زينب كناجي "زيلان"... رقم صعب في تاريخ النضال الكردي

"تلميذة القائد أوجلان"، "زيلان"، هي أسماء وألقاب عرفت بها الشهيدة زينب كناجي، التي سجلت اسمها في صفحات تاريخ النضال الكردي.

مركز الأخبار ـ لم يمر إلا عام واحد على انضمامها إلى حركة التحرر الكردستاني لكن زينب كناجي استطاعت أن تدون اسمها في سجل النضال الكردي، مؤكدةً أن البطولة لا تحتاج إلا للجرأة لقول لا للظلم.

يُصادف الـ 30 من حزيران/يونيو، الذكرى السنوية الـ 26 لاستشهادها، وكانت قد قالت عن عمليتها الفدائية التي نفذتها في ديرسم "حبي للإنسانية وتمسكي بالحياة النموذجية ومبتغاي في أن أكون صاحبة نضال وحياة ذات معنى عميق، دفعني إلى القيام بهذه العملية لتدون في سجل الخالدين".  

 

من تكون الشهيدة زيلان؟

ولدت زينب كناجي التي حملت الاسم الحركي "زيلان"، والذي يعني الانبعاث باللغة العربية في عام 1972، في قرية ألمالي التابعة لمدينة ملاطيا في شمال كردستان. وكانت الأخت الصغرى لسبعة أشقاء.

درست في جامعة إينونو بقسم علم النفس، وعملت في قسم التصوير والأشعة في المشفى الوطني في المدينة قبل انضمامها إلى حركة التحرر الكردستانية. ففي عام 1994 بدأت تشارك في فعاليات الجبهة في مدينة أضنة، وبقيت ضمنها لمدة عام.

تزوجت بعد تخرجها من محمد علي أطلي وهو زميلها الذي درست معه في الجامعة لمدة عامين، وجاء انضمامها في عام 1995، انطلاقاً من حقيقة أن كردستان تقع تحت الاحتلال، وكانت قد تعرفت على حركة التحرر الكردستانية في الجامعة، إلا أنها اكتسبت اهتمامها وميولها الوطنية الكردية من خصوصيات عائلتها التي دعمت الحراك الكردي.

 

"زيلان"

زيلان يعني باللغة العربية الانبعاث ويعني للكرد ذكرى مؤلمة أيضاً، فالشهيدة اختارت الاسم نسبة إلى وادي زيلان أو (كَلي زيلان) الذي ارتكبت فيه السلطات التركية مجزرة بحق المدنيين الكرد راح ضحيتها رجال ونساء وأطفال.

ففي تموز/يوليو 1930، قتل المئات من المدنيين في وادي زيلان الذي يقع مدينة وان بشمال كردستان، الأرقام الرسمية كشفت عن مقتل 15 ألف شخص، فيما نقلت معلومات غير رسمية أكثر من تلك الأرقام بكثير والتي قالت إنها تخطت الـ 17 ألفاً.

وارتكب النظام التركي واحدة من أكبر الجرائم ضد الإنسانية حيث أحرقت القوات العسكرية القرى وطردت الناس من منازلهم حتى أن جريدة الجمهورية التركية كتبت عن هذه الأحداث "وادي زيلان مليء بالجثث"، فيما قالت وزارة الخارجية البريطانية أن المجزرة ضد المدنيين.

لمواجهة حقيقة شعب يفتقد أرضه بذلت الشهيدة زينب كناجي الكثير، وقالت عن انضمامها لحركة التحرر الكردستاني "لقد تطور اهتمامي بالفكر اليساري والقضية الكردية عندما كنت أدرس في الثانوية، وتعمقت في أمور الحياة خلال هذه السنوات، ولكنني لم أتبنى أي نهج سياسي خلال مرحلة الجامعة وتوضح اتجاهي من بين الأفكار اليسارية حيث بدأت أميل إلى نهج الـ PKK وأسانده بشكل واضح".

وعن التغييرات في شخصيتها بعد انضمامها للحزب قالت "خلال هذه المدة التي بقيت فيها ضمن صفوف الكريلا تمكنتُ من التعرف على شخصيتي من كل الجوانب، وتطورت شخصيتي قياساً بالمراحل السابقة؛ أستطيع القول بأنني استمدت القوة في مسألة المعنويات والقرار والإرادة والحسم في كثير من القضايا".

 

زيلان... رمز انبعاث المرأة الكردية

قالت الشهيدة زينب كناجي عن عمليتها الفدائية "عندما نذهب إلى الشهادة نعرف جيداً وبشكل قطعي بأن هناك من يمثلنا وسيستمر في هذا النهج. عندما أريد أن أقوم بهذه العملية فإنني أرى بأنها مهمة مطلوب مني أداؤها، وأشعر بأنني مسؤولة أمام التاريخ. من أجل أن أستطيع التغلب على نقاط ضعفي والتوجه نحو آفاق الحرية وتحقيق ذاتي، فأنني أرى السبيل إلى كل ذلك من خلال الحرب، وإنني على قناعة بأن كل ذلك يمر عبر التجاوب مع متطلبات هذه الحرب. أريد أن أحقق رغبة شعبي في الحرية. في مواجهة السياسة الامبريالية التي تريد أن تحوّل المرأة إلى عبدة. أريد أن أفجر نفسي كقنبلة لكي أظهر كل غضبي وعنفواني بشكل كبير ولكي أتحول إلى رمز لانبعاث المرأة الكردية".

 

العملية الأولى من نوعها

قبل تنفيذها للعملية قالت في رسالتها "إن ارتباطي والتحامي وتمسكي بالحياة هو ارتباط نموذجي، لذا أريد أن أكون صاحبة عملية كبيرة وحياة ذات معنى كبير. أن نضال التحرر الوطني الجاري بقيادة القائد عبد الله أوجلان سوف يصل إلى النصر قريباً".

عمليتها الفدائية تعد الأولى من نوعها في تاريخ حركة التحرر الكردستاني، حيث قامت في 30 حزيران/يونيو 1996 بالتوجه نحو مركز للجيش التركي أثناء مراسم رفع العلم بمدينة ديرسم بشمال كردستان، محملةً بـ 8 كغ من المواد المتفجرة وقطع من الحديد وقنبلتين يدويتين وتظاهرت بأنها حامل.

 

"رفيقة الدرب زيلان"

بعد تنفيذها لعمليتها الفدائية وصف القائد عبد الله أوجلان العملية بـ "المانيفستو"، كما قال عن الشهيدة "رفيقة الدرب زيلان هي قائدتي وينبغي السير على نهجها... عندما يكون الإنسان مرتبطاً ومتعلقاً بهدفه ومنظماً نفسه جيداً يمكنهُ تحقيق النصر المؤزر".

 

مهرجان زيلان

عملت حركات وتنظيمات المرأة الكردية في أوروبا منذ عام 2004 على تنظم مهرجان سنوي يقام كل عام في منتصف شهر حزيران/يونيو تكريماً للشهيدة زينب كناجي.

كما تستذكر النساء والمؤسسات النسوية في مناطق شمال وشرق سوريا وشمال كردستان الشهيدة زيلان كل عام في ذكرى استشهادها.