لاعبة صعيدية حققت نجاحاً في كرة الطائرة لذوي الإعاقة

أصبح المجتمع أكثر تقبّلاً لممارسة الفتيات ذوات الإعاقة للرياضة والمشاركة في مختلف الأنشطة المجتمعية وهذا التحول ساهم في إبراز الكثيرات لمواهبهن.

إيمان سمير علي

مصر ـ استطاعت أسماء سيد محمد قنديل، المعروفة بكابتن أسماء قنديل، ابنة صعيد مصر، أن تحوّل محنتها إلى قوة، وإعاقتها إلى بوابة إنجازات غير متوقعة.

واجهت شلل الأطفال في بداية حياتها، وتفوقت دراسياً، والتحقت بالعمل عن جدارة، قبل أن تفتح لها الصدفة أبواب عالم الرياضة لتصبح واحدة من أوائل لاعبات منتخب مصر للكرة الطائرة لذوي الإعاقة، وصاحبة مسيرة يحتذى بها.

أسماء سيد محمد قنديل، من محافظة أسيوط، موظفة في إدارة الحسابات بمديرية الشباب والرياضة، ولدت طفلة سليمة جسدياً بدون إعاقة، لكنها عندما حصلت على تطعيم الأطفال تسبب في إصابتها بارتفاع درجات الحرارة وتدهور حالتها الصحية وإصابتها بشلل أطفال.

أسرتها كانت داعماً كبيراً في حياتها، لم يشعروها بأي اختلاف عن باقي أشقائها، وعاشت حياتها بطريقة طبيعية واستكملت دراستها حتى تخرجت من الثانوي التجاري نظام 5 سنوات، واستكملت تعليمها الجامعي بكلية التجارة، وحصلت على بكالوريوس تجارة.

تقول أنه "عند الإعلان عن الوظائف الحكومية كان من المفترض أن أُعين ضمن نسبة 5% المخصصة لذوي الإعاقة، ولكن فوجئت أنه تم تعييني ضمن فئة المجموع الأعلى نظراً لارتفاع تقديري الجامعي، وتم تعييني بإدارة الحسابات بمديرية الشباب والرياضة".

وعن بداية قصتها مع كرة الطائرة أوضحت أنه "عقب استلامي العمل في مديرية الشباب والرياضة، كانت هناك إدارة في المديرية تُسمّى إدارة الرياضة، رآني مديرها وكانت الوزارة تُنفذ حينها مشروعاً تابعاً لوزارة الشباب والرياضة يقوم بتنظيم أنشطة رياضية لذوي الإعاقة، مثل التنس والكرة الطائرة وغيرها من الرياضات، وعُرض علي فكرة الاشتراك وافقت واشتركت، وذهبت إلى نادي الواي، وكان هو مقر تدريباتنا، وكنت حديثة العهد تماماً، لا أعرف شيء عن الكرة الطائرة، ومع مرور الوقت بدأت أمارسها شيئاً فشيئاً، لكن مستواي كان لا يزال في بداياته".

وأضافت "علمت من زملائي إنه سيتم إجراء اختبارات لاعبين لتكوين منتخب مصر لذوي الإعاقة للكرة الطائرة، وهو الأول بمصر حينها، وتواصلت مع المسؤولين وأخبروني بالاكتفاء بالعدد والانتهاء من الاختبارات".

لم تستسلم أسماء قنديل وحصلت على رقم هاتف المسؤول عن تدريب الفريق، وتواصلت معه هاتفياً ورحب بانضمامها لحماسها وإصرارها.

وذهبت إلى النادي وأجروا لها اختباراً، وكانت بعض زميلاتها يمارسن اللعبة قبلها، ولذلك كان مستواهنّ أعلى قليلاً من مستواها، إذ لا تزال في بداياتها وذلك في عام 2015 عندها أخبرها المدير الفني لمنتخب مصر للكرة الطائرة لذوي الإعاقة، أنها تحتاج إلى بعض التدريب فقط، وستكون ضمن الفريق في البطولة القادمة.

         


 وصادف حينها أن البطولة التي كانوا يستعدون لخوض الاختيار من أجلها قد أُلغيت، وأُجلت مشاركة اللاعبات المختارات في بطولة إفريقيا، وكان هذا من حسن حظها؛ لأنه تم اختيارها بعد ذلك ضمن المجموعة الأساسية في الاختيار الأول، وشاركت في أول بطولة وأول معسكر لمنتخب مصر للكرة الطائرة لذوي الإعاقة، وهو أول منتخب من نوعه على مستوى الجمهورية.

وقالت "قضيتُ أكثر من ستة أشهر، وربما سنة، أتنقّل بين المعسكرات، لأن الفريق كان في طور التأسيس كأول منتخب مصري للكرة الطائرة لذوي الإعاقة، وبعد ذلك شاركت في أول بطولة إفريقيا عام 2016 في رواندا، وحصلنا على المركز الثاني، وكان مستوانا جيداً جداً، وكدنا نحقق المركز الأول لولا فارق بسيط".

واصلت أسماء قنديل الانضمام إلى المنتخب في كل بطولة تقريباً، فعلى الرغم من أن الإدارة كانت تجدد العناصر بين الحين والآخر كانت هي ضمن اللاعبات اللواتي يتم اختيارهن دائماً، ويرجع ذلك إلى ندرة اللاعبات الطويلات المناسبات لمركزَي الليبرو والسنتر3، وخاصة مركز البلوك، لذا كان اختيارها متكرراً، وشاركت في بطولة القارات في الصين عام 2019  و2020.

وأوضحت أنه خلال فترة توقفت تجمعات المنتخب وخلالها انتقلت بين بعض الأندية حتى استقرت في نادي بترول أسيوط "تطور مستواي كثيراً فالانتظام في التدريب مع النادي رفع مستواي بشكل كبير، وهذا ساعد على اختياري مجدداً لبطولة كأس العالم بالعاصمة الإدارية عام 2023، وقدّمنا أداءً جيداً ووصلنا إلى دور الثمانية، ومنذ ذلك الوقت لم يتجمع المنتخب مرة أخرى، لكنني ظهرت في البطولة الأخيرة بمستوى جيد، خاصة في مركزي، والآن نحن ننتظر البطولات القادمة".

ولفتت إلى أن اتحاد الكرة الطائرة يقيم دورياً سنوياً للأندية على مستوى الجمهورية، ومن خلال هذا الدوري يتم اختيار اللاعبات للمنتخب بحسب المستوى، لذلك تحرص دائماً على الاستمرار في التدريب، لأن التوقف قد يؤدي إلى تراجع المستوى وبالتالي عدم الاختيار.

المجتمع اليوم أصبح كما تؤكد كابتن أسماء قنديل أكثر تقبّلاً لممارسة الفتيات ذوات الإعاقة للرياضة، وهذا تغيّر كبير عن السابق "نرى اليوم فتيات يأتين من مراكز وقرى بعيدة مثل أبنوب والفتح والغنايم، وعائلاتهن تسمح لهنّ بالمشاركة، وهذا يدل على وعي وتطوّر كبير في نظرة المجتمع".