شادي الصدر ناشطة إيرانية رافضة لمنهج التميز ضد المرأة في بلادها

شادي الصدر هي إحدى النساء الثائرات على وضع المرأة في إيران والرافضات للتمييز والتضييق الذي ينتهجه نظام الملالي ضد النساء منذ توليه سُدّة الحكم قبل نحو أربعين عاماً

مركز الأخبار ـ ، وما تزال على موقفها رغم تعرضها للاعتقال عدة مرات والنفي خارج البلاد.
ولدت الناشطة الإيرانية شادي صدر في العاصمة الإيرانية طهران عام 1974، في أسرة مكونة من أربعة أفراد، الأم مدبرة منزل والأب عامل بسيط، حصلت على درجة البكالوريوس في القانون وشهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة طهران في عام 1999، وهي عضوة في لجنة مراسلي حقوق الإنسان التي تشكلت في عام 1976 والتي تتولى مراقبة وتنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 
 
صحفية وناشطة الحقوقية 
تقول شادي صدر "لم أختر الصحافة لقد اختارتني"، وذلك لأنها دخلت مجال الصحافة من خلال مسابقة أقامتها مجلة شبابية إيرانية تسمى "سوروش نجوان" وفازت بها رغم إن عمرها لم يكن يتجاوز الخامسة عشر عاماً.
بدأت تكتب في الصحف الإصلاحية بعد ذلك، واتجهت نحو قضايا المرأة من خلال تأسيسها أول موقع إلكتروني عام 2002 يهتم بالنشاط النسوي باسم "نساء إيران" وكانت تكتب فيه مقالات مطولة حول وضع النساء الإيرانيات وحقوقهن القانونية.
وبناءً على معاملة زملائها الذكور لها على أنها بنصف عقل واعتبارها نصف رجل بعد انتقالها للعمل في المجال النسوي قالت "لم يعد بوسعي أن أتحمل زملائي الذكور عندما يقولون بأن المرأة تساوي نصف الرجل، لمجرد إني كنت بحاجة لمباركاتهم لطباعة مقالاتي".
تعمل شادي صدر كرئيسة تحرير في الموقع الإلكتروني "ميدان المرأة"، وأصدرت خلال عملها في الصحافة مجلة شهرية باسم "Zanan Womwn"، وصحيفة يومية باسم "NowـeـYas" التي كانت تكتب أعمدة بعنوان عرض المرأة "Negahe Zanan".
أنشأت شادي صدر أيضاً منظمة "مجال النساء" التي تضم مجموعة من الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، أطلقت هذه المنظمة عدة حملات بما فيها حملة لإزالة الحظر المفروض على دخول النساء الملاعب، وقامت شادي أيضاً ضمن هذه المنظمة بحملات للقضاء على ممارسة عقوبة الإعدام بالرجم وخصوصاً بالنسبة للنساء في حملة تعرف باسم "وقف الرجم إلى الأبد" التي هدفت إلى وضع حد لممارسة الرجم حتى الموت في إيران.
كخبيرة في حقوق الإنسان في إيران قادت العديد من الحملات والمنظمات التي كان هدفها القضاء على انتهاكات حقوق الإنسان والمرأة خصوصاً، وأنشأت شادي صدر مركز راهي "Raahi" في عام 2004 وهو مركز يقدم المشورة القانونية للنساء المهمشات، لكن السلطات الإيرانية أغلقته بعد تصاعد القمع ضد المجتمع المدني في عام 2007.
ذكرت بعض المصادر أن شادي صدر كانت قد واجهت كل الصعاب في طريقها قائلة "لم يسمح لجدتي بأن تحيا الحياة التي أرادتها. أما أنا فكنت محظوظة، لقد حققت كل شيء، لكن النضال كان لايزال صعباً. ولم أود أن يواجه أغلى شخص في حياتي (ابنتي) المتاعب ذاتها".
ساعدت شادي بتنظيم جهود إغاثية لتقديم الغذاء والإمدادات للنساء والأطفال على أثر وقوع زلزال بم في عام 2003 في مدينة بم شرق محافظة كرمان الإيرانية.
شملت أنشطتها أيضاً إعداد تقارير حول "القسوة على الجريمة" بشأن التعذيب ومضايقة النساء وإساءة معاملتهن جنسياً في إيران في سبعينيات وثمانينات وتسعينيات القرن الماضي.
كانت شادي صدر عضوة في لجنة قضاة المحكمة الشعبية الدولية "IPT" لعام 1965 بخصوص الجرائم التي وقعت في إندونيسيا، وعملت أيضاً كعضوة في محكمة الشعب في ميانمار لعام 2017.
كما أنها كانت عضوة في عدة حملات منها "لا قانون"، "لا للضمان الاجتماعي"، "التعليم ليس نصيبي، إنه حقي"، "الدفاع عن حق المرأة في الدخول إلى الملاعب"، "الاحتجاج على الضغط الغير مشروع ضد نشطاء الحركة النسائية"، "أمي، بيتي"، "ميثاق خاص بها (ميثاق المرأة الإيرانية)"، "لا! إلى مشروع قانون لحماية الرجال في الأسرة". 
وحضرت في عام 2010 المؤتمر السنوي لنقابة المحامين الهولنديين، وتحدثت أثناء المؤتمر عن الطرق التي يعوق بها المحامون في إيران لأداء عملهم. 
وتعمل شادي صدر حالياً في منظمة العدالة من أجل إيران "JFI" التي أسستها بالتعاون مع زميلتها الكاتبة والناشطة الإيرانية شادي أمين في عام 2010 التي تهدف إلى التصدي للانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية للقضاء عليها وليكونوا مسؤولين عن أفعالهم وممارسة العقاب عليهم، حيث تسملت منصب المديرة التنفيذية للمنظمة وأشرفت على العديد من المشاريع البحثية حول الانتهاكات الكبيرة بحق الأقليات العرقية والدينية، ومثليي الجنس، والنساء اللواتي تعرضن للاضطهاد بسبب معتقداتهن السياسية.
 كما أنهما ألفت كتاباً جريئاً حول وضع السجينات والمعتقلات بعنوان "الجريمة والإفلات من العقاب: التعذيب الجنسي للمرأة في سجون الجمهورية الإسلامية". 
 
 اعتقالها
تعرضت الناشطة الإيرانية شادي الصدر للاعتقال عدة مرات كان أولها في بداية آذار/مارس 2007 بعد تنظيمها مظاهرة سلمية خارج قاعة المحكمة بمشاركة 33 امرأة وذلك احتجاجاً على محاكمة خمس نساء متهمات بـ "الدعاية ضد النظام" و"العمل ضد الأمن القومي" و"المشاركة في مظاهرة غير قانونية" التي تعود إلى مظاهرة 12يونيو/حزيران 2006 لدعم حقوق المرأة، وألقي القبض عليهم واحتجزت شادي لمدة خمسة عشر يوماً في سجن إيفين ولكن أطلق سراحها بكفالة. 
وأعيد اعتقالها في 17تموز/يوليو 2009، لمدة 11 يوماً، وتعرضت حينها للضرب بالهراوات والعنف الشديد عندما حاولت الهرب من أيدي رجال رفضوا تحديد هويتهم ويرتدون ملابس مدنية وهي في طريقها إلى جامعة طهران للمشاركة في أحد مظاهرات الانتخابات الرئاسية بعد عام 2009، مع العديد من الناشطات الأخريات، واقتادوها بالإجبار إلى السيارة واخذوها إلى مكان مجهول.
ودعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج غير المشروط الفوري للناشطة الإيرانية شادي صدر، وقال عنها مدير برنامج المنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مالكولم سمارت "أن اعتقال الناشطة شادي صدر اعتباطي وغير مشروع ونفذته السلطات الإيرانية دون أي توضيح".
وذكر مالكولم أيضاً بأن اعتقال شادي صدر يمثل الحلقة الأخيرة من سلسلة الاعتقالات المستمرة التي تستهدف الطلاب والصحافيين والمثقفين السياسيين وناشطي المجتمع على خلفية التظاهرات التي تشهدها إيران احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية.
عاشت شادي صدر في أوروبا بعد أن نفتها السلطات الإيرانية إلى هناك، وادينت غيابياً في محكمة ثورية بطهران بتهمة "العمل ضد الأمن القومي والإضرار بالنظام العام" فحُكم عليها في 17 أيار/مايو 2010 بالسجن ست سنوات مع 74 جلدة. 
وتتعرض السجينات في إيران إلى أبشع أنواع التعذيب، ويعد سجن إيفين من أكثر السجون التي تتعرض فيها السجينات للتعذيب من خلال ممارسة التعذيب الأبيض وهو نوع من أنواع التعذيب النفسي ويتضمن وحشية في الحرمان الحسي وفقدان الشخص هويته وانخفاض انتاجه البشري بممارسة العزلة المشددة على السجينات، وتحتل إيران المرتبة السادسة من حيث عدد السجناء بحسب المنظمات الحقوقية.
 
"المرأة جزء هام من الحركة الخضراء"
انتقدت شادي صدر في مؤتمر صحافي عقدته في مقر "مؤسسة هاينريش بول" في برلين القريبة من حزب الخضر، أعمال القمع والملاحقة التي ينفذها النظام الإيراني ضد "الحركة الخضراء" وهي حركة نضال متواصلة تطرح مطالب عدة مثل الإفراج عن المعتقلين، والسماح بالتجمع والتظاهر وتضم عدد كبيراً من النساء.
وقالت شادي بأن "النساء جزء هام من الحركة الاحتجاجية الخضراء ضد حكام طهران المتهمين بتزوير الانتخابات وبفرض أساليب القمع والمحاكمات والسجن".
 
انتقادها لزواج المتعة في إيران
دعا وزير الداخلية الإيراني الأسبق بور محمدي إلى ظاهرة الزواج المؤقت "زواج المتعة" الذي يحدد فيه الزوجان الوقت وبمجرد انتهائه يكون الطلاق قد وقع، لمواجهة المشكلات الجنسية عند الشباب ولكن الأمر انعكس على قيام الشباب الإيرانيين من الفئات العمرية دون 15 عاماً بإقامة علاقات جنسية تحت هذه التسمية.
وواجه بور محمدي عدة انتقادات من ناشطات إيرانيات بعد تأييده لهذه الفكرة كسبيل لتلبية احتياجات الشباب التي تحظر ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج.
وقالت شادي صدر رغم أن زواج المتعة موجود في قوانين البلاد إلا أن الثقافة الإيرانية تعتبره أمراً غير لائق.
 
الجوائز التي حصلت عليها
حصلت على الجائزة الأولى للمهرجان الدولي السادس للصحافة في قسم "الأعمدة الخاصة"، وجائزة في قسم المقالات الاجتماعية.
حصلت على جائزة   Wells.  Ida Bفي عام 2004عن الشجاعة في الصحافة من وُمينز إي نيوز.
وفي عام 2009 حصلت على جائزة اسمها ليخ فاونسا لحقوق الإنسان في عام 2009.
وحصلت على جائزة هولندية لحقوق الإنسان وهي "تيوليب المدافعين عن حقوق الإنسان" في 9نوفمبر/تشرين الثاني 2009.
ولعمها المستمر في الدفاع عن قضية النساء الإيرانيات والمخاطرة بحريتها من أجل الدفاع عن أولئك الذي يسجنون
بطريقة غير مشروعة، حصلت في عام 2010 على جائزة ألكساندر للحقوق في جامعة سانتا كلارا.
حصلت شادي في عام 2010 على جائزة المرأة الدولية الشجاعة من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، لكنها لم تحضر وتسلمت الجائزة شيفا نزار أهاري.
تم اختيارها تكريماً لمعرض بورتريه الدولي الخامس لجامعة هارفارد لقانون المرأة في عام 2010.  
صُورت حياة شادي صدر في فليم وثائقي "نساء في الكفن" وتم عرضه في مهرجان حقوق الإنسان الدولي في جميع أنحاء العالم.