متطوعات تحت وطأة الاستغلال والحرب في قطاع غزة

أكدت المتطوعة أميرة عطا الله، أن إيمان الفتيات بفكرة أن التطوع من الأسس تعزز المجتمعات وتحقق فوائد عديدة وأن رغبتهن في مساعدة المحتاجين يدفعهن للتطوع في مؤسسات لتقديم خدمات إغاثية للآخرين رغم المخاطر.

رفيف اسليم

غزة ـ في ظل استمرار الحرب منذ أكثر من عام بقطاع غزة شاركت النساء الفلسطينيات بمد يد العون للنازحين والمتضررين، من خلال تقديم مساعدات إنسانية لهم، وسط غياب مختلف الخدمات الأساسية ونفاذ الاحتياجات اليومية للفلسطينيين.

يعد التطوع من الركائز التي تدعم المجتمعات وتحقق لهم فوائد عديدة، خاصةً عندما يكون للشابات أدواراً فعالة لا يمكن الاستغناء عنها، لكن متى يتحول التطوع من نعمة لنقمة؟، وكيف يكون التطوع تحت نيران الحرب في ظل إبادة مستمرة منذ أكثر من عام ونصف مدمرةً مدينة بأكملها تضرب دون استثناء أي مناطق إنسانية آمنة؟

وأفادت المتطوعة في مؤسسة تقدم خدمات إغاثية، أميرة عطا الله أن هناك أسباب كثيرة قد تدفع الفتيات للتطوع تحت نيران الحرب المشتعلة، أهمها إيمانهن بالفكرة ووجود فئات تستحق الدعم والمساعدة، لافتةً إلى أنه لو اختفت المتطوعات وامتنعن عن القيام بأدوارهن لن تقدم الخدمات الإغاثية والنفسية للكثير من الفئات، حيث سيتركن ليأكلهن شبح الخوف والجوع والضغوطات النفسية التي لا تنتهي.

وأوضحت أنها قبل الحرب كانت تعمل بائعة في أحد المحال التجارية، لكن ما إن بدأت الحرب حتى فقد الجميع عمله وهي كذلك ليصبح لديها 24 ساعة فارغة لا تجد ما تفعله خلالها سوى النوم وتأمل السقف وترك نفسها للوقت، فضلاً عن الخوف والقلق من التفكير في أي غارة يا ترى ستقضي نحبها، وما الذي ينتظرها في الغد.

وقالت إنها اختارت التطوع في مؤسسة تقدم خدمات إغاثية بعد أن عاشت النزوح وشاهدت أوضاع النازحين في بداية الحرب الذين لم يلتفت إليهم أحد خاصة النساء والفتيات، اللواتي وجدن صعوبة بالغة في التأقلم مع العيش بمراكز النزوح، منوهةً أنها بدأت منذ 6 أشهر واستمرت بتقديم خدمات مختلفة منذ ذلك اليوم.

وأشارت إلى أن استفادت في عملها التطوعي من علاقاتها المتعددة التي استخدمتها في خدمة النساء والأطفال المحتاجين، مضيفةً أنها ما قبل العمل في المؤسسات كانت تشارك صديقاتها للعمل في مبادرات فردية، لكنها وجدت أن الدعم الذي تقدمه المؤسسات أكبر ويمنحها مساحة أوسع في اختيار شريحة أوسع من المستفيدات وعدد أكبر من الطرود الصحية والغذائية وخدمات الدعم النفسي.

وأضافت أن الاستهدافات المكثفة والغارات التي تطال كافة مناطق شمال قطاع غزة تمثل عائق أساسي، بعدم الشعور بالأمان وأنه في أغلب الأحيان قد يسحب منها القدرة على مواصلة عملها، وتضطر لإلغاء الفعالية كما حدث معها يوم اجتاحت القوات الإسرائيلية منطقتي الزيتون والشجاعية شرقي قطاع غزة في وقت زيارتها لمنطقة دير اللاتين.

ولفتت إلى أن انعدام المواصلات في الشمال مشكلة أخرى، كون المؤسسات لا توفر لدى العاملين لديها مواصلات تأمن وصولهم من منازلهم لمناطق مختلفة، وأنه انتهاك بارز للمتطوعات حيث تضطررن للمشي على أقدامهن في غالبية الحالات، وهذا ما سبب عزوف للكثير من المتطوعات في المجال. 

واعتبرت نظرة المجتمع السلبية هاجس آخر بالنسبة للمتطوعات، حيث أنه دوماً يوجه لها الشتائم عندما تنفذ المساعدات وتطلب من بعض العائلات الانتظار لوقت إضافي ظناً منهم أنها لن تقدم المساعدة، وهذا ما يجعل الضغط النفسي الذي تكابده، يزداد في ظل الأحداث الصعبة، من قتل ودمار ممنهج لا يستثني بشر أو حجر أو شجر بالمدينة.

وأوضحت أميرة عطا الله أنها تتقاضى مبالغ مالية بسيطة كمكافئات على فترات متقطعة لا تغطي احتياجاتها، لكنها تقوم بالعمل التطوعي لأنها تأمن بأهمية الفكرة متغاضيةً عن حقوقها، فبحسب القانون الفلسطيني بعد ستة أشهر متواصلة من العمل كمتطوعة يحق لها ولغيرها من الفتيات أن يصبحن عاملات تتقاضين راتب في تلك المؤسسة.

وأشارت إلى أنه ليس لديها علم بنصوص القانون الفلسطيني المتعلقة بالعمل التطوعي، أو النصوص القانونية التي تكفل حقها بالعمل، مشددةً على أنه يجب بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة أن تعمل المؤسسات النسوية والمجتمع المدني حول التوعية القانونية للنساء والفتيات بالعمل.