زلال هيفي مسيرة مكللة بالنضال من أجل حرية شعبها

بنضالها وحبها لأرضها ووطنها احتضنت المناضلة زلال هيفي الملقبة بفيدان فاتي، كل النساء في قلبها، توجهت نحو الشمس ومنحت قلبها لجبال كردستان، وأعطت روحها للثورة النسائية مثل كل امرأة تبحث عن حريتها.

حسناء محمد

الشهباء ـ ولدت المناضلة زلال هيفي عام 1973 في جبل الأكراد في عفرين من عائلة وطنية، كانت الأرض بالنسبة لها تاريخاً، وهي من النساء المناضلات والمقاومات اللواتي قدمن أرواحهن لوطنهن وكانت شاهدة على نضال ومقاومة شعبها.

كانت زلال هيفي صديقة كل النساء، أدركت الواقع الذي تعيش فيه كامرأة، وبعد إدراكها لهذه الحقيقة وهذا الواقع، انخرطت في التسعينيات في أنشطة ثورة حرية كردستان، والتي تُعرف باسم ثورة المرأة وبذلت جهود كبيرة في العمل المجتمعي. ومنذ تسعينيات القرن الماضي وحتى عام 1999، قامت بالكثير من الأعمال والأنشطة لفهم أفكار وفلسفة القائد عبد الله أوجلان التي تضمن حرية الشعب والمرأة. وأصبحت من خلال هذه الرحلة والمسيرة إحدى المناضلات من أجل شعبها وجميع النساء.

 

المؤامرة الدولية نقطة التحول

غادر القائد عبد الله أوجلان سوريا في 9 تشرين الأول/أكتوبر عام 1998 بمؤامرة دولية وتم القبض عليه على إثر مؤامرة دولية. وبقدر ما كانت هذه المؤامرة نقطة تحول لمصير الكرد وشعب كردستان، فقد أصبحت بالنسبة لزلال هيفي نقطة تحول في حياتها. بعد رؤيتها وفهمها للمؤامرة التي تحاك ضد شعبها والنساء بشخص القائد عبد الله أوجلان، توجهت إلى جبال كردستان لمحاسبة القوات المتآمرة.

 

 

ثورة المرأة

في عام 2012 ومع انطلاق ثورة المرأة في روج آفا، عادت زلال هيفي مرة أخرى إلى روج آفا. وشاركت في ثورة المرأة خاصةً بعد هجوم داعش على مدينة كوباني، وقفت مع المقاومين الذين كانوا يقولون "كوباني لن تسقط" بكل قوتها ودافعت عن أرضها، وخلال هذه السنوات من الثورة، كانت تناضل من أجل حرية شعبها. واحتلت مكانة كبيرة في قلب المجتمع بصدقها وبساطتها وارتباطها بقيم شعبها.

 

 

الجسر بين جبل الأكراد وجبل شنكال

لم تقبل زلال هيفي وحشية داعش ضد النساء والشعوب والمعتقدات. خاصة بعد الفرمان الذي نفذ من قبل داعش في الثالث من آب/أغسطس 2014 ضد الإيزيديين في شنكال كان ذلك الفرمان مؤلماً جداً بالنسبة لها. وفي عام 2016 ولكي تشعر بالألم الكامن في عيون كل طفل من الأطفال الإيزيدين ولتحتضن صرخة كل امرأة إيزيدية من أعماق قلبها، توجهت إلى جبال شنكال وناضلت من أجل تضميد جراح النساء والمجتمع الإيزيدي. عملت بشكل مستمر بين المجتمع الإيزيدي لمدة 7 سنوات دون توقف حتى أصبحت أملاً بالنسبة لهم أملاً بالحرية واحتلت مكانة في قلوب الجميع، كما أصبحت صديقة النساء وارتبطت بهم. بفلسفة وفكر القائد عبد الله أوجلان. وساهمت بشكل كبير في تأسيس حركة حرية المرأة الإيزيدية. من خلال تنظيم النساء، كما وحدت آلام شعبها في عفرين مع آلام المجتمع الإيزيدي وعملت جاهدة للتغلب على تلك الآلام. وأصبحت جسر الحقيقة بين جبل الأكراد وجبل شنكال.

 

ثائرة العصر

وبعد احتلال مدينتها عفرين وجبل الأكراد في عام 2022 عادت مرة أخرى إلى روج آفا. وتوجهت إلى الشهباء موطن الهجرة والمقاومة بعد أن أثقل قلبها رؤية أهالي عفرين في الخيام، لذلك جددت عهدها بمواصلة النضال ضد المحتل. وعملت ليلاً نهاراً، لتخفيف آلام قلوب النساء وتحرير عفرين.

وعلى طريق الثورة عرفت كيف تسير نحو الحرية دون توقف. والأهم من ذلك كله أنها عرفت ماذا يعني أن يكون المرء ابناً لأمة وقعت في براثن الإبادة الجماعية. عرفت حقوقها وحقوق جميع النساء حتى استطاعت كسر مخالب الإبادة الجماعية.

كان العدو يخاف منها ومن روحها وشغفها وشجاعتها، من ارتباطها بالنساء، والأرض، والأهم من ذلك كله من نضالها من أجل الحرية. وعلى الرغم من ذلك سارت على طريق الحرية، لم تخف ولم تتردد. لكن العدو لم يتراجع عن إظهار عداوته ووحشيته. حتى تم استهدافها مع اثنين من رفاقها في مدينة الشهباء حيث تهب رياح جبل الأكراد بطائرات مسيرة تابعة للدولة التركية في 9 تشرين الأول/أكتوبر وانضمت بذلك إلى قوافل الشهداء من أجل الحرية.

ووارى أهالي عفرين المهجرون الذين تأثروا بروح زلال هيفي جثمانها ورفاقها في مسيرة حاشدة في جبل الأكراد. وفي ذلك اليوم تحول الألم الذي تراكم على صدور النساء إلى صرخة غضب شديد وتدفقوا مثل طوفان كبير من العواطف، وودعوا رفيقتهم زلال هيفي ومن استشهد معها.

 

في قلب كل امرأة توجد زلال

تقول فاطمة داود "لقد كانت دائماً إلى جانب المرأة وتعمل دائماً من أجل مجتمعها، وقدمت فكر وأيديولوجية تحرير المرأة للمجتمع من خلال مناقشاتها مع النساء والمجتمع. كلامها لا يزال في ذاكرتنا، كان لخبر استشهادها أثر كبير علينا. لا يمكننا أن نصدق أنها رحلت عنا، فهي تعيش دائماً في قلوبنا. لقد كانت قريبة جداً من المجتمع وخاصة النساء. حاولت تقديم أفكار وفلسفة القائد عبد الله أوجلان لجميع النساء. لقد أحب الشعب زلال هيفي وظهر ذلك في مراسم دفنها كيف أن الآلاف من الأشخاص توجهوا إلى مكان المراسم بحماس كبير، سنسير على خط نضالها حتى نحرر أرضنا من المحتل".

من جانبها قالت روكن علو "كانت زلال هيفي تتمتع بروح وإرادة عظيمة، ووجودي في العمل كان بفضلها، عملت بجد وحاولت دعمي. لن أنسى أبداً العمل الشاق الذي قامت به، لم نشعر يوماً بأنها كانت قائدة لنا، لقد كانت صديقتنا. وإذا وجدنا صعوبات في العمل كنا نلجأ إليها. استشهادها لم يكن سهلاً بالنسبة لنا. سوف نسير في طريقها ونهتم بالقضية التي كانت تقودها"، مؤكدةً أنه "في شخص زلال هيفي نستذكر جميع القياديات اللواتي تم استهدافهن، ونؤكد أننا سنواصل عملها ونسير على خطاها حتى تحقيق حريتنا".