نساء تطالبن بوسائل نقل آمنة وتجدن أن الشارع بات يقيد تحركاتهن
تعاني النساء في وسائل النقل العام منها والخاص من ممارسات جعلتهن يتوجسن خيفة أثناء انتقالاتهن سواء كان الأمر للدراسة أو العمل أو غير ذلك.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تتعرض الفتيات والنساء لممارسات تنال من حقوقهن الإنسانية في وسائل النقل وقد حدث جدل واسع مؤخراً حول الخاص منها كذلك وهو الأمر الذي دفعهن للعمل من أجل حماية ذواتهن بطرق عديدة.
آثرت بعض النساء عدم الخروج للعمل والبحث عن بديل منزلي وأخريات قررن خوض غمار الصراع اليومي، مطالبات بحقوقهن في المعاملات المدنية بالطرقات العامة وفي مختلف المجالات، معتبرات أن ما يحدث أمر عرضي يمكن العمل على تغييره.
بينما رأت أخريات أن الأمر بات يحتاج لتدخل والتعامل مع الأزمة بشكل جذري ببحث مسبباتها والمتعلق جانب كبير منها بنظرة المجتمع الدونية للمرأة والحط من شأنها مقارنة بالرجال، الأمر الذي دفعهن للعمل من أجل تربية جيل جديد يحترم النساء ويقدر أدوارهن المجتمعية.
الانتهاكات التي تحدث في وسائل النقل تعود للتربية
قالت دعاء سمير، وهي امرأة عاملة، إن وسائل النقل غير آمنة للنساء والكثيرات تتعرضن لانتهاكات من الرجال أو الشباب أو الفتية، وعلى رأسها التحرش سواء كان لفظي أو جسدي، مؤكدة أنها رأت كيف يستغل عدد كبير من الرجال الزحام في التعدي على النساء وملامستهن، الأمر الذي جعل عدد كبير من الفتيات لا تفضلن الانتقال بها خاصة في المسافات الطويلة.
ورغم ما تتعرض له الفتيات والنساء من مواقف صعبة، إلا أن أغلبهن تضطر لصعودها لأن البديل عنها تكلفته أكبر من قدرتهن المالية "ايه اللي ممكن تعمله البنت اللي بتنزل كل يوم لدراستها ولا اللي بتشتغل أكيد مش هتتحمل تكلفة تاكسي والأسعار كل يوم بتزيد بالشكل ده"، بحسب ما قالته دعاء سمير.
وفيما يتعلق بالحلول، أكدت أنه لا جدوى من الحديث عنها لأنه في ظل ثقافة جانب منها كبير يبرر جميع تصرفات الرجال حتى وإن كانت في تعديهم على حقوق النساء بوسائل النقل العامة مرجعة سبب ذلك للتربية وباعتبارها الوسيلة الأهم في التعامل مع تلك الأزمة وتفاديها في الأجيال الجديدة.
هناك لوم للمرأة حتى وإن كانت ضحية تحرش أو عنف
من جانبها كشفت سناء مصطفى من مدينة القليوبية، أن وسائل النقل بمختلف أنواعها شديدة الازدحام وفي حال اعتراض النساء على تكدسها عادة ما يخرج صوت يخبرهن بالتوجه لوسائل النقل الخاصة مرتفعة السعر.
وأضافت "رأيت امرأة برفقة 4 أطفال في باص كبير ومن المتعارف عليه أن الصغار به لا ندفع لهم أجرة لأنهم يقفون ولا يشغلون الكراسي والسائق ظل يعنف المرأة لكونها انجبتهم وتتحرك بهم وسط الجميع لدرجة أنها كادت أن تبكي حينما أخبرها أن عليها ركوب تاكسي بدلاً من شغل المواصلات بأطفالها ولم يكتفي بذلك بل ظل يوجه عبارات قاسية لأولادها طوال الطريق".
وأكدت سناء مصطفى أن التحرش أصبح سلوك طبيعي في وسائل النقل وأن السلبية طغت إلى حد كبير فلم يعد هناك دعم للنساء ومن تحاول منهن الوقوف لمعتدي تنهال عليها عبارات اللوم وكأنها مذنبة.
واعتبرت أن الأوضاع الاقتصادية والحاجة للعمل مسببات رئيسية لمواصلة النساء للخروج إلى العمل رغم ما قد تتعرضن له من انتهاكات، وأنهن قادرات بإصرارهن على تحقيق طموحاتهن في سوق العمل رغم ما يصادفنه من صعوبات وتحديات سواء في وسائل النقل أو في بيئة العمل ذاتها.
العديد من النساء تعزفن عن الذهاب للعمل بسبب المواصلات
بدورها قالت رانيا محمد، أنها عانت لسنوات من وسائل النقل وتعرضت للكثير من الأزمات التي جعلتها تقرر عدم ركوبها والاستعاضة عنها بالمشي أو وسائل النقل الخاصة.
وأضافت أنها تركت عملها الذي كان يضطرها لركوب وسائل النقل بشكل يومي وبحثت عن بدائل من المنزل كي تضمن مصدر دخل، لكن هذا لا يمثل حلاً بل يجب أن تتم مناهضة تلك الظاهرة المستشرية، وتوعية المجتمع بمخاطرها.
وبينت أن الأمر يتعلق بالثقافة السائدة التي تسمح بانتهاك مساحة النساء الخاصة والتعدي عليهن لدرجة جعلت التحرش على سبيل المثال مشهد معتاد "هناك عدائية مع النساء في وسائل النقل وكأن الرجال يتعرضون لها حتى لا تخرج من بيتها مرة أخرى باعتبار المرأة تزاحمهم في العمل والطرقات وكأنها عالة عليهم ومكانها البيت كما سمعت مراراً في الطرقات".
ولتغيير ذلك الواقع أجمعت المشاركات على أن الأمر يتطلب تدخل قانوني حاسم للحيلولة دون الممارسات الضارة التي تتعلق بالنساء في المواصلات العامة، وكذلك العمل من أجل تغيير وعي وثقافة المجتمع تجاه المرأة العاملة للتعامل مع النظرة النمطية لها وأيضاً التعامل معها بدونية والتبرير للمعتدي وغير ذلك من ممارسات.