عن الأمان الرقمي وأهميته للنساء

في الوقت الذي أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الانترنت مسيطرة على جميع مناحي الحياة وتستخدم في التواصل والعمل وحتى للتعليم والصحة

رفيف اسليم
غزة ـ ، أصبح من الضروري أن يعلم المستخدم كيف يحمي بياناته، وخاصة النساء اللواتي يعتبرن الطرف الأضعف، فتسريب البيانات أو بعض الصور تمثل كارثة بالنسبة لهن وقد يعرضهن للوقوع في مشكلات التحرش والابتزاز الرقمي.
 
 
سلوى معمر البالغة من العمر (24) عاماً، تنبهت لتلك المشكلات وقررت تنفيذ مبادرة تحت عنوان "وعيك بيحميكي" ضمن أنشطة مركز الإعلام المجتمعي، وقد اختصت بفئة طالبات المدارس بالمرحلة الثانوية باعتبارهن الفئة الأكثر حساسية في التعامل مع تلك التطبيقات والبرامج على حد قولها، مشيرةً إلى أن الفكرة خطرت لها بعد تحول التعليم لإلكتروني إثر جائحة كورونا وأصبحت جميع الفتيات يمتلكن هواتف ذكية ويستخدمن الانترنت بلا حدود وربما بلا ضوابط.
وتوضح أن التوعية وتعليم بعض ضوابط الاستخدام للفتيات حاجة ملحة لذلك فكرت بتلك المبادرة التي تم تطبيقها على 5 مدارس مقسمة على جميع مناطق غزة فبدأت الشمال، الوسطى، رفح، خانيونس إضافة للمحافظة الرئيسية، مشيرةً أن اختيار الفصول كان عن طريق القرعة أيضاً لاختيار الطالبات اللواتي سيتلقين دورة الأمان الرقمي لأنه من الصعب الوصول لجميع الفتيات بالمدارس.
وكانت محاور تلك الدورة حسبما أشارت سلوى معمر حول كيفية حماية الفتيات لحساباتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعريفهن أيضاً ببعض القضايا الشائعة والتي تم استحداثها وفقاً لزيادة الاستخدام مثل الحقوق الرقمية والجرائم الإلكترونية والتجسس والتنمر والتحرش الإلكتروني، لافتةً أنها صدمت عندما وجدت واحدة فقط من كل مجموعة تعرف كيف تحمي حساباتها وتشاركهم القليل من المعلومات حول تلك الموضوعات، بينما كانت الأخريات منصتات فقط.
وتخلل التدريب تعليم الفتيات كيف ينشئن كلمة سر قوية وتغيرها من وقت لآخر مع أشخاص قريبين منهم ويثقون بهم لاسترداد الحساب في حال سرقته، مع سماع بعض التجارب التي قد مروا بها ومحاولة إيجاد حلول لها، منوهةً أن العديد من صاحبات تلك التجارب لم يصرحنَّ أنهنَّ مررن بها بل كن يضربن المثل بأحد أقاربهن خاصة بموضوع التحرش الإلكتروني. 
وقد طلبت عدة فتيات من سلوى معمر الحديث معها على انفراد بعد انتهاء التدريب حسبما أشارت لنا، ليروين لها ما يحدث معهن بما يخص الابتزاز الإلكتروني وقد لفت نظرها قصة إحدى الفتيات التي طلبت المساعدة بخصوص مضايقات تصل إلى قريبتها من أحد الشباب بألفاظ نابئة وغير محتملة، مؤكدةً أن حل تلك المشكلات لن يتم سوى بمسح عقدة الخوف لدى الفتيات للحديث عن أنفسهن بجرأة وإنشاء حملات ضغط ومناصرة لإقرار قانون الجرائم الإلكترونية في فلسطين بشكل رسمي والعمل به. 
ولاحظت سلوى معمر أن الفتيات كان تركيزهن موجه إليها بشكل مبالغ فيه بل وطبقن الطرق التي علمتهن إياها طوال أيام التدريب لتتلقى رسائل نصية منهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات تمديد التمرين وعرض معلومات أكثر أهمية، مشيرةً أنها قد دربت الفتيات على كيفية إنشاء محتوى هادف عبر تلك المواقع مع تخفيض ساعات استخدامها ليتمكن من إنجاز أمور أكثر أهمية كقراءة كتاب أو الدراسة بشكل مكثف لتحسين تحصيلهن العلمي.
وعمدت سلوى معمر إلى ترك نسخ من المواد التي قدمتها خلال الدورة التدريبية رفقة الفيلم القصير الذي تم عرضه مع المشرفة الاجتماعية في كل مدرسة من المدارس الخمسة، لتتولى المشرفات فيما بعد تقديم تلك المواد للطالبات مع كتيبات إرشادية وأرقام للتواصل مع المركز في حال تعرضت إحدى الفتيات للمضايقة ولم تعرف كيف تتصرف، مثمنةً دور وزارة التربية والتعليم والمعلمات في المدراس لتسهيل المعاملات وإتمام تلك الحملة. 
على الهامش حاولت وكالتنا التواصل مع إحدى النساء اللواتي تعرضن لمشاكل إثر استخدامهن لمواقع التواصل الاجتماعي، فتقول (م.ح) البالغة من العمر (28) عاماً، أنها تستخدم تلك المواقع منذ سنوات وكانت تظن أنها قادرة على حماية حساباتها بالشكل الأمثل، لافتةً أنها كغيرها من الفتيات تعرضت لمضايقات من قبل بعض الأشخاص لكنها لم تعرها اهتماماً بل اكتفت بعدم التعامل مع الروابط مجهولة المصدر.
وتوضح أنه في يوم أرسل لها صورة غير واضحة فحاولت فتحها للتأكد من المحتوى ليكون الفخ الذي تسبب في سحب كافة البيانات والصور عن جهازها اللوحي، مشيرةً أن المخترق طلب مبلغ من المال وهددها بالتسريب وبالفعل تركت له المبلغ في مكان متفق عليه، ثم بعد ذلك طلب أن يراها وإلا سيقوم بنشر الصور الأمر الذي جعلها تستنجد بصديقتها التي تدرس القانون لتأمرها على الفور بالتوجه لدائرة الجرائم الإلكترونية وبالفعل تم حل الأمر.
وتشير (م.ح) إلى أنه وبالرغم من أنه تم حل المشكلة إلا أنها لا تزال حتى اليوم تستذكر معاناتها طوال شهرين وهي تحاول استعطاف المجرم بأن يتركها بحال سبيلها، وماذا سيكون ردة فعل أسرتها عند معرفة الأمر، موصية أن تصبح مادة التثقيف والأمان الرقمي مقرر أساسي يدرس للفتيات في المدارس لمنع استغلالهن والحديث أكثر عن دور دائرة مكافحة الجرائم الإلكترونية في ملاحقة المجرمين وحماية الفتيات.