ابنة مدينة الرقة تضع رياضة رفع الاثقال في مدينتها على خارطة الطرق العالمية
بحصولها على بطولة سوريا في ألعاب القوى البدنية ورفع الأثقال رغم صغر سنها أثبتت ميرغان محمود حجي ابنة مدينة الرقة أن مدينتها حققت نهضة رياضية.

نور الأحمد
الرقة ـ تحدت وكسرت النظرة الدونية حيال نوعية الرياضة التي تمارسها، لتصبح أول فتاة تحصل على بطولة سوريا في ألعاب القوى البدنية، ورفع الأثقال، وتتأهل إلى البطولات العالمية، هذه هي قصة النجاح التي حققتها ميرغان محمود حجي ابنة مقاطعة الرقة في إقليم شمال وشرق سوريا.
ميرغان محمود حجي البالغة من العمر 15عاماً ، أول لاعبة في فريق ألعاب القوى البدنية في مقاطعة الرقة بعد تحريرها من داعش، شاركت في العديد من البطولات على مستوى المقاطعات، وتوجت في المراكز الأولى، وفي عام 2023 حازت على المركز الثاني على مستوى سوريا في رفع الأثقال، ومؤخراً حصلت على المركز الأول أيضاً على مستوى سوريا، وتأهلت لبطولة العالم التي ستقام خلال الأشهر القادمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعد رياضة العاب القوى البدنية ورفع الأثقال والأوزان الثقيلة فريدة من نوعها في المنطقة خاصة بعد أعوام من غياب الألعاب الرياضية، ودور المرأة في ظل الحروب التي مرت بها المنطقة.
بداية تشكيل الفريق
وقالت ميرغان محمود حجي "في سن صغيرة كان لدي حب وميول تجاه رفع الأوزان الثقيلة والحديد، لذا كنت أرفع كل الأشياء الثقيلة في المنزل، وأتنافس مع إخوتي الذكور في رفعها، واكتشفت حينها أن لدي القدرة في ذلك، وبعد سماعي بافتتاح مجلس رياضي للتدريب على ألعاب القوى البدنية لم أتردد في الانضمام، وكنت المتدربة الأولى أنا وأختي من فئة الشابات في الفريق، ثم مع مرور الوقت بدأت عدد من الشابات بالانضمام وشكلن فريق، وبتنا نشكل منتخب مقاطعة الرقة، ونشارك على مستوى المقاطعات الأخرى".
وبينت أن المجتمع حاول الحط من قدراتها "واجهت العديد من التحديات في بداية مسيرتي منها الآراء السلبية لمن حولي، وقالوا أنه من المعيب أن تقوم فتاة بممارسة لعبة رفع الأثقال وهي غير مناسبة لها، واعتبروا أنها تلغي أنوثتها، وتعتبر هذه الرياضة حكراً على الرجال، ولا أنكر أن هذه الانتقادات أثرت على حالتي النفسية لكني بدعم وتشجيع عائلتي والأصدقاء أصبحت أقوى، وأكملت ما بدأت به بممارسة الرياضة المفضلة لدي، حتى تمكنت من كسر هذه النظرة والمفاهيم الاجتماعية الخاطئة وأثبتت ان المرأة قادرة على فعل أي شيء مثلها مثل الرجل تماماً".
وأوضحت "واجهت صعوبة من حيث رفع الأثقال والمجهود الكبير الذي يتطلبه رفعها، وعشت أيام من الألم جراء الشد العضلي بعد التمارين، لكن مدربي شجعني بألا أستسلم، وقال أن التشنجات هي بداية تأقلم عضلات الجسد وتنميتها، وعلى ذلك بدأت بالأوزان الخفيفة، وهي عبارة عن ثلاثين وأربعين كغ، ومع التمرين المكثف تمكنت من زيادة الوزن رويداً رويداً"، لافتةً إلى الأوزان التي ترفعها "في تمرين السكوايت أرفع ما بين 180و190 كأقصى وزن، أما تمرين التقبين أرفع ما بين الـ 190 و200، إضافة إلى تمرين الصدر الذي يتجاوز وزنه الـ60 ويصل إلى 70 كغ".
ونوهت إلى أن هناك العديد من التأثيرات الصحية التي تظهر نتيجة ممارسة رفع الأثقال "عند رفع الأوزان الثقيلة عدة مرات بدون فاصل زمني مناسب أصاب بضيق في النفس، وتزداد نبضات القلب، مع تعرق شديد، وتتشنج العضلات المستهدفة لعدة أيام، لكن مع ذلك لا أتراجع فالعضلات تكتسب قوة أكبر، وبهذه اللياقة يمكنني الدفاع عن نفسي".
مشاركتها في البطولات
وعن مشاركاتها في بطولات محلية بينت "شاركت في عدة بطولات محلية منها بطولة القوى البدنية في مدينة دمشق عام 2023، وحينها كنت أبلغ من العمر 12 عاماً فقط، وحققت فيها المركز الثاني على مستوى سوريا، ومنذ شهر تقريباً شاركت في بطولة تجارب للعالم على مستوى الجمهورية وحققت المركز الأول وتأهلت لبطولة العالم، وبطولة غرب آسيا".
ووصفت مشاركتها على مستوى سوريا وحصولها على المركز الأول والثاني لمرتين بالحدث المميز "مشاركتي ببطولة الجمهورية حدث جميل ومميز في حياتي لن أنساه، وكان شعوري ومعنوياتي لا توصف خاصة عندما صعدت على المسرح وأنا أسمع الهتافات والتشجيع من قبل الجمهور الذي نادى باسمي واسم مدينتي وتم تكريمي لحصولي على المركز الأول".
وأوضحت أنه "كوني ابنة مدينة الرقة فقد مثلت قوة المدينة التي انقطعت عن الرياضة لسنوات طويلة بسبب ظروف الحرب التي عصفت بها، ولي الفخر والاعتزاز كوني الفتاة الأولى التي تشارك من إقليم شمال وشرق سوريا والتي تصل إلى هذا المستوى بفترة قصيرة من التدريب والتمرين وتحقق المركز الأول، وأهدي فوزي هذا إلى عائلتي وكل من يشجعني ومدينتي الصامدة رغم ما مر بها".
"على النساء عدم الاستسلام لانتقادات المجتمع"
وشجعت ميرغان محمود حجي جميع الفتيات اللواتي تمتلكن أي هواية رياضية ألا يترددن بالمشاركة في الفرق الرياضية في المجلس الرياضي الذي يعمل على تنمية الهوايات وتأهيل القدرات الرياضية وتطويرها "المرأة ورغم الصعوبات قادرة على ممارسة الرياضة التي تحبها، ويجب ألا تستلم وخاصة في العاب القوى البدنية المليئة بالتحديات فهناك نهاية وفوز عظيم ينتظرها، ولتحقيق ذلك عليها ألا تلتفت للانتقادات وألا تسمح للمجتمع أن يوقفها عن تحقيق أحلامها وعرقلة أهدافها".
وتطمح ميرغان محمود حجي للتأهل إلى أعلى المستويات، وأن تشارك بالأولمبياد العالمي، وتحقق المراكز الأولى وأن ترفع اسم مدينتها من خلال الرياضة، كما تعد تجربتها في رفع الأثقال إنجاز عظيم حققته في سن مبكر، وبات جزء من حياتها ولا يمكنها الاستغناء عنها.