رغم التحديات "سعاد علوي" أخذت على عاتقها التوعية من خطر المخدرات

يشهد اليمن صراعات متقلبة وحروب متعددة جعلت البلاد مرتعاً لتجار المخدرات

نور سريب 
اليمن ـ وخاصة مدينة عدن التي تمتلك طابعاً خاصاً ومكانةً مختلفة، فبالرغم من كل تلك التحديات أخذت سعاد علوي على عاتقها التوعية من خطر المخدرات وأنشأت "مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات".  
ازداد عدد المسرحين من العمل بعد الحرب الأهلية عام 1994 ما أدى إلى ارتفاع نسب البطالة في البلاد، وجعل الفراغ يتمكن من حياة الشباب بدرجة رئيسية، ونشطت حينها تجارة المخدرات فوجدت الفئة الشابة في مضغ "القات والتمبل" طريقة لتمضية أوقاتهم. 
مع ظهور حالات عدة تعاني من الإدمان على المخدرات، أدركت رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات سعاد علوي خطر هذه الآفة على الشباب في مدينة عدن، وقررت تقديم يد العون في توعية الشباب حول مخاطر التعاطي الصحية والنفسية وآثاراها على المجتمع وأهمية الابتعاد عن أي مواد قد تؤدي إلى الإدمان.
سعاد علوي حسين القاضي، تعرف في مدينة عدن جنوب اليمن بكونها إحدى ناشطات الحراك السلمي الجنوبي الذي انطلق في عام 2007، للمطالبة باستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ومع تقربها أكثر من تجمعات الشباب في الفعاليات والاجتماعات ومراقبتها لحال الشباب وأثر الصراعات السياسية عليهم لاحظت أن هنالك تدمير ممنهج للشباب من قبل أطراف مجهولة تتاجر بالمخدرات مستهدفة الفئة الشابة.  
بداية العمل في التوعية 
حاولت سعاد علوي قبل البدء بالتوعية التوجه إلى أفكار أخرى قد تساعد في إشغال الشباب وتوفير فرص عمل جيدة لهم، ولكن كانت مساعيها غير قابلة للتحقيق في عام 1997ـ 1998 إلا أنه كانت المنظمات الدولية تهتم بتقديم مشاريع للاجئين ولا تستطيع تقديم العون لأبناء البلد مما جعلها تتجه إلى قرار التوعية.
حرصت على جمع المعلومات التي تتعلق بكافة أنواع المخدرات التي تتسرب إلى مدينة عدن تحديداً، والشروع في توعية الشباب، وقد تمكنت من عقد أولى محاضراتها بشكل علني مطلع العام 2012، واستمرت في عقد المحاضرات التوعوية التي تهتم بمكافحة المخدرات والتوعية من مخاطرها.
وبعد عدة مشاركات قررت إنشاء "مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات" في 29 كانون الثاني/يناير 2013، ودشنت أولى حملاتها التوعوية ضمن المركز في الأول من حزيران/يونيو 2013، وقد شملت الحملة مختلف مديريات عدن واستمرت لمدة شهر لتعريف المجتمع بأنواع المخدرات ومخاطرها، وواكبت الحملة احتفالات اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والإتجار غير المشروع بها الذي يصادف الـ 26 من حزيران/يونيو من كل عام.
وكان مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات أول مركز ومنظمة مجتمع مدني على مستوى اليمن شمالاً وجنوباً متخصص بالتوعية من خطر المخدرات يحتفي باليوم العالمي لمكافحة المخدرات.
نشاطات المركز 
تميز مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات بأن نشاطه يركز بالدرجة الرئيسية على الحملات والفعاليات التوعوية من خطر المخدرات وما ينتج عنها من سلوكيات سلبية كارتكاب الجرائم والانتهاكات الجنسية وغيرها، كما أن التوعية تستهدف الفئة الشابة والمراهقين والأطفال من الجنسين في الجامعات والمدارس والأندية الرياضية وحتى في الساحات العامة والحدائق، كذلك الفئات المجتمعية الأخرى كالأسر والمعلمين وأئمة المساجد والموظفين في مرافق العمل.
وتسعى سعاد علوي من خلال الفعاليات إلى تقديم المعلومات من خلال شاشات العرض التي تحتوي أفلام توعوية تعبر عن ظاهرة انتشار المخدرات وأضرار التعاطي كما أن المركز تمكن من خلق أنصار كثر من الجنسين يشاركون في بعض فعاليات المركز وحملاته لتوزيع النشرات والملصقات، أو المشاركة في الغناء والمسرحيات التوعوية، كما أنها تتمسك باقتراح إدراج مادة أساسية في جميع المستويات الدراسية تُعنى بالتوعية من خطر المخدرات مما سيعزز من رفع وعي الشباب والأطفال وجعلهم يدركون خطورة الإدمان.
وعلى الرغم من أن المركز يعنى بالتوعية إلا أنه يستقبل حالات تعاني من الإدمان ويساعدها على التعافي من خلال تقديم النصائح والجلسات الفردية والتوعية الطبية بشكل طوعي وقد أسهم ذلك في تعافي العديد من الشباب الذين وقعوا في شباك الإدمان، كما أن المركز يتيح لهم الانضمام إلى طواقم التوعية المتطوعة التي تشارك في الحملات والمحاضرات التي يقيمها المركز.
القات والتحديات الأخرى  
حظيت شخصية "سعاد علوي" بترحيب كبير من قبل المجتمع لكونها من النساء المناضلات اللاتي سجلنَّ حضور على الصعيد المحلي ولم تتعارض رسالتها مع الوضع الحقيقي لكون المخدرات قد بدأت بالانتشار فعلاً وبدأ الكثير من الناس يدركون خطرها على الفئة الشابة.
وفي لقاء معها قالت سعاد علوي "إن التحدي الحقيقي الذي واجهته هو إقناع المجتمع بأن القات هو أحد أنواع المخدرات ولازال الكثيرون إلى اليوم يرفضون التسليم بذلك الأمر... وكما ترون انتشار تعاطي القات له تأثير كبير وخطير على حياة نسبة كبيرة من السكان ويتسبب بالعديد من الأمراض والفقر لكونه يهدر أموال متعاطيه بشكل ملحوظ ويؤدي الى ارتفاع نسبة المشاكل الأسرية والطلاق وتشرد الأبناء، هذا غير أن أغلبية متعاطي القات لا يتعاطونه وحده بل يتعاطون معه أنواعاً أخرى من المخدرات مثل الشمة والأدوية المخدرة خصوصاً مسكنات الألم والكحول والحشيش وغيرها".
وعن التحديات التي واجهتها خلال عملها في المركز تقول "إن أصعب تحدي لنا هو أننا المركز الوحيد المصرح له بالعمل من منظمات المجتمع المدني، ورغم النشاط الكبير الذي لم يتوقف منذ أكثر من سبع سنوات وتوسع رقعة نشاطنا في عدن وبقية المحافظات الجنوبية إلا أننا وإلى اليوم لا نحصل على أي دعم مادي من قبل أي منظمة دولية من المنظمات العاملة في بلادنا حتى المنظمات التي تعنى بحماية الأطفال والشباب والمرأة... كغيرنا من منظمات المجتمع المحلي، وهذا يسبب لنا ضغط كبير جداً فنحن نعتمد فقط على التبرعات من بعض الأشخاص وهذه التبرعات زهيدة ومتقطعة لا تستمر دائماً وهنا يكون العمل متعب ومكلف علينا كمتطوعين". 
الأهداف المستقبلية 
أشارت رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات سعاد علوي أن أحد أهم أهدافهم المستقبلية هو إنشاء مركز للعلاج حيث يعد ذلك ضرورة حتمية في هذه الفترة خصوصا مع تزايد انتشار المخدرات وتزايد عدد المدمنين عليها، وقالت "نحن لدينا تصور كامل عن المركز لكن لم نجد الجهة الداعمة لهذا المشروع الذي سيحدث نقلة نوعية لنشاط مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات فإلى جانب التوعية سيكون هناك العلاج والتأهيل ومساعدة المتعافين للعودة والاندماج بالمجتمع دون خوف من العودة إلى المخدرات. لذلك ربما تصل رسالتي وأجد الجهة التي تساعدني لإنشاء مركز العلاج من الإدمان وإعادة التأهيل، فهذا حلمي الذي أتمنى أن أحققه في حياتي، فنحن نخسر العديد من أبنائنا وبناتنا بسبب توفر المخدرات وانعدام وسائل العلاج، لا نريد أن نخسر أكثر كفى".
وقد تمكنت قوات الأمن بمدينة عدن في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2020 من ضبط أكبر شحنة مخدرات في ميناء عدن والتي كانت حوالي ربع طن من الكوكايين، كانت مخبئة داخل أكياس للسكر محملة في 15 حاوية قادمة من البرازيل، فيما تقول روايات أمنية أن الشحنة كانت عبارة عن 3 أطنان من الكوكايين.