توجهت إلى قرية المرأة كضيفة لتصبح اليوم الإدارية... قصة أم نازحة

بإرادتها وتطويرها لذاتها، استطاعت ياسمين أحمد أن تقوي شخصيتها وأن تتجاوز الصعوبات.

شيرين محمد

قامشلو ـ تعيش نساء قرية المرأة (jinwar) كعائلة واحدة تعملن بشكل يومي على تطوير أنفسهن للوقوف أمام جميع الصعوبات التي تمنعهن من الوصول إلى حريتهن لتثبتن للعالم بأكمله أن المرأة القوية بإمكانها بناء مجتمع متطور.

ياسمين أحمد من مدينة عفرين المحتلة، كانت تقطن في حلب، ونزحت إلى مدينة قامشلو بعد انفصالها عن زوجها، ومنذ ما يقارب الـ 4 سنوات وتعيش في قرية المرأة (jinwar)، وكانت تفكر بأن تسافر خارج البلد، ولكنها قررت التوجه والتعرف على قرية المرأة، بعد أن سمعت بها.

بعد ذهابها إلى القرية، تعرفت على نظام القرية والنساء وقررت البقاء هناك، لتشارك قرارها مع عائلتها، ففي البداية لم تتقبل عائلتها هذا القرار، لتثبت لهم ياسمين أحمد أن الإرادة القوية تصنع نساء أقوياء تستطعن أن تواجهن مصاعب الحياة لوحدهن، وبعد أن عاشت مع نساء القرية واعتادت على كل شيء أدركت بأن قرية المرأة هي المكان الذي لطالما كانت تحلم أن تعيش فيه.

وأضافت "قرية المرأة صنعت مني شخصية قوية قادرة على تخطي جميع الصعوبات التي كانت تقف أمام تطوير ذاتي. التدريب والقراءة اليومية والاعتماد على الذات أساس التطور، والإرادة القوية أيضاً تلعب دور مهم في بناء الشخصية، فالتفاصيل التي كنا نعيشها بشكل يومي صنعت منا نساء صاحبات إرادة للتغلب على صعوبات الحياة".

ولفتت إلى أنها لم تدرك أمور الزراعة من قبل ولكن في القرية استطاعت أن ترتبط بالأرض وتتعلم كيفية الزراعة وأهميتها، فجميع نساء القرية تزرعن وتحصدن معاً كل موسم، وإلى جانب الزراعة تعلمت الكثير من الأمور التي تمكنت من خلالها التأقلم مع القرية ونظام العيش فيها.

وبينت ياسمين أحمد أنه "استطعت أن أكسر حاجز الخوف بداخلي، دائماً أتذكر أول يوم لي في القرية وأقوم بمقارنة شخصيتي القديمة مع الجديدة، فأنا الآن أدير القرية لوحدي ونعيش حياة تشاركية"، مضيفةً "مع التطور الذي طرأ على شخصيتي لا زلت أرى بأنني أستطيع أن أطور نفسي أكثر وأن هذا الكم من التطور لا يكفيني".

وأشارت إلى أنه "عند مجيء أي امرأة جديدة إلى القرية أتذكر أول يوم لي وأقوم بالعمل على تقوية شخصيتها من كافة النواحي. نحن النساء فقط نستطيع أن ندعم بعضنا البعض لأننا نتفهم المواقف التي نمر بها".

وتعيش طفلة ياسمين أحمد معها في القرية، فهي تبلغ من العمر 13 عاماً، وتعمل بشكل مستمر على توعيتها وتدريبها لتكون قوية منذ طفولتها، فدعمها لطفلتها جعلها تكمل دراستها وتمارس مواهبها من رسم وموسيقى، فهي عملت بشكل مستمر لخلق حياة مسالمة لطفلتها وجعلتها تندمج مع أطفال القرية لتعيش حياة جميلة بعيدة عن الصعوبات التي تواجه كل طفل بعد انفصال والديه.

وعن حياة القرية، قالت ياسمين أحمد "هذه الحياة تجعلني أعيش براحة وسعادة، تعيدنا للحياة القديمة التشاركية والتعاونية، ففي الكثير من الأوقات نقوم بإعداد الطعام والخبز معاً فهذه التفاصيل تزرع بداخلنا حياة أخرى. المنازل في القرية تعطي منظراً خلاب لها. نعيش حياة طبيعية بعيدة عن التكنولوجيا والمنازل الحديثة فنحن النساء نعمل على صناعة الأشغال اليدوية والزيوت الطبيعية، كما نعود للمعالجة بالأعشاب الطبية البديلة للأدوية الكيماوية، فبالرغم من أن فترة المعالجة تتأخر ولكنها تعطي مفعول كبير للمرضى".

وعن رأي عائلتها ببقائها في القرية، قالت "عائلتي لم تتقبل الأمر في البداية، ولكن بعد أن تمكنت من تطوير نفسي، واستطعت أن اعتمد على ذاتي، تغيرت وجهة نظر عائلتي وأصبحوا من أكبر الداعمين لي".

وفي ختام حديثها، قالت ياسمين أحمد إنه يجب على جميع النساء اللواتي يصعب عليهن تخطي التحديات التي تواجههن في حياتهن، التوجه إلى قرية المرأة لبناء شخصية قوية وتطوير الذات بشكل مستمر.