صحفيات لبنانيات تتحدين ظروف الحرب بمتابعة العمل والتغطية الميدانية

يدفع الصحفيين/ات ثمناً باهظاً لتغطية الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة والتي سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم.

فاديا جمعة

بيروت ـ منذ حرب لبنان في عام 2006 شهدت الصحفيات نقطة تحول في حياتهن المهنية، حيث تمكن من تغطية الحرب من الصفوف الأمامية مع زملائهم الرجال، واليوم مع استمرار الحرب التي تشهدها مناطق الجنوب، بات واضحاً تزايد عدد الصحفيات الميدانيات اللواتي تتحلين بالشجاعة والثبات لنقل الخبر والصورة من ميدان المعركة.

لطالما استحقت هذه الشجاعة التي تجعل العالم على دراية بكل الأحداث كامل التقدير، فكيف إذا كانت الحرب مع من قرر بممارساته عدم احترام الالتزامات الدولية الإنسانية ووضع الإعلاميين ووسائل الإعلام على أنهم أهداف عسكرية عقب استهداف واضح لمواكب صحفية أفقدت صحفيين/ات حياتهم وعرضت آخرين منهم لإصابات وبالتالي لخطر الموت؟

هذا الواقع فرض تحديات وتهديدات إضافية على الصحفيات، فمحاولات إسكاتهن بقتلهن يمس بالدرجة الأولى حرية الإعلام وحقوق الإنسان والديمقراطية والمشاركة العامة إلا أنه من اللافت اليوم ثباتهن بمتابعة مهامهن الصحفية ويعود ذلك بحسب ما ذكرن إلى أهمية العمل الذي تقمن به وانتماءهن إلى هذا البلد وهذه القضية.

 

خبرة طويلة

آمال خليل كاتبة ومراسلة ميدانية لجنوب لبنان، راكمت خبرة طويلة في التغطيات الميدانية وكتابة المقالات ابتداء من الهجمات الإسرائيلية على لبنان في عام 2006 وفي مرحلة إعادة الإعمار، وصولاً إلى الحرب المستمرة اليوم في الجنوب اللبناني، هذه الخبرة اقترنت بإلمامها بتفاصيل المنطقة جغرافياً وتوجت بعلاقات وطيدة مع اللبنانيين في مختلف المناطق الجنوبية.

وأوضحت أنها على تماس مع قضية لبنان الوطنية وأنه من هذا المنطلق ومن الطبيعي جداً وجودها في التغطيات الميدانية للحرب رغم الخطر اليومي الذي يتعرض له الجسم الصحفي خلال تنقلاته.

وأكدت "لم أفكر ولو لمرة واحدة بالتراجع أو التوقف عن عملي رغم أن هذه الحرب المستمرة منذ ثلاثة أشهر بالنسبة لي هي أصعب بكثير من حرب تموز 2006 فحجم الدمار وأعداد المدنيين الذين قتلوا في حرب 2006  كان أكبر بكثير إلا أن ما يعيشه جنوب لبنان هو أخطر على قاعدة أنه لا حرب ولا سلم فلا أحد يستطيع توقع المناطق التي يمكن أن تستهدفها إسرائيل ولا التوقيت، فجميع الطرقات على نحو تدريجي أصبحت خطوط تماس، لا سقف للعمليات العسكرية فيها، وهذا تأكد من خلال المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين في سيارة عيناتا واستهداف وقتل الصحفيين في أكثر من موقع".

ولفتت إلى أنه منذ اليوم من انتهاء الهدنة حجم الغارات والدمار الناتج عنها أصبح أكبر "كنت وزملائي في تغطية مباشرة لمراسم تشييع أحد القتلى في بلدة عيتا الشعب حيث قام العدو بشن غارة على مكان ملاصق لتجمع الأهالي وهذا يعتبر رسالة واضحة لأهالي البلدة لتذكيرهم بأنهم تحت مرمى النيران، لكن ذلك لم يثنيني عن متابعة عملي تماماً كما حصل في 13 تشرين الثاني الماضي حيث قام العدو باستهداف الإعلام بتوجيهه صاروخين على موكب إعلامي كنت من عداده وضم مراسلين ومصورين من وكالات أنباء محلية وعربية ودولية في بلدة "يارون" وكان واضحاً بالنسبة له من خلال سيارات البث المباشر أننا لسنا بعسكريين إلا أنه تقصد استهدافنا من أجل ترويعنا واخافتنا لمنعنا من تغطية جرائمه".

 

إصرار على المتابعة

وأكدت "من واجبي أن اتابع عملي رغم جميع المخاطر فبعض الزملاء يتسابقون لتغطية حروب وأحداث أمنية وكوارث طبيعية خارج لبنان لما تقدمه من إضافة إلى سجلهم العملي وهذا ما اعتبره ازدواجية في المعايير فالحرب على أرضي تستحق أن أوليها الاهتمام الأكبر لأنها قضيتي".

وقالت "وجودي في الصفوف الأمامية لتغطية الحرب لا يعني أنني أتعمد تعريض نفسي للخطر فأنا التزم معايير السلامة والتعليمات من المسؤولين الأمنيين على الأرض ولا تعتبر المخاطرة بأرواحنا من خلال مخالفة التعليمات بطولياً فالمهنية والاحترافية تحتم علي أن ابقى آمنة وسالمة لكي استمر بتأدية واجبي ونقل الخبر الصحيح".

 

 

حذر وترقب

رولا فرحات صحفية لبنانية تعمل مع التلفزيون الألماني في لبنان وهي أيضا مدربة على صحافة الموبايل وإنتاج المواد الإعلامية شاركت بالتغطيات لهذه الحرب كمعدة لتقارير عن الاحداث الأخيرة وقد استلزم الأمر جولات عدة في المناطق التي تتعرض للقصف، وحول ذلك قالت "لم يكن في البداية حجم الخوف كبيراً كنت حذرة ولكن مع تصاعد وتيرة العنف واستشهاد زميلنا المصور في وكالة رويتر عصام عبد الله بغارة إسرائيلية بدأ حجم الخوف يتزايد وتصاعد مع استمرار استهدافنا كصحفيين".

 

حوافز الصمود

وأوضحت "لأنني أم لطفل صغير هذا يجعلني أكثر حرصاً على حياتي خاصة أنه أصبح واضحاً أنه لا سقف للاعتداءات اليومية ولا فرق بين مدني أو صحفي أو عسكري، فبعد الاستهدافات المتكررة أصبحنا كصحفيين فئة مستهدفة ولا يشفع لنا درع أو خوذة أو شعار الصحافة وهنا لاقينا تعاطف كبير ودعم من الصامدين في قراهم، كنا نتبع إرشادات السلامة وتوجيهات المسؤولين الأمنيين حفاظاً على سلامتنا وكنا ننجز أعمالنا سريعاً لكي لا نبقى لوقت طويل في مكان واحد إلا أن صمود الأهالي في القرى والحالة المزرية التي يعيشها النازحون أعطونا حافز كبيراً للاستمرار في عملنا فضلاً عن واجبي الوطني وانتمائي لهذه الأرض".

وأكدت على أنها ستتابع عملها ضمن شروط وإجراءات السلامة "الحدث بأهميته يستحق أن أتابع وأظهر الحقائق فنحن اليوم نقوم بدورنا فضلاً أننا مع الأيام سنصبح شهوداً نروي ما وثقناه من أحداث كما هي".