'النظرة النمطية للنساء في الإدارة يمكن كسرها بالوعي والعمل الجاد'

في قلب المؤسسات التعليمية، حيث تتشكل ملامح المستقبل وتُغرس قيم العدالة والمساواة، تخوض النساء معارك يومية لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تُحدث فرقاً عميقاً في بنية المجتمع.

أسماء فتحي

القاهرة ـ خلال الفترة الأخيرة، شهدت المرحلة الابتدائية تحديداً الكثير من النقاشات حول ما قد يتعرض له الطلاب في هذا السن المبكر من اعتداءات، فضلاً عما أثير في الدراما المصرية من وقائع تحرش للأطفال ومنها مسلسل "لام شمسية" وما تلاه من تنويه في عدد من البرامج والمسلسلات.

سلطت وكالتنا الضوء على آليات الحماية التي تقوم بها المدارس الحكومية للأطفال في المرحلة الابتدائية تحديداً عقب الجدل الواسع الذي أثير مؤخراً بشأن الأطفال والانتهاكات التي يتعرضون لها في المدارس.

في حوار مع وكالتنا، تطرقت جيهان محمد محمود لعدد من الأزمات والتحديات التي تواجهها النساء في العمل الإداري وما يواجهنه من عقبات خاصة إن كن يسلكن سلم التصعيد الوظيفي ويرأسن إدارات تعليمية ذات كثافة طلابية عالية.

 

كإدارية في حي "الورَاق" الذي يغلب عليه الطابع الشعبي، ما هي أبرز التحديات التي تواجهكِ كونكِ امرأة في هذا المنصب؟

في البداية كان هناك تأثر بما يرونه الآخرين عن النساء ومحدودية قدراتهن مقارنة بالرجال خاصة في المناصب الإدارية، ولكن مسيرتي المهنية ساعدتني على تخطي ذلك، حيث كنت معلمة ثم كادر وبعد ذلك أصبحت إدارية للمرحلة الأمر الذي أكسبني خبرة التعامل مع الأهالي في المناطق الشعبية.

وهناك الكثير من أولياء الأمور عند قدومهم لحل مشكلة عادة ما يكون لديهم انطباع بأن كونني امرأة لن أتمكن من الوقوف على أية حلول.

فإدارة الورَاق التعليمية تضم نحو 22 مدرسة ابتدائية صباحي ومسائي والقدرة على التعامل مع المشاكل التي تحدث بتلك المدارس كفيل في عام واحد أن يغير النظرة السائدة، فضلاً عن التمكن من التعامل مع المواقف المختلفة فهذا الأمر الذي جعلت الإدارة التي أعمل بها لا تهتم للفروق الوهمية حول قدرات القائم على المهام رجلاً كان أو امرأة.

 

بعض النساء في مسيرة عملهن يقفن للبحث عن مخرج للصور النمطية التي تحيط بهن، هل تعرضتِ لذلك ومتى نجوتِ من تلك الأفكار؟

بالفعل يحدث ذلك من حين لآخر خاصة أن عمري أصغر ممن يتقلدون نفس منصبي والأمر يشكل تحدي كبير وعادة ما يظن المحيطين بي أني لستُ كمن هم حولي من الذكور.

مع الوقت والنقاشات وإثبات قدراتي في العمل ومعرفتي التامة بالإدارة، فضلاً عن السعي الدائم لتطوير ذاتي من دورات تعليمية وخبرات وغيرها الكثير من الأمور التي أسهمت في رفع كفاءتي ومكنتني من التواجد بقوة على الساحة المهنية.

ومعايير الرجل والمرأة باتت واهية خاصة أن هناك العديد من الرجال يتقلدون مناصب وليسوا على نفس درجة كفاءة النساء وعادة الواقع والممارسة والعمل ما يفند من هم أهل للثقة ويعملون بجد وغيرهم من الضعفاء وتلك مرحلة قد تخطيتها منذ وقت طويل بقدراتي في العمل وما أحققه عادة واضيفه من تغيير وتطوير.

فهناك معلمات بالفعل رائعات ولديهن مهارات وقدرات كبيرة، إلا أنهن لا يرغبن في التدرج الإداري نظراً لما قد يقع عليهن من أعباء إضافية.

والنساء تمكن من تحقيق ذواتهن في مختلف المناصب وحصلن على الكثير من الامتيازات التي مكنتهن من المنافسة الحقيقية.

 

ما هي أبرز التحديات التي تواجهها النساء في المناصب القيادية؟

كثيرة هي التحديات التي تواجهها النساء خاصة إذا ما تولوا منصب قيادي الأمر الذي يجعلهم دائماً في مأزق بين القدرة على تلبية التوقعات المرجوة منهن والتي عادة ما تفوق قدرة الشخص العادي رجلاً كان أو امرأة، وبين التنميط والدور الرعائي المفروض اجتماعياً عليها.

وواحدة من أبرز تلك التحديات أن تكون المرأة مستعدة طوال الوقت لأي عمل يطلب منها دون الالتزام بمواعيد محددة، وفي العملية التعليمية هناك طلبات عاجلة طوال الوقت وهو ما يعد عبء على الكثيرات ممن يشغلن مناصب إدارية في قطاع التعليم بشكل عام.

وهناك حسابات تتعلق بكون المسؤولة امرأة مما يجعلها دائماً تحت الضوء وعادة ما تطلق عليها انطباعات الأشخاص الفردية فعادة ما يواجهن عبارات من نوعية مثل "انتِ ست وكدة كدة مش هتعملي كذا أو انتِ ست ويا ريتك راجل كنت عرفت أكلمك، مكانكم البيوت مالكم بالإدارة انتوا"، وغيرها من الجمل المحبطة.

 

انتهاكات عديدة تعرض لها الأطفال في الفترة الأخيرة ومنها التحرش، فكيف أثر هذا النمط من الاعتداءات على القطاع الحكومي وهل اتخذتم إجراءات لمواجهته خاصة في المراحل الابتدائية؟

نعم استوقفتنا تلك الوقائع وجعلتنا نبدأ في التربية الاجتماعية ورفع معدل وعي الأطفال في جميع الإدارات التعليمية، وفي الإدارة التي أرأسها تم الأمر بإشراف الاخصائيات الاجتماعيات مع الأطفال في جميع المدارس.

وعملية التوعية التي تمت للأطفال جانب كبير منها جاء باستخدام فيديوهات عن التحرش وتخلل ذلك مجموعات عمل والنقاش حول المساحة الخاصة للفتيات والفتيان.

وفي المدارس الحكومية الوضع مختلف كون هناك فترات صباحية ومسائية وأعداد كبيرة فهناك صعوبة كبيرة في وجود أماكن لا تحتوي على طلبة أو مدرسين تسمح بممارسة مثل هذه الاعتداءات ولكن العمل على الأمر جاء كإجراء وقائي وحمائي للأطفال.

كما أن معظم المدارس الحكومية باتت تحتوي على كاميرات يمكن لإدارة المدرسة أن يطلع عليها طوال الوقت، فضلاً عن التوعية الكبيرة التي باتت لدى أولياء الأمور نتيجة الدراما وما طرحته حول هذا الأمر وكذلك الحملات التوعوية التي أتت كواحدة من نتائج الانتهاكات التي تعرض لها بعض الأطفال مؤخراً وتحولت لقضايا رأي عام يتابعها الملايين في جميع المدن.