للتخفيف من حدة الضغوطات النفسية... فتيات تمارسن رياضة البيسيول

تمارس فتيات من غزة رياضة البيسبول في مراكز الإيواء؛ هرباً من الواقع المأساوي وللتخفيف من حدة الضغوطات النفسية والتحديات التي تواجهنها يومياً.

نغم كراجة

غزة ـ في قطاع غزة، يشهد السكان يومياً حرباً مستمرة وظروفاً إنسانية صعبة، وتعيش النساء والأطفال هناك تحت ضغوط نفسية وجسدية هائلة نتيجة الصراع المستمر والحصار المفروض، وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، تبرز الرياضة كأداة للتخفيف من حدة المعاناة وتوفير نافذة للأمل بعد الأحداث المروعة التي مروا بها ولا زالوا يعيشونها.

يعاني سكان غزة من حصار مستمر منذ سنوات طويلة، والذي تفاقم مع الحرب الحالية التي دخلت شهرها التاسع، هذا الصراع العنيف خلّف دماراً هائلاً في البنية التحتية، وأدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان، حيث يعيش الأفراد في ظل ظروف قاسية، تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية والخدمات الضرورية، وسط قلق مستمر على حياتهم، النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً نفسياً، إذ يعانون من آثار العنف المتواصل والضغوط النفسية.

سناء طافش فتاة فلسطينية شهدت العديد من الحروب منذ صغرها لكن هذه الحرب هي الأكثر ضراوة خاصة أنها خرجت من تحت الأنقاض بعد ساعات من البحث عنها جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلها، ورغم الظروف الصعبة، قررت أن تستخدم شغفها بممارسة الرياضة كوسيلة للتخفيف من التوتر والضغط النفسي، واختارت رياضة البيسبول، التي تعتبر غير تقليدية في المجتمع الفلسطيني، وتعلمتها من جدتها.

لم تكتفِ سناء طافش بممارسة رياضة البيسبول لنفسها فقط، بل قررت نقل خبرتها وشغفها إلى الفتيات الأخريات في مراكز الإيواء رغم صغر سنها "تعاني الفتيات في هذه المراكز من ظروف معيشية صعبة ومن نقص في الأنشطة الترفيهية والتعليمية"، وبدأت بعد ذلك بإطلاق فكرتها وقامت بتنظيم حصص تدريبية منتظمة، مستفيدة من كل فرصة سانحة رغم الظروف الأمنية الصعبة والقصف المستمر.

في ظل القصف المتكرر ونقص الموارد والظروف المناخية السيئة، أطلقت سناء طافش مبادرتها النوعية وهي تدريب مجموعة من الفتيات في مراكز الإيواء على ممارسة رياضة البيسبول "تعتبر هذه المبادرة فرصة لتخفيف التوتر والضغوطات النفسية التي يواجهنها يومياً وأعاني منها أيضاً"، لافتة إلى أن ممارسة رياضة البيسبول تمثل تحدياً للمعتقدات النمطية السائدة حتى في حالة الحرب حول ما يمكن للفتيات تحقيقه في بيئة محافظة.

كما واجهت المبادرة مقاومة من بعض الكوادر الإدارية في مراكز الإيواء، الذين لم يروا في رياضة البيسبول نشاطاً مناسباً للنساء عامة في هذه الظروف الصعبة، وبالرغم من ذلك وبفضل إصرار الفتيات وإيمانهن بأهمية النشاط البدني والترفيهي في حياتهن، نجحن في تجاوز هذه العقبات والاستمرار في تحقيق أهدافهن.

العديد من التحديات وقفت عائقاً أمام تنفيذ مبادرة سناء طافش منها "نقص المعدات الرياضية المناسبة، حيث تلجأ في كثير من الأحيان إلى صنع المعدات بيدها أو استخدام أدوات بديلة، كما أن القصف المستمر يجعل من الصعب إيجاد أماكن آمنة للتدريب، فضلاً عن سوء الأحوال المناخية التي تزيد من صعوبتها"، كما أوضحت.

وتحلم سناء طافش أن تنتشر مبادرتها بشكل أوسع، لتشمل عدد أكبر من الفتيات في قطاع غزة، كما تأمل أن تتمكن من المشاركة في بطولات دولية ورفع علم فلسطين في المحافل الرياضية العالمية، وتؤمن بأن الرياضة يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتغيير الإيجابي وتخفيف معاناة النساء والأطفال في المناطق المنكوبة، طموحاتها لا تقتصر على تحسين أوضاع الفتيات في مراكز الإيواء فقط، بل تسعى لأن تكون مثالاً يحتذى به.

 

 

سندس صالح، إحدى المتدربات في مركز الإيواء، كانت تعيش ظروف صعبة قبل أن تشارك في تدريب البيسبول، ولم تكن لديها خبرة سابقة حول هذه الرياضة "وجدت في تدريبات البيسبول فرصة للتعبير عن نفسي بطريقة لم أفعلها من قبل، وعززت روحي المعنوية وثقتي بذاتي".

"كانت هذه التجربة تحدياً كبيراً بالنسبة لي البيسبول منحني الشعور بالانتماء وفرصة للتعبير عن مهاراتي بطريقة جديدة تماماً وتفريغاً للضغوطات التي أعيشها بشكل يومي، وزادت من قدراتي الشخصية"، تقول سندس صالح وهي تروي تجربتها.

ومثل هذه المبادرات، مكّنت الفتيات في المراكز من تحسين صحتهن البدنية والنفسية، وأصبحت الحصص التدريبية للبيسبول فرصة للهروب من الواقع الصعب والضغوط النفسية، ولتعزيز الروح المعنوية والانتماء للفريق.