مريم بلعلاء: الناجيات من العنف غير محميات

طالبت رئيسة مركز نساء في شدة مريم بلعلاء، تقديم إجراءات الحماية والدعم النفسي والمرافقة الاجتماعية في مختلف القطاعات لحماية النساء من العنف

نجوى راهم 
الجزائرـ .
رغم تخصيص الدولة منذ أكثر من خمس سنوات قوانين تحمي المرأة من العنف، إلا أن الأرقام والإحصائيات في تزايد، فخلال 9 أشهر الأولى من عام 2021 سجل الدرك والشرطة 743.17 حالة عنف وقتل، وسجلت مصالح الدرك الوطني 12331 حالة، و5412 سجلتها المديرية العامة للأمن الوطني.
حول تزايد نسب ضحايا العنف قالت رئيسة مركز نساء في شدة مريم بلعلاء، لوكالتنا "أنه على الرغم من القانون الذي يجرم العنف ضد المرأة، إلا إن النساء ضحايا العنف غير محميات من معنفيهن". 
وأشارت إلى أن "العنف الآن أكثر وضوحاً من ذي قبل، لأن الناس يتحدثون عنه، بينما كان في الماضي من المحرمات، سواء داخل الأسرة أو في المؤسسات أو في الهياكل التدريبية".
وأوضحت أن مركز نساء في شدة هو مركز الاستقبال الوحيد للنساء ضحايا العنف، وأن جمعيتها وحدها من توفر الحماية للنساء اللواتي يقصدن المركز، منوهةً إلى أنه في ظل تزايد عدد النساء المعنفات كل يوم عن سابقه "لا توجد أي آليات حماية أو مبادرات لحماية النساء في الوضعيات الصعبة واللواتي يتعرضن للعنف".
وحول دور مركز إيواء النساء قالت "لقد التمسنا الارتفاع في نسب العنف من خلال عدد المكالمات الواردة إلى المركز من قبل الضحايا، وكذلك عبر الرسائل التي تتلاقاها الصفحة الرسمية للمركز على مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من النساء تملكن الشجاعة للتبليغ عن تعرضهن لعنف أسري أو اجتماعي أو غيرها من الاعتداءات"، لافتةً إلى أن هؤلاء النساء اللواتي يبلغن عما تتعرضن له لا تجدن الحماية الكافية لتحريريهن من المعتدين عليهن.
ولا يقتصر المركز على إيواء النساء الضحايا في مكان تواجدها فقط....، بل يستقل الضحايا من ولايات عديدة "الكثير من النساء من ولايات أخرى يأتين لتقديم شكوى ضد معنفيهن خاصةً بعد سقوط شكواهن في محل إقامتهن من قبل مصالح الشرطة التي تتذرع بأن تهديدهن بالقتل والتعرض لنوع من أنواع العنف ليست حجة كافية لتقديم شكوى، وهذا ما يجعلنا متأسفين لأننا لا يمكن أن نتواجد في كل ولاية من ولايات البلاد".
وأضافت "لا يمكننا أن نطلب من أي امرأة العودة إلى بيت الزوجية عندما تأتي وتقول إنها كادت أن تقتل على يد زوجها المعنف، وهنا تكمن المشكلة أين يمكن أن تلجأ لتنقذ حياتها أو تحمي نفسها من العنف الذي تعاني منه؟ كيف يمكنها الذهاب ومواجهة المعتدي عليها في المحكمة وهي تعلم أنه موجود في انتظار خروجها".
وأكدت على أن الجزائر كدولة متأخرة كثيراً في هذا المجال الذي لا يضمن للنساء أدنى وسائل الحماية من معنفيهن، مشددةً على ضرورة تسطير خطة عمل شاملة بإرادة قوية وفعالة من السلطات والمسؤولين من أجل القضاء على العنف، حسبما نصت عليه المادة 40 من دستور 2020 التي تلتزم فيها الدولة بحماية النساء من العنف ومرافقة الضحايا وضمان استفادتهن من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التكفل، ومن المساعدات القضائية. 
وأعربت مريم بلعلاء عن تخوفها كمديرة مركز استقبال للنساء ضحايا العنف، من بعض التهديدات والإهانات  التي تتعرض لها عضوات المركز من قبل المعنفين نتيجة استقبالهن ورعايتهن للمعنفات، مؤكدةً أنه لا يمكن المضي قدماً إذا لم يتم توفير الحماية والدعم لضحايا العنف، مبرزةً العديد من النقاط والمحاور التي يجب إعادة العمل عليها خاصةً فيما يخص استحداث مراكز إيواء لاستقبال ورعاية ضحايا العنف الجنسي وحالات الطوارئ من النساء والفتيات.
ونوهت إلى أن العنف بكافة أشكاله والذي تعاني منه المرأة منذ سنوات طويلة، ازدادت بعد انتشار جائحة كورونا، ليحتل العنف المنزلي والأسري المرتبة الأولى بين أنواع العنف الأخرى، وبحسب آخر الإحصائيات التي رصدها موقع فيسمينيد الجزائر لعامي (2020 ـ 2021)، فقد تم تسجيل مقتل أكثر من 80 امرأة من قبل أحد أفراد الأسرة "الأب، الأخ، الزوج"، مشددةً على أن كل من ساهم في التستر على الجريمة يعد شريك في ارتكابها.
وشددت على ضرورة "توفير السلطات المعنية الحماية اللازمة والاستجابة لتطلعات ومطالب المجتمع المدني والمنظمات النسوية التي تهتم بقضايا المرأة وحقوقها من أجل إيجاد حلول ومقترحات لإدماج الناجيات من العنف في المجتمع، وتكثيف الجهود للدفع بالمشرع إلى وضع إجراءات لحماية النساء من كافة أشكال العنف على نحو فعال".
ودعت السلطات والجمعيات المعنية بالدفاع عن النساء وحقوقهن لوضع قوانين رادعة واتخاذ إجراءات تحد من العنف ضد المرأة، وتوفير مراكز صحية لاستقبال النساء المعنفات، "يجب أن ينتهي هذا التراخي والتسامح الاجتماعي مع المعنفين والمجرمين في حق النساء والفتيات ضحايا العنف".
وقالت رئيسة مركز نساء في شدة مريم بلعلاء في ختام حديثها "نحن بحاجة إلى الدعوة لحماية النساء ضحايا العنف ورعايتهن رعاية شاملة خاصةً بعد عملي مع الكثير من النساء اللواتي جئن من أماكن بعيدة لمحاسبة مهاجميهم، لكن للأسف معظمهن استسلمن خوفاً من البقاء في الشوارع أو دون إقامة"، مطالبةً بتقديم إجراءات الحماية والدعم النفسي والمرافقة الاجتماعية في مختلف القطاعات لحماية النساء من العنف.