سوء معاملة الطفل وسبل الحل

يعتبر الأطفال والنساء من أكثر الفئات تعرضاً للعنف من قبل المجتمع وإن كانت المرأة تعرف حقوقها وتستطيع الدفاع عن نفسها إلا أن الطفل لا حول له ولا قوة لا يعي حقوقه ولا يستطيع الدفاع عن نفسه

مركز الأخبار ـ .
لا يمكن للأطفال معرفة حقوقهم أو الدفاع عن أنفسهم حال تعرضوا للأذى أو العنف من قبل أحد أفراد الأسرة أو من المجتمع لذلك وضعت عدة اتفاقيات لمحاولة حمايتهم ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989، لكن تبقى التوعية من أهم الحلول.
وهناك أشكال عديدة تندرج في سياق سوء معاملة الطفل وقد عرفتها الاتفاقية الآنفة الذكر بأنها "كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية".
"التعنيف الجسدي"
من الاعتداءات البدنية أو الجسدية الممارسة على الأطفال الضرب والحرق والصدمات واللدغ والتسميم، وهي ظاهرية يتم الكشف عنها بسهولة لكنها تترك آثار على نفسية الطفل على المدى الطويل. 
وللأسف فإن أكثر المسيئين للأطفال هم أفراد الأسرة وهناك حالات كثيرة وصل فيها التعنيف والإساءة حد فقدان الطفل لحياته وهنا نذكر الطفلة المصرية جنة على سبيل التذكير وليس الحصر التي راحت ضحية تعنيف وتعذيب على يدي جدتها.
وينتشر الضرب كثيراَ في الأسر ويتولاها الأم أو الأب ويعدونها طريقة ناجعة للتربية، كما يلجأ بعض المعلمين في المدارس لاستخدام هذه الطريقة فعلى الرغم من إصدار العديد من القوانين التي تمنع الضرب في المدارس إلا أنها ما تزال منتشرة.
ويسبب العنف الجسدي الخوف والرهاب عند الأطفال وهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية بعيدة المدى مثل السادية وحب إيذاء الآخرين أو الماسوشية "المازوخية" على عكس السادية وهي حب الذل والإهانة وكلاهما يؤثران على الأسرة التي يكونها الطفل في المستقبل.
"التعنيف النفسي"
يشمل التعنيف النفسي كل أشكال التخويف أو التهديد ومختلف الممارسات التي لا تصل حد الضرب وتندرج جميعها في خانة الترهيب وهو نوع منتشر بشكل كبير.
"العنف الجنسي"
يتعرض عدد ليس بقليل من الأطفال للاعتداءات الجنسية والتي تبدأ من الملامسة حتى التحرش والاغتصاب، ويعد التحرش جريمة مجتمعية لذلك يصمت الأهل عن تعرض اطفالهم للتحرش وكذلك يفعل الأطفال كون الأمر بمجمله معيب ولا يجوز الحديث عنه.
ويتم استغلال الأطفال كونهم لا يفهمون ما يحدث لهم لكن مثل هذه الأفعال تترك بصمتها في حياتهم المستقبلية وقد كسر عدد من المشاهير في الآونة الأخيرة الصمت حول التحرش بالأطفال وتحدثوا بشكل صريح عن تجاربهم الشخصية في سن الطفولة. 
وكما أسلفنا فإن الاعتداءات الجنسية تتناول جميع الممارسات التي تخدش الحياء من اللمس وعرض المواد الإباحية حتى الاستغلال الجنسي بغرض الربح والتحرش والاغتصاب. 
ويعد تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات من أكثر الاعتداءات الجنسية المبررة، وتتعرض له نسبة شبه كاملة من الفتيات في الدول الإفريقية، ولتجذره في طبيعة المجتمعات هناك لا يزال ختان الإناث منتشراً حتى الآن رغم جميع الحملات التوعوية والعقوبات المفروضة على مرتكبيه. 
"الإهمال"
تُلقي المشاكل العائلية وجهل الوالدين بظلالها على الأطفال حيث لا يلقى معظم الأطفال رعاية خاصة ويعانون من الإهمال ورفض إعطاءهم حاجاتهم الأساسية، ويصل أحياناَ حد هجر أحد الوالدين لهم.
وللإهمال آثار سلبية ترفق الطفل تتمثل في عدم قدرته على التفاعل مع من حوله من الأطفال، كما أن الاستمرارية في رفض إعطاء الطفل حاجاته الأساسية يعد إهمال مزمن.
كل الممارسات السابقة تلحق ضرر كبير بالأطفال فقد يتعرض الطفل الذي يشهد عنف عائلي لتدمير مستقبله مثل الصعوبات السلوكية والعاطفية، والمشاكل الإنمائية الطويلة الأجل، وتأخر اللغة، إضافة للسلوك العدواني والأرق والقلق والاكتئاب، كما ويعاني الأطفال تحت سن المدرسة من التبول اللاإرادي وتأخر النطق بسبب الخوف والترهيب.
وعند التحاق الأطفال بين سن 6 و12 عاماً بالمدرسة يعانون من ضعف التعلم واضطراب في المهارات الاجتماعية ما ينتج عنها إهمال في الواجبات المدرسية وتراجع في المستوى التعليمي.
وعندما يصبح الأطفال أكثر وعياً بمشكلتهم هذه تقريباً من عمر الـ 12 عاماً وأكثر يلجؤون إلى التدخين والكحول والمخدرات.
لكن يمكن التغلب على الآثار السلبية لسوء معاملة الطفل من خلال تقديم الدعم الاجتماعي، كذلك يمكن للبيئة العائلية الداعمة والعلاقات الاجتماعية أن تعزز من ثقة الطفل بنفسه، وإحساسه بقيمة ذاته.
ويمكن اتخاذ خطوات بسيطة لحماية الطفل من الاستغلال وإساءة المعاملة بتوفير علاقات تنشئة آمنة مستقرة لهم، والإشراف على رعايتهم ضمن الأسرة والوسط الخارجي.
قد تختفي العلامات والأعراض المحددة اعتماداً على نوع الإساءة، لكن الاستمرار بالإساءة يجعل من غير الممكن التغلب عليها والسيطرة على ردة فعل الطفل تجاه نفسه وتجاه المجتمع.
ما الذي يجب فعله لمنع سوء معاملة الأطفال واستغلالهم؟
يمكن حماية الأطفال من سوء المعاملة والاستغلال. لكن لا يمكن للعقوبة وحدها أن تكون الحل. بالطبع هناك الكثير من الأشياء التي يتعين القيام بها. إذاً ما الذي يجب فعله لمنع الاستغلال وسوء المعاملة وحماية الأطفال؟ 
نقطةً بنقطة الأشياء التي يجب القيام بها لحماية الأطفال من سوء المعاملة هي على النحو التالي:
ـ عدم التمييز بين الأطفال، وحماية حقهم في الحياة بالإضافة إلى حق المشاركة، وفيما يخص إهمال الأطفال وعدم الاهتمام بهم يجب إنشاء سياسة وإعداد قانون فعال للحماية. 
ـ يجب إنشاء نظام تنبيه وإنذار مبكر قبل مواجهة الخطر والقضاء عليه وتجنبه
ـ في حالات الإهمال وسوء المعاملة يجب إجراء تحقيقات فعالة.
ـ يجب إنشاء آليات للتنبيه والإبلاغ في المدن والأحياء.
ـ يجب إنشاء خطوط إبلاغ ساخنة لتلقي الشكاوى تكون سهلة الاستخدام للأطفال. 
ـ يجب إيجاد طرق وحلول لحماية الصحة النفسية والجسدية للأطفال. 
ـ التنبه حول ما يحدث في الحياة، إنشاء أرشيفات كما يجب إنشاء خطوط للتبليغ ولتبادل المعلومات بين المؤسسات. 
ـ يجب الاستعجال في إدارة مراكز مراقبة الأطفال وإنشائها في كافة المحافظات لضمان عدم تعرض الأطفال لصدمات أكثر وتحسين ظروفهم.
ـ تطوير عوائل ضحايا سوء المعاملة في مجال العمل الجماعي والنموذجي. وفي موضوع القضايا والمحاكمات ومجال تعيين المحامين من الضروري التماس الدعم من المنظمات ومراكز حقوق الأطفال. 
ـ بخصوص التخطيط لإنهاء وإجهاض الحمل نتيجة الاعتداء الجنسي في المؤسسة الصحية والأسرية؛ يجب بناء أساس بين المؤسسات الأخرى والمؤسسات الصحية.  
ـ يجب أن تقوم مكونات "القيادة المعنوية" أولاً بمنع وقطع الطريق على الأشياء غير العلمية التي تتعارض مع مصالح الأطفال.
ـ التخطيط للعمل من أجل تمكين وتقوية النساء والأطفال على وجه الخصوص. 
ـ يجب على المنظمات المهنية ومنظمات الجماعات الديمقراطية تطوير القدرة على الحماية والدعم. 
ـ الإبلاغ وإيصال معلومات عن سوء معاملة الأطفال عبر وسائل الإعلام وإيصال رسائل من شأنها تمكين وتقوية الأطفال.
ـ إجراء التعديلات وتنظيم الأحكام حول عدم الاستقرار والفوضى في معايير العمر الخاصة بالأطفال في النظام الداخلي بموجب اتفاقيات دولية.
ـ خطوة بخطوة زيادة سن التحرش في القانون من 12 إلى 15 سنة، ويجب أن يكون الحد الأدنى ثلاث سنوات والعمل بهذا الشكل وهذه الخطوات فيما يخص هذا الموضوع.  
ـ من أجل حماية الأطفال والقضاء على الإيذاء الثانوي، يجب إنشاء محاكم وفاق لمناصرة الأطفال وفصلها عن محاكم الكبار.