بطلة الرماية اللبنانية راي باسيل تتحضر للمشاركة في الألعاب الأولمبية

في ظل المشهد السوداوي الذي يعيشه اللبنانيون وتنقله وسائل الإعلام العالمية عن لبنان، من أزمة اقتصادية وأخرى صحية واجتماعية، بالإضافة إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي

كارولين بزي
بيروت ـ  ، وحدها راي باسيل بطلة الرماية اللبنانية استطاعت أن تخرق تلك الأخبار السلبية لتتصدر المركز الرابع ضمن بطولة العالم للرماية التي أقيمت في القاهرة في بداية آذار/مارس الحالي، ولتكون العربية الوحيدة ضمن المراكز الأولى.
تتحضر راي باسيل حالياً لبطولة كأس العالم التي ستقام في إيطاليا في شهر أيار/مايو المقبل، وتشارك بعدها في الألعاب الأولمبية التي ستقام في طوكيو في تموز/يوليو.
اكتشفت راي باسيل لعبة الرماية على يد والدها الذي كان يمارس هذه الرياضة، فكانت ترتاد نادي الرماية برفقته ليكتشف لاحقاً شغف ابنته وموهبتها، ثم اتخذت القرار بأن تطوّر هذه الموهبة لتحترفها من خلال التدريبات المكثفة. 
 
"والدي شجعني على الرماية ولكن والدتي رفضت"
تقول راي باسيل لوكالتنا "تعرفت على هذه اللعبة من خلال والدي الذي يحترفها وأعجبتني، ثم طلبت منه أن يأخذني للتدرب على الرماية لكي أطوّر نفسي. شجعني والدي لأنه وجد أنني موهوبة وبأنني أحببت هذه اللعبة، ولكن الأمر كان صعباً على والدتي التي رفضت في البداية التحاقي بهذا المجال، وعندما رأت أنني أتدرب وأمارس هذه اللعبة بحب وشغف عادت وشجعتني على قراري".
لطالما كانت لعبة الرماية حكراً على الرجال إن كان في لبنان أو العالم العربي، تؤكد راي باسيل بأنه "وجودي مع الرماة الرجال كان غريباً عليهم لكنه لم يشكّل حاجزاً لي إذ اعتبرت الرماية لعبة أحببتها وسأحترفها. كنت أستمع إلى تعليقات فكاهية مثل "راي باسيل أخت الرجال" ومصطلحات أخرى خفيفة الظل. علماً أنني عندما بدأت مسيرتي اعتقد البعض أن اسم راي هو لشاب لا لفتاة، ولكن عندما بدأت أطل عبر وسائل الإعلام وبدأ الناس يتعرفون عليّ وعلموا بأنني أنثى وبأن الرماية لم تؤثر على أنوثتي، اختلفت نظرتهم".
تلقت راي باسيل الدعم من عائلتها ولكن ليس من قبل الجهات الرسمية المعنية في لبنان، وتشير إلى أن دعم المجال الرياضي ضئيل جداً جداً، فمنذ نحو سنتين لم تتلق دعماً مادياً من وزارة الشباب والرياضة ولا حتى من السلطات المعنية، وتضيف "الاتحاد اللبناني للرماية والصيد يحاول أن يساعد بالموجود، اليوم المال الذي يتلقاه الاتحاد يأتي من الوزارة وإذا لم تعرف الوزارة كيف توزع المال بالطريقة الصحيحة وتدعم الاتحادات الناشطة والفعالة، سيكون من الصعب على الاتحاد أن يعطي ويساعد الرماة والمنتخب".
 
"أسعى لأن أعيد لبنان إلى المنصات العالمية"
وتتابع "للدولة دور يجب أن تلعبه، إذ أن الدعم الأساسي يجب أن يكون من وزارة الشباب والرياضة. تأهلت لدورة الألعاب الأولمبية التي تقام في طوكيو في تموز/يوليو المقبل، سنرى كيف سيتم تقديم التمويل لهذه البطولة، لأن هناك تكاليف تحتاج للدولار وهي مشكلة كبيرة بسبب أزمة شح الدولار في لبنان، إذ لدي سفر وتدريبات، وأتمنى أن يستطيعوا تأمين المال لكي أستطيع أن أكمل وأتحضر بشكل صحيح من الآن لغاية موعد البطولة في طوكيو".
لكن تلك العراقيل لم تثني راي باسيل عن متابعة تدريباتها، وتشير إلى أنها تتدرب بشكل مكثف بين إيطاليا ولبنان، وتؤكد بأنها لن تسمح لهذه المشاكل بأن تعيق مسيرتها وأهدافها. 
في ظل الأزمات التي يغرق فيها لبنان استطاعت راي باسيل أن تتصدر المرتبة الرابعة في بطولة كأس العالم للرماية لتكون العربية الوحيدة ضمن المراتب الأولى، تقول "لدي هدف أريد أن أصل إليه، وبطبعي أنا شخص عنيد ولدي إصرار بأن أزرع الفرح ليس لي فقط بل للبنان وللشعب اللبناني لأنني أعلم بأننا نمر بظروف صعبة جداً على مختلف الصعد، ونشعر بالإحباط والتعب النفسي، أسعى لأن أوجد بهجة صغيرة للبنان وأن أعيد بلدي إلى المنصات العالمية، وأن أحقق انجازاً يكون مصدر فرح للبنانيين، وهذا ما يدفعني لأن أحقق نتيجة جيدة".
 
"الإعلام حاضر ولكن الدولة غائبة عن دعم الرياضيين"
تلفت راي باسيل إلى أن الإعلام اللبناني لم يغيبها ولكنها كرياضية تؤكد بأنها لم تنال حقها من الناحية المادية والمعنوية، وتتابع "لا أحصل على حقوقي كرياضية على غرار كل الرياضيين في لبنان. عدم الاهتمام من قبل الدولة بالرياضة هي مشكلة قديمة ولا يمكن أن يتم تغيير ذلك إلا إذا تغير النظام، وجود أشخاص غير مؤهلين يستلمون هذا القطاع هم من يمنعونا من الوصول. علماً أن لدينا العديد من المواهب".
لطالما كانت الرياضة مجالاً تحاول بلدان العالم الارتقاء بها لتعطي صورةً حضارية لهذه البلدان إلا في لبنان فالرياضة تأتي في آخر سلم الأولويات. تعلق راي باسيل على ذلك بالقول "وزارة الرياضة في كل دول العالم هي من أقوى الوزارات، لأن الرياضيون يمثلون بلدهم في الخارج، ويقدمون الصورة الجميلة والراقية عن بلدانهم، وعندما نشارك في البطولات العالمية واجبنا أن نمثل ونرفع اسم لبنان، ولكي نمثل لبنان فهذا يتطلب منا وقتاً ومجهوداً مضاعفاً، إذ نتفرغ للتدريبات ونتوقف عن ممارسة أعمالنا التي تؤمن لنا مدخولاً وهذا ما لا تنظر إليه الدولة، وبالتالي يجب أن يتم تأمين الرياضيين وتقديم رواتب وتوفير تأمين صحي وضمان اجتماعي لهم وهذا موجود في كل دول العالم". 
حافظت راي باسيل على مركز الصدارة إذ انها بطلة لبنان للسيدات في الرماية من العام 2006 لغاية اليوم، تقول "لا يوجد شيء من دون جهد وتعب وأتمنى أن يكون هناك جيل جديد ولكن الظروف لا تسمح، ومن الصعب أن نجد جيلاً يكمل هذا الإرث. ولكن سأعيد فتح أبواب الأكاديمية التي أغلقتها منذ فترة بصورة مؤقتة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وبسبب انتشار وباء كورونا، ولأنني أيضاً بحاجة لأن أركز على تدريباتي وسأسافر كثيراً لذلك لن أكون جاهزة بشكل دائم". وتضيف "لمست من خلال الفتيات والشبان الذين انضموا إلى الأكاديمية أن لدينا عدد كبير من المواهب وكل ذلك يحتاج لخطط لكي نخرّج جيل جديد، وهذا ما أسعى إليه بأن أستطيع أن اقدم كل ما تعلمته في السنوات السابقة لهذا الجيل ليكونوا جزءاً من المستقبل في الرماية". 
لم تسلم راي باسيل من الإصابة بفيروس كورونا، وتعترف بأن التجربة كانت صعبة جداً فالرياضي يتأثر أكثر من غيره لأن جسمه غير معتاد على الفيروسات ولا حتى على الانفلونزا، لذلك تكون ردة فعل الجسم قوية، وتلفت إلى أن مرحلة ما بعد كورونا كانت أصعب عليها من المرض نفسه، واستطاعت أن تستعيد صحتها بعد مرور شهرين تقريباً. 
 
"هدفي أن أحقق إنجازاً في الألعاب الأولمبية"
مع كل السوداوية ترى راي باسيل بأن عام 2020 منحها الإيجابية، وتعتبر بأن الانسان خلال يومياته يتأثر بأشياء كثيرة ولكن وباء كورونا جعلها تقيّم الأشياء بطريقة مختلفة وتنظر إليها بأسلوب أبسط من ذي قبل.
في مسيرتها مع الرماية حازت راي باسيل العديد من الميداليات وحققت بطولات سنوية، تعتبر راي أن لكل بطولة تأثيرها من ايجابيات وسلبيات، "لكل بطولة وهجها فالربح ترك فيّ أثراً كبيراً والخسارة أثرّت بي، ومن المهم أن يستطيع الانسان النهوض بعد السقوط، والناجح هو من ينهض بعد الخسارة ويحقق انجازاً جديداً. وتضيف "تعلمت أن أكون قوية ليس فقط في الرياضة بل بالحياة ولا أنكر أن الرياضة ساعدتني جداً وكذلك الطموح". 
"هدفي أن أحقق فوزاً ضمن الألعاب الأولمبية المقبلة في طوكيو، شاركت مرتين في السابق بالألعاب الأولمبية ولكن مع الوقت طوّرت نفسي واكتسبت خبرة أكبر وأتمنى أن أحقق انجازاً أهم في المرحلة المقبلة"، هكذا تختم راي باسيل حديثها.