يمنى دحروج: هناك أطفال من الرحم وأطفال من القلب

هناك أطفال من الرحم وأطفال من القلب.. إيماناً بهذه العبارة أسست خبيرة العلاقات الأسرية المصرية يمنى دحروج مبادرة الاحتضان في مصر

نيرمين طارق
مصر ـ بعد احتضانها لطفلتها ليلى التي غيرت حياتها وزوجها من حياة بين فردين إلى أسرة سعيدة.
ما هو سبب تأسيسك لمبادرة الاحتضان في مصر؟
إيماني الشديد أن الطفل مكانهُ في البيت مع أسرة تمنحه الحب والحنان وليس في دار رعاية لا يجد فيها الرعاية التي يحتاجها، كان السبب في إطلاقي للمبادرة بعد ثلاث أيام من احتضاني لابنتي ليلى، وذلك في 27 كانون الأول/ديسمبر عام 2018، وقد رزقني الله بليلى بعد عشر سنوات من الحياة الزوجية بدون إنجاب وقررت كفالة ليلى لرغبتي في تكوين أسرة ووجود أحفاد على المدى البعيد.
ما هو التغيير الإيجابي الذى قامت به المبادرة؟
المبادرة كانت سبب في تقديم أكثر من 600 طلب كفالة أطفال فقد عملنا على زيادة الوعي. الأسر في معظم المجتمعات تعتقد أن كفالة الطفل تعني التبني وتغيير النسب وهو ما لا يحدث عندما تقوم الأسرة باختيار طفلها من دور الرعاية، كما نقوم بالتوعية عن الرضاعة فيمكن للأم أن تقوم برضاعة طفلها، وساعدنا على إرضاع أكثر من 70 طفل من خلال مبادرة الإرضاع بالتعاون مع أطباء أطفال متخصصين في الرضاعة الطبيعية حتى يصبح وجود الطفل في المنزل بشكل شرعي وفقاً للشريعة الإسلامية.
كيف تقوم المبادرة بمساعدة الأسر المحتضنة؟
نقدم ورش عمل لكل أب وأم اتخذوا قرار الكفالة فالأسرة المحتضنة تحتاج لدعم نفسي لأنهم يتعرضون لإحباط شديد من المحيطين بهم، بسبب افتقاد مجتمعنا لثقافة الكفالة، كما نعلمهم كيفية التعامل مع الطفل منذ لحظة تواجده داخل الأسرة وكيفية إعداده  نفسياً ليتقبل حقيقة كونه طفل من القلب وليس من الرحم، فيجب التمهيد للطفل بحقيقة كونه طفل من القلب عندما يتم الثلاث سنوات كما ندعم كل سيدة انفصلت بسبب تأخر الإنجاب وترغب في احتضان طفل وكل فتاة لم تتزوج وتخطت سن الحمل وترغب في وجود طفل في حياتها، وبحكم عملي كخبيرة علاقات أسرية أساعد الأسر وامنحهم معلومات تؤهلهم لحياة أسرية سعيدة بعد وجود طفل فيها.
ما الذى يدفع بعض الأسر للتخلي عن الطفل بعد كفالته لسنوات؟
غالبية حالات التخلي كانت بسبب أن الطفل عرف حقيقة كونه ليس طفل من الرحم في مرحلة المراهقة، وهي ليست مرحلة عمرية مناسبة ليدرك فيها الحقيقة فتصبح المعلومة بمثابة صدمة تجعله يتصرف تصرفات غير مقبولة وتتحول لحمل على الأسرة، كما يحدث التخلي بسبب انفصال الزوجين أو وفاة أحدهم في بعض الأحيان، لذلك فنحن نعمل على توعية الأسر من خلال ورش العمل والتأكيد على أن الكفالة مسؤولية وليس قرار سهل  والطفل لن يظل ذلك الصغير الذى يلعب ويبتسم بل مع مرور الوقت قد يمر بمراحل نفسية صعبة لابد أن تستعد لها الأسرة.
ما هي الخطوات التي تتخذ حتى نضمن للطفل حياة سوية مع أسرته الجديدة؟
تقوم إحدى الأخصائيات بزيارة الأسر كل ثلاث شهور، فوزارة التضامن الاجتماعي ترسل الأخصائية للتأكد من سلامة الطفل النفسية مع أسرته الجديدة وبالنسبة للأسر التي اصطحبت أطفالها خارج مصر مثل ما فعلت بحكم عملي في الإمارات إحدى دول الخليج، فالسفارة المصرية تتواصل معنا للاطمئنان على ليلى، كما أن قبل الموافقة على الكفالة من قبل الدولة يتم عمل بحث اجتماعي وجنائي للتأكد من كون الأسرة صالحة لكفالة طفل، فقوانين الكفالة في مصر حالياً تسهل الكفالة ولكن مع وجود ضمانات لحماية الطفل، فالقانون لا يسمح بكفالة أطفال عمرهم أقل من ثلاث شهور على أمل أن يظهر أحد الأبوين الحقيقيين للطفل أو كلاهما إذا كان الطفل مخطوفاً، ولا يسمح بالكفالة لأسرة واحد من أفرادها سبق الحكم عليه بالسجن، كما يتم التأكد من أن الأسرة لها دخل ثابت ومستقر حتى تضمن الدولة حياة كريمة للطفل بعد خروجه من دار الرعاية.
كيف يمكن تغيير ثقافة المجتمع الذى لا يتقبل فكرة كفالة الأطفال داخل الأسرة؟
تغيير الثقافة سيحدث من خلال زيادة الوعي وخاصة عند ظهور النماذج الإيجابية للأسر التي تكفلت أطفال وأصبح أبنائهم نماذج مشرفة في المجتمع بالإضافة إلى تغيير بعض المفاهيم فالكفالة مشروعة وشجع عليها الإسلام، ولكن التبني محرم شرعاً في المجتمعات الإسلامية، يظن الناس أن كفالة طفل من دار رعاية تعني التبني وتغيير نسبه وهو ما لا يحدث، ولكن فقط مسموح للطفل بحمل اسم الأب فقط دون اسم الجد حتى يشعر بالانتماء لأبيه الذى يعيش معه ونعمل على زيادة الوعي في المجتمع من خلال التواصل مع مبادرة أمهات حاضنات في الكويت وأمهات حاضنات في البحرين، كما أقوم بالتواصل مع بعض الأمهات الحاضنات في الإمارات بحكم عملي فيها.
كيف اختلفت حياتك بعد وجود ليلي فيها؟
أصبحنا أسرة وليس فردين فليلى هي التي جعلتنا نشعر بالعيد عندما نذهب لشراء الملابس الجديدة لها، وهي ابنتي التي لمست قلبي من أول لحظة، كما أن وجود ليلى معنا جعلني اكثر اهتماما بالأطفال في دور الأيتام وأشعر بالحنان والرحمة ورأفة.
ما هو الحلم الذى تسعين لتحقيقه؟
أسعى لدور رعاية خالية من الأطفال واسعى لوجود الأطفال مع أسر ترعاهم وتحضنهم ولا تتخلى عنهم مع مرور الوقت فالاحتضان ليس فقط في صالح الطفل الذى وجد أسرته بل في صالح الأطفال الموجودين في الدار، فكثرة أعداد الأطفال في الدار تقلل من فرص رعايتهم بشكل أفضل.