ناشطة نسوية تعمل على تغيير واقع النساء في المناطق المهمشة

منذ أن كانت في العشرينيات من عمرها بدأت سهيلة أبو عمرة نشاطها التطوعي النسوي، محاربةً السلطة الذكورية الأبوية وعادات القبيلة لتغير واقع مثيلاتها في المناطق المهمشة.

رفيف اسليم

غزة ـ تعمل الناشطة النسوية سهيلة أبو عمرة، على دعم الفتيات في المناطق المهمشة في قطاع غزة، للحصول على حقوقهن في كافة المجالات أبرزها التعليم والعمل.

"أم الجميع" هكذا تصف نساء منطقة خربة العدس شرقي مدينة رفح جنوب قطاع غزة، الناشطة النسوية سهيلة أبو عمرة التي تجاوزت الخمسين من عمرها، وتعمل منذ 16 عاماً بشكلٍ تطوعي كمديرة جمعية تنمية المرأة الريفية، في منطقةٍ نائية بعيدةٍ عن كل الخدمات تدعى "خربة العدس"، المنطقة المهمشة تفتقر النساء داخلها لأبسط مقومات الحياة وتعيش غالبية العائلات على محصول الأرض ورعي الأغنام.

بدأت نشاطها التطوعي النسوي منذ أن كانت في العشرينيات من عمرها لتستمر حتى اليوم، محاربةً السلطة الذكورية الأبوية، وعادات القبيلة التي لم يروق لها رؤية ابنتهم تعمل في مؤسسات المجتمع المدني كمتطوعة لتغير واقع مثيلاتها في منطقتها المهمشة.

وتقول سهيلة أبو عمرة أنها لم تكن ترى نفسها كبقية بنات جيلها من القبيلة سواء كراعية أغنام أو كمزارعة، لذلك أكملت تعليمها الثانوي، لكن إرادتها لم تسعفها للذهاب إلى الجامعة كون الدراسة كانت جريمة في تلك الفترة الزمنية، مقررةً البحث عن فكرة انطلاق جديدة لها تخدم المجتمع، لافتةً إلى أنها عملت كمزارعة في أرض تمتلكها عائلتها برفقة إخوتها واكتسبت تجربة ثلاثة قطاعات وهي الزراعة، والتطريز، والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني، وهذا ربما جعلها أكثر قرباً من الأهالي.

وأوضحت أنها أصبحت أكثر نشاطاً وحضوراً في مؤسسات المجتمع المدني، خاصةً مع حضورها للكثير من الدورات التدريبية المتخصصة، التي أكسبتها المزيد من المهارات والتجربة، فأصبح الجميع في رفح يعرفها بالناشطة سهيلة أبو عمرة.

وبالعودة لاستكمال قصة بداية تطوعها، فقد ذهبت سهيلة أبو عمرة في ذات مرة لزيارة مؤسسة تنمية المرأة الريفية التي هي مديرتها اليوم وعضوة مجلس إدارة على مستوى فلسطين في كلاً من الضفة الغربية وقطاع غزة، فوجدت أن ميول تلك الجمعية وأفكارها يناسبها، مقررةً أن تتطوع بها يومان فقط في الأسبوع.

وكانت أم سهيلة أبو عمرة هي منارتها والداعم الأول لها، كما أوضحت، "لقد أقنعت والدتي أشقائي أن أذهب للتطوع بالمؤسسة، ولكن الأمر استغرق أيام طوال ومناقشات عديدة بعضها كانت نتائجها لا تحمد عقباها لكنهم قبلوا وأعطوني حرية مكبلة بشروط عديدة قد وضعوها لي".

وأشارت إلى أن المرأة في ذلك الوقت إن أرادت الخروج من المنزل للضرورة القصوى أي حتى للمشفى يرافقها أحد رجال العائلة، وإلا تبرح مكانها لا تتحرك، لافتةً إلى أنها بعد فترة وجيزة أصبحت تعمل كمتطوعة بالمؤسسة ثلاثة أيام ثم أربعة وبعد عام من ذلك بدأت بالعمل في الجمعية بشكل يومي.

لم تخرج سهيلة أبو عمرة من المنزل لأجلها فقط بل من أجل جميع النساء اللواتي تحلمن برؤية النور، فبدأت فور انتخابها بمجلس الإدارة كعضوة، خطوات مدروسة لتغيير واقع النساء والفتيات في منطقة خربة العدس كما أوضحت، مرسخةً فكرة أهمية تعليم الفتيات من خلال عدة حملات للضغط والمناصرة ليس فقط الثانوي بل الجامعي وهذا ما أثمر عنه تخريج نخبة من الفتيات المبدعات في مجالات مختلفة.

وتمقت إجبار الفتيات على سلك أي طريق رغماً عنهن، فبدأت بمجموعة محاضرات مكثفة للفتيات في الجمعية لديها حتى يعرفن حقوقهن جيداً وتستطعن الدفاع عن حلمهن أي كان مع تنفيذه، وهذا ما أغضب رجال القرية، مشيرةً إلى أن ثلاثون عاماً من العمل المستمر كانت كفيلة بتغير أفكار الرجال ليصبحوا اليوم يرسلون فتياتهن ليتطوعن لديها، مطالبين أن تجد لهن فرص عمل وهذا ما تقوم به حيث تهيأ كل ثلاثة شهور عشرات الفتيات للعمل على بند البطالة مكتسبات الخبرة التي تؤهلهن للعمل في مؤسسات المجتمع المختلفة.

وكان لها دور بارز في دعم النساء والفتيات خاصة تلك المعيلات لأسرهن، فافتتحت مشاريع الخياطة والتطوير الزراعي، لكن الحصول على المشاريع لم يكن سهلاً في ظل المنافسة القوية مع المؤسسات في المناطق القريبة، وكان عليه النجاح على هذا الصعيد أيضاً.

ولفتت إلى أن المنطقة تحتاج لمشاريع تربية الدواجن والأغنام، ومشاريع الإنتاج الحيواني عموماً، إضافةً إلى مشاريع للطاقة الشمسية والزراعية المختلفة، وهذا ما عملت عليه بالإضافة إلى تنفيذ جلسات التوعية حول الكثير من المواضيع، سواء تلك المتعلقة بحقوق النساء، أو التثقيف الصحي، مما غير وجهة نظر النساء حول الكثير من الموضوعات المطروحة.