفات كرة القدم، أكدت أن هناك تطور كبير حصل لدى جمهور كرة القدم الذي أصبح يتقبل بشكل أوسع لاعبات كرة القدم "أصبحنا نلاحظ إقبالاً كبيراً على مباريات كرة القدم النسوية في صفوف الرجال أنفسهم الذين لا يتوانون عن تشجيع ودعم الفرق التي يفضلونها عن غيرها"، لافتةً إلى أن لاعبة كرة القدم يمكنها أن تعيش حياتها بشكل طبيعي.