مي عاشور... انفراد في الأسلوب وحرص على كيان النص الأصلي

سفيرة للثقافة المصرية ترجمت عن اللغة الصينية عدة روايات وقصص ونصوص شعرية ونثرية، المترجمة مي عاشور انفردت بأسلوبها وحرصت على كيان النص الأصلي في المعنى والمحتوى والمضمون

مركز الأخبارـ .
 
ترجمت قصص وروايات ونصوص شعرية
مي حاتم عاشور مترجمة وكاتبة مصرية، عضوة ملتقى المترجمين والباحثين العرب في الشؤون الصينية، وسفيرة للثقافة المصرية، من مواليد عام 1987، تخرجت من جامعة القاهرة قسم اللغة الصينية وآدابها عام 2008، واتجهت فيما بعد لدراسة اللغة التركية لمدة أربع سنوات حتى أتقنتها.
تنحدر من عائلة متعلمة ومثقفة تقدس الأعمال الأدبية، سارت على خطى شقيقة والدها الكاتبة والناقدة الأدبية والأستاذة الجامعية الراحلة رضوى عاشور، ووالدتها كانت قد درست العديد من اللغات، كما أن جدها مصطفى عاشور أيضاً الذي عمل في مهنة المحاماة ذاع صيته في عالم الأدب، بينما جد والدها عبد الوهاب عزام كان واحداً من أهم المترجمين الذين عملوا على ترجمة الأعمال الأدبية الكبيرة.
كانت تتخيل نفسها وهي صغيرة أنها تعمل في الإذاعة، إلا أنها قررت فجأة دراسة اللغة الصينية وآدابها، لأن أكثر ما لفت نظرها في تلك البلاد كثرة عدد الكاتبات الصينيات وشهرة الكثيرات منهن. 
سافرت مي عاشور ذات الـ 33 عاماً لأول خارج مصر متوجهة إلى الصين عندما كانت في سنتها الجامعية الثالثة أي في عام 2007، لم تحصل على فرصة للدراسة في الصين، فاكتفت بالسفر إليها عدة مرات، وأطول فترة عاشتها هناك امتدت قرابة الشهر، كانت آخر زياراتها في آب/أغسطس 2019.
كانت بداية مسيرتها الأدبية في فنون الترجمة عام 2012، حيث ترجمت كتاب لعالمة النفس الصينية يانغ شيا "كيف تجعل أبناءك يحبون الدراسة؟"، وقد قدمت فيه رؤية وفلسفة صينية عن أسرار التفوق الدراسي، والطرق الدراسية التي توجه بها الأسرة أبناءها.
عكست روعة الشعر الصيني المتضمن الحكمة والفطنة حين ترجمت للشاعر الصيني وانغ قوه تشن مجموعته الشعرية "براعم الأمل"، كما جمعت مجموعة من القصص والنصوص الأدبية لعدد من الكتاب الصينيين المعاصرين ووضعتها تحت عنوان "أزهار البرقوق"، وضحت فيها لمن أراد التعرف على أسلوب وعناصر القصة المعاصرة في الصين. وترجمت للشاعرة التايوانية سان ماو "لو هناك حياة أخرى".
ترجمت للمفكر الصيني جو جوه بينغ نصوص أدبية "عصفور الزيبرا" في نهاية آب/أغسطس عام 2017، من مقتطفاتها "رائع حقّاً! أهداني صديق زوجين من طيور الزيبرا. وضعهما بداخل قفص بسيط من أعواد البامبو المضفرة، بداخل القفص كانت توجد أيضاً لفافة من العشب الجاف، التي كانت بمنزلة عش دافئ ومريح لهما. يقال إنه نوع من الطيور يهاب البشر".
عُرفت مي عاشور من خلال صفحات مجلة "الصين اليوم"، والتي ترجمت عن اللغة الصينية عدداً من القصص القصيرة والروايات والنصوص النثرية والأبيات الشعرية. ألقت قصيدة للشاعر أحمد شوقي بعنوان "النيل هو الكوثر" باللغة الصينية في معهد فنغ جي تساي للأدب والفنون بجامعة تيانجين.
وعلى الرغم من عدم إقامتها في الصين للتعرف عن قرب على ثقافاتهم وعاداتهم، إلا أن التعامل مع الكتاب والنصوص أوصلاها إلى درجة فهم خصوصية البلاد، لذا تحرص على تواصلها مع الأدباء والكتاب الذين تترجم لهم كتاباتهم، للتأكد من أن فهمها لبعض الأمور الثقافية صحيحة.
 
أسلوب منفرد ومتميز
تميزت مي عاشور عن باقي المترجمين بالأسلوب المنفرد والسعي الدؤوب للتواصل مع الكتاب والشعراء والعلماء شخصياً، كي تكون على احتكاك فعلي ومباشر معهم، والمترجم بنظرها يجب أن يكون شخصاً واسع الاطلاع على الكتب والواقع والبشرية، والاحتكاك المباشر معهم والتواصل ستقرب اللغة والواقع والفكرة. كما أن زياراتها المتعددة لبلد الصين والتعرف على طبيعتها ومناخها وأجواءها وسكانها حقق لها احتكاك مباشر مع المجتمع.
أجرت عدة مقابلات رسمية كي تكون على اتصال مباشر مع الكتاب، حيث ألتقت بالكاتبة والطبيبة النفسية الصينية بي شو مين، لتعمل على ترجمة قصة "من هو أهم شخص بالنسبة لك؟" و"انتبه للسعادة"، بالإضافة إلى مقابلتها مع الكاتبة شويه شياو تشان لترجمة رواية "تعيس بدون حب" ورواية "الوشم". 
ساهمت بقدرتها اللغوية والترجمة في إمداد الوسط الثقافي العربي بعشرات المقالات عن الثقافة الصينية بأهم الروايات والصور الأدبية المتعددة، التي عكست صورة المجتمع الثقافي الصيني للمجتمع الثقافي العربي.
وما شدها أكثر نحو الأدب الصيني كما تقول في إحدى اللقاءات "عندما كنت أتصفح شبكة الأنترنت وجدت نصاً قصيرا من الأدب الصيني، لمس هذا النص قلبي، كانت رواية "ذكرى الخريف" للكاتب تيه شنغ، عندما ترجمته وجدت فيه عمقاً، على الرغم من بساطته أيقنت أن هناك الكثير يستحق النقل والترجمة".
 
النص المترجم في نظرها
مي عاشور من مدرسة الترجمة التي تفضل سهولة رد النص لأصله والتطابق في المفردات بعد ترجمته، كانت تحرص على كيان النص الأصلي في المعنى والمحتوى والمضمون، إضافة إلى فهم دوافع الكاتب أو الكاتبة لكتابته، ومعرفة لمحات عن حياة الكاتب.
النص المترجم بالنسبة لمي عاشور لا يمكن ترجمته إلا بمنطق اللغة العربية، والترجمة الحرفية العمياء تخلق نصوصاً مشوّهة، والمترجم عندما لا يشعر بالنص الأصلي يفقد النص روحه، فتكون المفردات غير معبرة ولا يشعر بها القارئ كما يغفل عن تفاصيل عميقة. 
كانت على إطلاع على ترجمة العديد من الكتاب والمؤرخين من بينهم ترجمة الكاتبة ميشلين حبيب كتاب "نساء من الصين: قصص وأسرار".
 
من أعمالها التي ترجمت عن الأدب الصيني
ترجمت مي عاشور العديد من القصص والروايات والقصائد الشعرية والنثرية عن الأدب الصيني، ففي تشرين الأول/أكتوبر عام 2017، ترجمت رواية "خواطر المائة عام"، للكاتب الصيني يانغ جيانغ وفي تموز/يوليو عام 2018، ترجمت رواية "للصوت جدوى أبدية" للكاتبة بي شو مين، ورواية "لا استطيع منحك السعادة" للكاتب سان ماو. 
وترجمت للكاتبة الصينية جانغ شياو شيان التي برزت بنصوصها النثرية الرومانسية "يوما ما... سنة ما... مكان ما"، كما ترجمت للكاتب وانغ شياو بوه رواية "حبكِ كحب الحياة"، وللكاتبة لين خوي يين قصيدة نثرية "أتمنى".
بينما ترجمت عن الكاتبة التركية المعاصرة تزر أوزلو روايتها "ثلج"، وعن الرسام والشاعر التركي بدري رحمي أيوب أغلو أحد أشعاره "حصاة"، أما عن الشاعر التركي أوزدمير عساف ترجمت "أحوال الوحيد".