'لا تنخدعوا بوقف إطلاق النار فالحصار وجه أخر للحرب'

نساء غزة تحذرن من مجاعة ستسجل عشرات حالات الموت جوعاً إذا استمر الحصار المفروض على القطاع.

رفيف اسليم

غزة ـ في ظل الحصار الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة ومنع دخول المساعدات إليها هناك مجاعة غير مسبقة تلوح في الأفق، في ظل غياب أبسط مقاومات الحياة من ماء وغذاء.

تستمر القوات الإسرائيلية بإغلاق معابر قطاع غزة لليوم الثامن على التوالي في محاولة منها لفرض حصار مطبق على القطاع وتجويع المدنيين، لذلك باتت تواجه النساء مشكلة حقيقة في توفير الغذاء لعائلاتهن مع توقعاتهن بشبه مجاعة جديدة قادمة إذا ما استمرت الأحوال على هذا المنوال.

تقول سحر جمال أن غلاء الأسعار بات لا يطاق في المدينة المحاصرة فجميع السلع تضخم سعرها إلى ما يقارب الـ 200 بالمئة، عدا عن اختفاء الكثير من السلع مثل اللحوم والأسماك التي غابت عن معظم الموائد الرمضانية منذ خامس أيام شهر رمضان، في مدينة غزة التي تطل على ساحل بحر يقصف ويقتل كل من يقترب منه، فتحول اعتماد السكان على الخضروات.

وأضافت بالنسبة لها تتحمل الجوع والعطش لكن أطفالها لا يستطيعون صوم 14 ساعة ومن ثم الإفطار على بعض المعلبات، منوهة إلى أن جسدها هي وأطفالها لم يتخلص من سموم الأطعمة المعلبة بعد لتصطدم مرة بشبح تلك الأمراض التي تلازم من يفرط بتناول تلك الأطعمة بشكل دوري، موضحةً بأنها باتت لا تستطيع شراء الخضروات، وحتى الأجبان والألبان التي كانت تعتمد عليها في وجبة السحور اختفت من الأسواق، واصفة قدرتها على شراء اللحوم أنها إذا ما أرادات شراء دجاجة في هذه الوقت تحديداً فإنها بحاجة لاستدانة قرض من البنك.

تتحايل سحر جمال، على تلك الظروف بعودتها للأكلات التراثية الفلسطينية التي تعتمد على النباتات البرية المتواجدة بأراضي الخلاء مثل الخبيزة، السماقية، الفقعاية، اللسان وغيرها من الأكلات التي لم تكن تتناولها هي وأطفالها يوماً، لكنهم يجبرون يومياً على تناولها أو تناول شوربة العدس فهذا جل ما تستطيع أن تجود به على عائلتها خلال شهر رمضان.

ولفتت إلى أنه حتى المساعدات الإنسانية التي كانت تساعد على تدبر أمور الطعام والشراب انقطعت بفعل إغلاق المعابر، وقد فاقمت البطالة المتضاعفة منذ بداية الهجوم وفقدان الكثير لأعمالهم ومشاريعهم في تردي تلك الأوضاع المعيشية، فلا دخل للفرد يقابله تضخم أسعار جنوني وبطون خاوية يقتلها الجوع.

وتؤكد سحر جمال، أن "التصريحات الإسرائيلية لبعض القادة بأن قطاع غزة فيه طعام يكفيه لخمسة شهور هو تلفيق، فأي شخص عاقل ينزل لأسواق القطاع يدرك تماماً وضع مواطنيها المزري واستعدادهم لاستقبال مجاعة أشد فتكاً من سابقتها خلال أيام قليلة فقط وستعود لتسجل عشرات حالات الموت جوعاً للأطفال والنساء وكبار السن".

وتناشد العالم بالتحرك ولو بالتظاهرات أو بحملات الضغط والمناصرة عبر مواقع التواصل الافتراضي أو أي وسيلة أخرى يرونها مناسبة لفك الحصار المطبق على غزة وإنقاذ أهلها من خطر الموت جوعاً وعطشاً، "لا تجعلوا وقف إطلاق النار يغركم بعودة الحياة بشكل طبيعي في المدينة المحاصرة لأن الواقع مختلف تماماً".

 

 

بينما تؤكد ياسمين صالحة، على حديث سابقتها بتردي الأحوال الاقتصادية وتضخم الأسعار للسلع الأساسية بشكل جنوني، "لماذا يتم رفع سعر السلع بهذا الجنون وجميع البضائع كانت موجودة مسبقاً في قطاع غزة، وأين دور الرقابة في ضبط الأسعار ومحاسبة المخالفين للقوانين"، مشيرةً إلى أن العائلات التي عدد أفرادها 3 أشخاص فقط على سبيل المثال قد لا تتأثر بذلك التضخم لكن العائلات الكبيرة لن تستطيع سد احتياجاتها، خاصةً أن متطلبات شهر رمضان أكثر مقارنة ببقية الأشهر ولا تستطيع الأم أن تخبر أولادها بالامتناع عن الطلب منها فتبقى تلك الحيرة تلازمها طوال الوقت حول كيف ستدبر أمور يومها.

وتشعر ياسمين صالحة، بآلام حادة في معدتها بسبب الطعام الغير صحي الذي تتناوله لكنها تحاول التأقلم مع الوضع الحالي، لافتةً إلى أنها تتخوف من شبه المجاعة القديم الذي كان يسيطر في العام الماضي فتصوم وتفطر هي وأولادها وهم جياع، لكن اليوم مختلف فتعداد السكان في الشمال قد ازداد لذلك تتوقع ظروف أقسى من ذي قبل.

وعن كيفية تعامل الأمهات مع تلك الحالة، تشير إلى أن زوج ابنتها موظف ولكن لا يكفيهم الراتب سوى لعشرة أيام فقط فتضطر للبقاء هي وأطفالها في الخيمة طوال اليوم كيلا تخرج وتشاهد العائلات ماذا تطعم أطفالها كونها لا تملك مال لشراء أبسط الحاجيات لهم، موجهة رسالتها للعالم بالتحرك العاجل لفك المجاعة عن غزة وساكنيها.